قبيلة بدوية تتعرض لمحاولة تشريد رابعة منذ قيام إسرائيل

هدموا 170 بيتا من أصل 220 في بلدتهم في محاولة لإرغامهم على الرحيل

TT

تتعرض قبيلة «طرابين الصانع» في منطقة النقب الجنوبية، إلى عملية تهجير رابعة منذ قيام إسرائيل، وذلك بهدف السيطرة على أراضيها البالغة مساحتها 70 ألف دونم، وإبعادها عن مدينة يهودية حديثة. وتستخدم السلطات الإسرائيلية شرطتها القمعية لتنفيذ هذا المخطط، مما دفع المواطنين، أمس، إلى التظاهر والتوجه إلى المؤسسات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان في إسرائيل والعالم، طالبين نصرتهم ورفع الحيف عنهم.

وقال نوير الصانع، رئيس اللجنة المحلية في القبيلة، إن الشرطة الإسرائيلية تقوم منذ حوالي ثلاث سنوات بعملية تنفير لأبناء القبيلة، لتيئيسهم وحملهم على الرحيل. فبعد أن كانت هدمت لهم 170 بيتا خلال أربع سنوات، بدأت حملة من القمع والتنكيل، فأقامت الحواجز على مداخل التجمعات السكنية، وراحت تحرر مخالفات السير وتتصرف مع السائقين والركاب بفظاظة، ولا تتردد في الاعتداء على من «يتطاول ويتكلم بوقاحة» وتعتقله وتصادر سيارته. وما تريده السلطات الإسرائيلية هو أن يترك أهالي طرابين الصانع قريتهم هذه، ويرحلوا إلى قرى أخرى في النقب.

يذكر أن طرابين الصانع هي واحدة من كبريات القبائل العربية في النقب، وقصتهم هي واحدة من النماذج الصارخة لمعاناة 180 ألف مواطن عربي في الجنوب الإسرائيلي. وبدأت معاناتهم منذ عام النكبة، سنة 1948، حيث تم ترحيلهم عن وادي غزة والجبيبات والخصيف الواقعة ما بين قطاع غزة ومدينة بئر السبع، وفيها يملكون 70 ألف دونم من الأراضي. وفي حينه دفعوهم للرحيل إلى منطقة عرعرة في النقب، ثم عادوا ورحلوهم إلى منطقة تدعى «شقيب السلام». وبعد 10 سنوات، أي في مطلع الستينيات من القرن الماضي، رحلوا مرة أخرى إلى منطقة قرب عمرة، وهي قرية عربية مهجرة هدمت سنة 1951، وأقيمت على أنقاضها بلدة يهودية تدعى «عومر»، وتم إسكانهم على مساحة لا تتجاوز 800 دونم.

ولدى إقامة البلدة اليهودية، التي خصصت لمجموعة نخبوية من اليهود (كبار الضباط والباحثين والأكاديميين)، بدأ رئيس البلدية، بيني بدش، المعروف بتصريحاته العدائية للعرب، يسعى لإبعادهم بدعوى أنهم يشوشون على حياة السكان اليهود. وينفذون عمليات سرقة. وأقام سورا يفصل بينهم وبين بلدته، ثم قرر التخلص منهم تماما ووجد من يؤيده في الحكومة.

وفي سنة 2005 كان عدد البيوت في قرية طرابين الصانع، يصل إلى 220 بيتا. فباشرت وزارة الداخلية والشرطة عمليات هدم شملت 170 بيتا منها، ولم يبق اليوم سوى 50 بيتا، يسكنها ما يقارب 450 شخصا. بينما أصبح عدد سكان البلدة اليهودية حوالي خمسة آلاف. ويواجه أهالي طرابين الصانع اليوم موجة رابعة من الترحيل، حيث إن السلطات الإسرائيلية تريد طردهم من هناك، لينضموا إلى عشائر أخرى في المنطقة، وتمارس الضغوط عليهم ليتنازلوا عن أراضيهم القديمة في وادي غزة. ومنذ عام 2006 تقع مواجهات بينهم وبين الشرطة، وذلك بعد أن شرعت جرافات السلطة بأعمال الجرف والتطوير لإقامة حي جديد، لاستيعاب المزيد من اليهود، بينما يمنع العرب من بناء البيوت، ولا يمنحون رخصا حتى لتوصيل التيار الكهربائي أو الماء أو خطوط الصرف الصحي أو الشوارع أو المدارس أو أي خدمات إنسانية أخرى. وأول من أمس، نظم أهالي طرابين الصانع، ومعهم عدد من المتضامنين اليهود، مظاهرة احتجاج على تصرفات الشرطة وقمعها.