اليمن: عرض عسكري غير مسبوق احتفالا بالوحدة ومصادمات في عدن تسفر عن 4 قتلى

الرئيس اليمني: الوحدة وجدت لتبقى * البيض يظهر في النمسا لأول مرة منذ 15 عاما ليطالب باستعادة دولة الجنوب

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خلال العرض العسكري الذي شهدته صنعاء أمس بمناسبة اليوم الوطني (أ.ف.ب)
TT

لقي 4 مواطنين في عدن أمس مصرعهم في صدامات بين قوات الأمن اليمنية ومتظاهرين في عدن خرجوا إلى ساحة الهاشمي بمدينة عدن للتظاهر مناهضة للوحدة اليمنية التي يصادف اليوم (الجمعة) الذكرى التاسعة عشرة لقيامها بتوحد شطري اليمن (الشمالي والجنوبي) في 22 مايو (أيار) 1990، بينما أكد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في كلمة ألقاها أمس في صنعاء على أن الوحدة اليمنية وجدت لتبقى. وقال شهود عيان في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن قامت، وفي وقت مبكر، من صباح أمس بمنع دخول حشود من المواطنين إلى مدينة عدن أو التنقل بين مديرياتها، وذلك بهدف منعهم من الوصول إلى مكان التظاهرة، وهو محطة السيارات التي تسمى «الهاشمي» التي يتخذ منها ما يسمى «الحراك الجنوبي السلمي» مكانا لإقامة فعالياته. ونقل عن مصادر حقوقية أن 4 أشخاص قتلوا برصاص الأمن وهم: عبد القوي محسن الطلالي، وأديب مثنى عبيد الحالمي، ومحمد ناصر الكلدي ومراد حيدر أحمد. وأضاف المرصد اليمني لحقوق الإنسان أنه رصد إصابة 56 مواطنا «بجراح متفاوتة جراء استخدام قوات الأمن العنف في قمع التجمع السلمي، وبلغ عدد المعتقلين الذين حصل المرصد على أسمائهم 85 معتقلا». وكانت صنعاء، وأثناء تلك المواجهات الدامية في عدن، تحتفل بالذكرى الـ19 لقيام الجمهورية اليمنية بعرض عسكري غير مسبوق في تاريخ اليمن. وعرضت وحدات رمزية من الجيش اليمني، تمثلت في مختلف تكوينات وألوية الجيش في ميدان السبعين يوما بقلب العاصمة صنعاء. وشهدت صنعاء عرضا عسكريا بمناسبة اليوم الوطني وقدمت مجموعة من المظليين من القوات الخاصة عروضا وتشكيلات وإنزالا جويا من على بعد 12 ألف كيلومتر وهبط المظليون بدقة أمام المنصة الرئيسية التي كان الرئيس صالح بها وكبار المسؤولين من عسكريين ومدنيين ودبلوماسيين وإعلاميين وقيادات حزبية وشيوخ قبائل، فيما أكد وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد في هذا الاحتفال العسكري على أن القوات المسلحة لن تألو جهدا في التصدي لكل من تسول له نفسه المساس بمقدرات اليمن ووحدته ومنجزاته ومكاسبه الوطنية وصيانة أمن البلاد، وقال إن المؤسسة العسكرية ستقف بالمرصاد لكل الحالمين بعودة عهدي التشطير والإمامة ومروجي ثقافة الحقد والكراهية من أصحاب الأفكار الظلامية المتطرفة ودعاة المذهبية والطائفية التي رفضها الشعب اليمني. وفي بيانه السياسي السنوي بمناسبة ذكرى الوحدة، قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إن المشروع الوحدوي هو «الحرية والديمقراطية والأمن والأمان والاستقرار والتنمية والتقدم والازدهار لكل أبناء الوطن، وهو أسمى وأكبر من كل المشاريع الصغيرة والضيقة التي تلهث وراء مصالحها الذاتية والنزعات الأنانية وممارسة الفساد والإفساد». وهاجم صالح خصومه الجنوبيين ووصف ما يجري في الجنوب بأنه «أحداث مؤسفة وناتجة عن أعمال الشغب والتخريب والتقطع من قبل بعض العناصر الخارجة عن الدستور والقانون، وحيث سعت تلك العناصر المأزومة إلى محاولة النيل من الوطن وسلامته وإثارة الفتنة ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء والنعرات المناطقية والشطرية والعنصرية، في محاولة بائسة لإعادة عجلة التاريخ في الوطن إلى ما قبل ثورة الـ26 من سبتمبر (أيلول) عام 1962.. والـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1963.. والـ22 من مايو (أيار) عام 1990.. وعرقلة جهود التنمية».

