مصدر التسريبات التي هزت البرلمان البريطاني: لست نادما

قائد فرقة مهمات خاصة سابق كشف الفساد في مخصصات النواب

TT

بعد 16 يوما من نشر تفاصيل المئات من المخصصات التابعة للنواب البريطانيين، فجرت صحيفة «ذا ديلي تلغراف» مفاجأة جديدة أمس، بتوضيح مصدر تسريب المخصصات، جون ويك، قائد سابق لوحدة مهمات خاصة «اس أي اس» والمقرب من حزب المحافظين، وسبب تسريبه للمعلومات. وأكد ويك، أمس، «لست نادما» على الفوضى التي تسود الأوساط السياسية البريطانية، بل عبر عن «فخر» بالدور الذي قام به.

وقال جون ويك، في مقابلة خاصة مع صحيفة «ذا ديلي تلغراف» أمس، إن هدفه من تسريب المعلومات هو «الكشف عن الصلب العفن» للبرلمان، مضيفا أن بسبب هذه التسريبات والإجراءات التي تلتها «سيكون البرلمان مكانا أفضل، وعليه المجتمع سيكون مكانا أفضل». وتابع في المقابلة: «أحيانا يجب وضع حد ما، ووضع الشعب هذا الحد، هذا أمر جيد». ويذكر أن على خلفية فضيحة المخصصات، قرر رئيس البرلمان البريطاني مايكل مارتن، التنحي من منصبه الشهر المقبل. وكتب ويك، مقال رأي في الصحيفة نفسها أمس، موضحا أنه استلم مكالمة من مجهول بحوزته «كل وصل وكل طلب وكل رسالة بين النواب ومكتب المخصصات ـ حوالي 4 ملايين قطعة من المعلومات». وأضاف أن المكالمات الهاتفية «أظهرت أن المنشغلين مباشرة في العمل على المعلومات، شعروا بالصدمة مما رأوه» من مصرف النواب المعتمد على أموال دافعي الضرائب. وشرح ويك، في المقال المطول أمس، التفكير الذي كان وراء قبوله العمل كوسيط بين الذين حصلوا على المعلومات، التي وضعت على اسطوانتين مدمجتين، وبين صحيفة «ذا ديلي تلغراف»، قائلا: «من الواضح هذا أمر ذو أهمية عالية للرأي العام». ولفت إلى أنه حصل على تأكيدات بأن المعلومات لم تكن مسروقة، بل «نسخة غير مسجلة تم إنتاجها نتيجة للإجراءات الأمنية المرتخية وغير المهنية، المستخدمة في مجلس العموم» البريطاني. وبعد الحصول على نصيحة محامين، قرر العمل على توصيل المعلومات للرأي العام، على الرغم من التحذيرات من أنه قد يواجه تحقيقا من الشرطة البريطانية، وقد طلبت بالفعل الحكومة تحقيقا في القضية. وقال ويك: «تدريبي العسكري جهزني للأسوأ من زنزانة شرطة ـ والمصلحة العامة في نشر هذه المعلومات كانت واضحة». وبحسب الموقع الإلكتروني لشركة «الحلول الأمنية الدولية (انترناشونال سكيوريتي سولوشينز ـ أي اس اس ال)»، فإن هدفها «الاستعداد والحماية والمنع». ويقول الموقع، «بعد التقاعد من الجيش، أسس جون ويك، أي اس اس ال، يمزج بين جانبي الأمن والتأمين من أجل تقديم عروض فريدة للزبائن». ويذكر أن اسم ويك، كان قد ورد خلال الأيام الماضية في أوساط إعلامية بريطانية. وقالت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية، إن ويك، الذي يدير شركة أمنية في لندن، كان قد تقدم لها بعرض شراء وصولات النواب. وقالت الصحيفة، إنه عرض بيع الوصولات بـ250 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى 50 ألف جنيه إسترليني لتحليل المعلومات فيها. وأكدت «ذا تايمز» أنها رفضت دفع الأموال للمعلومات، وامتنعت سابقا من تسمية المصدر. وقال ويك، في مقاله أمس، إن «العقبة الأخيرة»، التي وقفت أمام قراره، العمل على نشر المعلومات هي علاقته بحزب المحافظين المعارض، الذي أحرج بسبب معلومات نشرت عن نوابه. وأضاف: «كان علي أن أضع ولائي السياسي إلى جنب، هذه فضيحة تمس كل الأطراف السياسية، وتصرفات بعض النواب من المحافظين تستحق التوبيخ، مثل نظرائهم من حزب العمال» الحاكم.

