إسرائيل تقترح على أوباما إزالة البؤر الاستيطانية مقابل إلغاء تجميد البناء في المستوطنات

باراك يبدأ التنفيذ فورا ويتوجه إلى واشنطن للبحث في تفاصيل الاقتراح خلال أسبوعين

عمال فلسطينيون يهدمون بقايا مبنى كانت تستخدمه الحكومة المقالة في غزة قبل ان تدمره اسرائيل خلال الحرب، امس (إ ب أ)
TT

كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ونائبه وزير الدفاع إيهود باراك، أعدا اقتراح صفقة ستعرض على الإدارة الأميركية والرئيس باراك أوباما، تتضمن تعهدا إسرائيليا بإزالة البؤر الاستيطانية، وهي المستوطنات الصغيرة التي أقيمت في الضفة الغربية بمبادرة المستوطنين ومن دون تراخيص حكومية، مقابل تنازل واشنطن عن مطلبها الملح في تجميد البناء داخل المستوطنات التي تعتبر إسرائيليا «شرعية».

وقالت هذه المصادر إن قيام باراك بهدم بؤرتين، يوم الخميس الماضي، وإعلانه في اليوم التالي عن خطة لإزالة 26 بؤرة أخرى «بالتفاهم مع المستوطنين أو إخلائها بالقوة»، ما هو إلا بداية لتنفيذ هذه الصفقة والبرهنة على أنه هذه المرة جاد في تعهداته. ورد الأمين العام لمجلس المستوطنات، بنحاس فاليريشتاين، على هذه الصفقة بالقول إن «حكومة إسرائيل تغيرت فعلا إلى حكومة يمين، ولكن السياسة الاستيطانية لم تتغير، وما زالت تسعى إلى تجميد الاستيطان بشكل محزن، مثل الحكومة السابقة». بيد أن الأمين العام لحركة «سلام الآن»، يريف أوفنهايمر، اعتبر إعلان باراك «مجرد ألعوبة إعلامية»، وقال إن باراك كان وزيرا للدفاع طيلة سنتين في النصف الثاني من عهد إيهود أولمرت، ولكنه حرص خلالهما على سياسة «الكلام شيء والواقع شيء آخر، فهو تكلم عن إزالة البؤر وتجميد البناء في المستوطنات بينما في الواقع زاد البناء في المستوطنات وأحجم عن أي إجراءات تغضب المستوطنين». وأضاف أن باراك لا يعترف إلا بوجود 40 بؤرة، بينما حركته «السلام الآن» رصدت «ما لا يقل عن 102 من البؤر، أخطرها البؤر القائمة في تخوم القدس الشرقية، التي لا نرى الحكومة تحرك ساكنا لإزالتها».

يذكر أن البؤر الاستيطانية بدأت منذ سنة 1996، إبان حكومة بنيامين نتنياهو الأولى. وقبله كانت حكومة شيمعون بيريس (رئيس الدولة الحالي) قد اتخذت قرارا بتجميد البناء داخل المستوطنات القائمة، فرد المستوطنون المتطرفون بالاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية الخاصة والعامة، وبناء بؤر استيطانية في عشرات المواقع، ليس بهدف البناء والتجاوب مع احتياجات التكاثر الطبيعي، بل لتمزيق تواصل البلدات الفلسطينية وإنشاء تواصل وامتداد جغرافي ما بين المستوطنات. وتصاعد النشاط في هذا المجال في عهد أرييل شارون بشكل خاص (2001 ـ 2005) وسط موجة احتجاج واسعة، فاضطر في حينه إلى تشكيل لجنة تحقيق برئاسة مسؤولة كبيرة سابقة في النيابة العامة، طاليا ساسون، فأعدت تقريرا فاضحا قالت فيه إن الحكومة تتعاون مع المستوطنين في بناء هذه البؤر، رغم أنها غير قانونية وتزودها بالتيار الكهربائي والماء وخطوط الهاتف. فبدأت الحكومة تهدم بعضا منها، وهدمت فعلا 32 بؤرة، لكن المستوطنين أعادوا بناء 16.

وفي القدس الشرقية بالذات وبعض ضواحيها أقيمت بؤر استيطانية في عشرات المواقع، يسكنها اليوم نحو 1850 نسمة، ففي وادي الحلوة في حي سلوان يوجد 350 مستوطنا. وفي حارتي المسلمين والنصارى في البلدة القديمة، بجوار الحرم القدسي وكنيسة القيامة، يعيش أكثر من 900 مستوطن، وفي رأس العامود يوجد 250، وفي المقبرة القائمة بجبل الزيتون يعيش 15 مستوطنا، و15 في أبو ديس، و35 في حي الشيخ جراح، و20 في أبو طور، و155 في حي جبل الطور، و53 في جبل المكبر. وهذه البؤر القائمة في القدس لا يتحدثون عنها بتاتا عندما يذكرون البؤر الاستيطانية بدعوى أنها قائمة «في تخوم إسرائيل»، بعد أن ضموا القدس الشرقية. وحسب تقرير داخلي في الجيش الإسرائيلي يوجد حاليا 40 بؤرة، ثلاثون منها يسكنها مستوطنون يعتبرون «معتدلين» وتوجد إمكانية للتفاهم معهم حول إخلائها، شرط أن تنقل إلى أماكن أخرى في الضفة الغربية، وتوجد 10 بؤر أخرى يسكنها مستوطنون متعصبون لن يكون ممكنا إخلاؤهم إلا بالقوة. وتبدي حكومة نتنياهو اليوم استعدادها لإخلائها جميعا، شرط أن توافق الولايات المتحدة على استمرار البناء في المستوطنات الكبيرة التي تطالب إسرائيل بإبقائها في تخومها لدى تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في إطار تبادل الأراضي.