وفي إطار التطورات الجارية في جنوب اليمن والمناداة بما يسمى «فك الارتباط»، ظهر أمس ولأول مرة منذ 15 عاما، علي سالم البيض، نائب الرئيس اليمني، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني السابق، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في النمسا بعيد خروجه بوقت قصير من سلطنة عمان التي كان يقيم فيها منذ الحرب الأهلية عام 1994م. ودعا البيض في نفس اليوم الذي أعلن فيه انفصال الجنوب قبل 15 عاما، «الجنوبيين» جمعيا وأيضا من هم في السلطة إلى الالتحاق بما سماه «مسيرة التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب». وقال البيض إنه لن يشارك في السلطة «بعد التحرير» وأنه سيسلمها للرئيس علي صالح. وعقب إعلان القيادي اليمني الجنوبي مساعيه لـ «الاستقلال»، قالت وكالة الأنباء اليمنية سبأ إن سلطنة عمان أبلغت اليمن أنها قررت سحب الجنسية العمانية عن البيض الذي حصل عليها أثناء إقامته خلال العقد والنيف الماضي. ونقلت الوكالة عن مصادر عمانية قولها إن «البيض يعتبر منذ الآن مواطنا غير عماني ولا يتمتع بأي من حقوق المواطنة العمانية». أما الوكالة العمانية فنقلت بيانا عن شرطة عمان السلطانية حول موقف الحكومة العمانية تجاه إعلان علي بن سالم البيض العودة للعمل السياسي قال إن الجنسية العمانية قد سقطت تلقائيا حسب القوانين المعمول بها في عمان، وهو قد اتخذ قراره من دون إذن من السلطنة التي قصدها في عام 1994 من دون أي تشاور مسبق وستظل سلطنة عمان الجار الوفي لمواثيقها وتعهداتها لجيرانها ونتمنى لليمن الشقيق كل الخير والازدهار.

وفي خطابه، أكد الرئيس اليمني أن الوحدة اليمنية وجدت لتبقى، وأن الشعب اليمني سيتصدى لكل من يحاول النيل من ثورته وجمهوريته ووحدته ونهجه الديمقراطي، وقال إن الوحدة ستبقى الشمعة المضيئة التي لن تنطفئ، وستظل نبراس الأمل لأبناء اليمن والأمة العربية، وأن أصحاب المشاريع الصغيرة لن ينالوا من الوطن، وسوف يفشلون كما فشلوا في الماضي. وقال في خطاب إلى اليمنيين بمناسبة اليوم الوطني لليمن الذي يحتفل فيه بمرور 19 عاما على قيام الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو (أيار) من عام 1990 إن هذه المناسبة تأتي في ظل ظروف مهمة وتحديات كبيرة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي يمر بها اليمن، وفي الذروة من هذه الأمور، الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن الأزمة المالية العالمية وانخفاض الأسعار العالمية وإنتاج اليمن من النفط. وأشار إلى الأحداث الناجمة عن أعمل الشغب والتخريب والتقطع من قبل بعض العناصر الخارجة عن الدستور والقانون. وقال إن هذه العناصر المأزومة سعت إلى محاولة النيل من الوطن وسلامته وإثارة الفتنة ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء والنعرات المناطقية والشطرية والعنصرية في محاولة بائسة لإعادة عجلة التاريخ إلى ما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر وتحقيق الوحدة في مايو (أيار) من العام 90، فضلا عن عرقلة جهود التنمية في البلاد، ولكن الشعب اليمني سوف يتصدى لكل من يحاول النيل من ثورته وجمهوريته ووحدته ونهجه الديمقراطي. وقال: «أود أن أطمئن الجميع بأن لا خوف ولا قلق على الوطن وسلامته، وأن الوحدة راسخة رسوخ الجبال، وهي وجدت لتبقى، لأنها محمية بإرادة الله، وكل المخلصين من أبناء الوطن وبدعم من أشقائه وأصدقائه». وأعلن صالح أنه سوف يتم تدشين وافتتاح مشروعات إنمائية وخدمية بتكلفة تبلغ تريليون وسبعمائة وتسعة وعشرين مليار ريال يمني.