ومع تفاقم أزمة المخصصات، وفتح ملفات تحقيق مع عدد من النواب من الحزبيين الرئيسيين في البلاد، تزداد المطالبات بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وشن حزب المحافظين مساء أول من أمس، حملة جديدة للمطالبة بإجراء الانتخابات، وقال رئيس الحزب، ديفيد كامرون: «هناك طريقة واحدة للخروج من هذه الفوضى، وهي من خلال حل البرلمان، وإجراء انتخابات عامة فورا». ونشرت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية أمس، نتائج استطلاع للرأي، أظهر أن ثلثي الناخبين البريطانيين يطالبون بإجراء انتخابات قبل نهاية العام. ويذكر أن رئيس الوزراء غوردون براون، يملك حق تحديد موعد الانتخابات، على ألا تكون بعد 5 سنوات من موعد آخر انتخابات، وذلك الموعد يصادف يونيو (حزيران) 2010. وأظهر استطلاع الرأي أيضا، أن ربع الناخبين البريطانيين ينوون التصويت لصالح الأحزاب الصغيرة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، بدلا من الأحزاب الرئيسية. وتثير هذه النتائج مخاوف من وصول «الحزب البريطاني الوطني» اليميني المتطرف إلى البرلمان الأوروبي، في حال حصل رئيس الحزب نيك غريفين، على نسبة أقل بقليل من النسبة التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة، التي كانت 6.4 في المائة.

وبينما لم يتضح بعد موعد الانتخابات المقبلة، أعلن عدد من النواب البريطانيين، عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، والتنحي عن مناصبهم، بسبب تورطهم في فضيحة فساد المخصصات. وأعلن النائب المحافظ بيتر فيغرز، التي كشفت «ذا ديلي تلغراف» أنه حاول الحصول على مخصصات بقيمة 1645 جنيها إسترلينيا، من أجل بناء كوخ للبط في منزله، لكنه فشل، أنه لن يخوض الانتخابات المقبلة. وقال فيغرز أمس: «لقد اقترفت خطأ فاضحا وكبيرا»، مضيفا: «أشعر بالحرج واعتذر، لم يوافق مكتب المخصصات لطلبي لبيت البط»، لقد دفع ذلك بنفسه، وبالفعل البط لم يحبه، والآن في المخزن. ومن جهته، أعلن الرئيس السابق لحزب العمال، ايان ماكارتني، عزمه عدم خوض الانتخابات المقبلة. وعلى الرغم من تورطه في قضية المخصصات وإعلانه إعادة 15 ألف جنيه إسترليني للبرلمان، إلا إنه قال إن سبب التنحي يعود لتعب صحته.

وطالت قرارات عدم خوض الانتخابات المقبلة الدائرة المقربة من رئيس حزب «المحافظين» ديفيد كاميرون أمس، إذ أعلن مساعده السابق النائب أندرو ماكاي أنه سيتخلى عن مقعده البرلماني. وكان ماكاي وزوجته جولي كيركبرايد قد طالبا بمخصصات لمنزلين إضافيين، مما أثار غضب الناخبين. وقال ماكاي عصر أمس إنه قرر التنحي عن مقعده؛ «كي لا أكون مصدر تشويش» في الانتخابات المقبلة. وجاء قراره بعد حديث مع كاميرون إثر تلقيه انتقادات شديدة من الناخبين في اجتماع في دائرته «براكنيل» مساء أول من أمس.

* كيف كشفت مخصصات النواب؟

* لندن: «الشرق الأوسط»

* سرد جون ويك، الرجل وراء انفجار فضيحة مخصصات النواب البريطانيين، تفاصيل تطور هذه الفضيحة في مقابلة مع صحيفة «ذا ديلي تلغراف» التي نشرت خلال الأيام الـ16 الماضية المئات من المعلومات حول أعضاء البرلمان البريطاني. وفي ما يلي أبرز التطورات التي أدت إلى الفضيحة:

* بداية مارس (آذار): اتصل مجهول بـ«ويك» وطلب مساعدته في نشر المعلومات حول مخصصات النواب.

* 4 ملايين معلومة وضعت على اسطوانات مدمجة.

* ويك قبل مساعدة الطرف المجهول الحاصل على الاسطوانات بعد التشاور مع محامين.

* عرض ويك المعلومات على صحيفة «ذا تايمز» وصحيفتين شعبيتين، لكنهم رفضوا.

* دخل مفاوضات طيلة شهر أبريل (نيسان) الماضي مع صحيفة «ذا ديلي تلغراف».

* 30 أبريل، حصلت «ذا ديلي تلغراف» على حق حصري لدراسة كافة التفاصيل في الأقراص المدمجة لمدة 10 أيام قبل اتخاذ قرار النشر.

* 7 مايو (أيار)، قررت الصحيفة نشر المعلومات.

* 8 مايو بدأت سلسلة المقالات تنشر في الصحيفة.

* استقالة رئيس البرلمان البريطاني مايكل مارتن يوم 19 مايو على خلفية الفضيحة، في خطوة سمتها «ذا ديلي تلغراف» «ثورة بريطانية جدا».