«حزب» مقاطعي الانتخابات في لبنان.. فريق ثالث لا يرضيه النظام السياسي

مختلفون في الأسباب متفقون على الامتناع عن التصويت

TT

بين مناصري فريق «8 آذار» وفريق «14 آذار» في لبنان يتخذ فريق ثالث قد يشكل أقلية موقف «الحياد السلبي» ليعلن المنضوون تحت لوائه جهارا بموضوعية عن مآخذهم على الطبقة السياسية الحاكمة والنظام اللبناني الذي ينتج الوجوه نفسها. لكل من هؤلاء «المقاطعين» أسبابه، لكن نتيجة موقفهم واحدة: مقاطعة الانتخابات.

اتخذ جورج م. (26 عاما) الذي ينتخب في دائرة البترون قراره بعدم الاقتراع هذه السنة مع رفضه فكرة التصويت بورقة بيضاء. ولجورج تفسيره الخاص بشأن هذا القرار، إذ يقول: «إذا انتخبت بورقة بيضاء سيسجل في لوائح الشطب أنني انتخبت، ما يعني أنني إما من مناصري التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية. وهذا ليس صحيحا لأن أيا منهما لا يقنعني. كذلك فإن عدم اقتراعي يظهر للمرشحين عدم رضاي عنهم، الأمر الذي يدفعهم إلى معرفة الأسباب الكامنة وراء مقاطعتي علهم يغيرون شيئا ما». قرار جورج كان مختلفا في دورة انتخابات عام 2005. ويقول: «حينها كنت متحمسا لعودة الجنرال ميشال عون. وانتخبت على أمل أن يتغير الوضع، لكن ذلك لم يحصل». ويتابع «مع العلم أنني ما زلت من مؤيدي عون ومبادئه، ولو أنني أنتخب في الدائرة حيث يترشح لكنت انتخبته. لكن لا أؤيد ترشيح صهره جبران باسيل في دائرة البترون. وبالتالي اتخذت قرار المقاطعة. وكل ما يقوم به باسيل اليوم من خدمات ومشاريع ليس إلا من باب التنافس الانتخابي». ومن المآخذ التي جعلت جورج يقاطع الانتخابات تحالفات عون غير الصائبة. ويقول في هذا الصدد «لست ضد التفاهم الذي عقده عون مع حزب الله لأنني مع الانفتاح على كل أبناء الوطن. لكن المشكلة تكمن في أن سبب هذا التحالف مع هذا الفريق هو إبعاد شبح سلاحه عني وهنا صلب المشكلة، مع العلم أن قرار استخدام السلاح ليس لا في يد حزب الله ولا في يد عون بل في أيدي جهات خارجية. كذلك فإن تحالفاته مع جهات أخرى معروفة بتاريخها غير النظيف في التاريخ السياسي اللبناني يجعلني أطرح علامة استفهام سلبية حولها». من جهتها لن تمارس نسرين ح. (28 عاما) من بيروت حقها الانتخابي «مجبرة». حتى في عام 2005 حين كان يفترض أن تمارس واجبها للمرة الأولى بحسب القانون اللبناني لم تقدم على هذه الخطوة. وتبرر قرار مقاطعتها بالقول: «أنتخب في دائرة بيروت الأولى حيث النتائج محسومة مسبقا نظرا إلى سيطرة طائفة ذات لون واحد على المقترعين، إضافة إلى تحفظي على برامج فريقي النزاع اللذين لا يوليان أي اهتمام للقضايا الاجتماعية التي يجب أن تكون في أولويات البرامج والخطط الإصلاحية». وتصف نسرين الوضع اللبناني القائم الذي يمنعها من الاقتراع كالآتي «عدم الاقتراع يعني حرمان الشخص من حقوقه. وهو عقاب لنا لأننا كلبنانيين لم نتحمل المسؤولية وبالتالي لم نستطع إنتاج طبقة سياسية صالحة من خلال عدم السعي إلى تصحيح الوضع القائم».

بدوره يعتبر يوسف (40 عاما) من بعلبك أن صوته أمانة ولا أحد يستحقه من المرشحين. ويقول: «لا أحد يقنعني من السياسيين. اعتدنا سماع شعارات وبرامج رنانة غير قابلة للتنفيذ. إضافة إلى ذلك فإن النظام في لبنان هو نظام طائفي غرائزي وليس نظاما حزبيا مبنيا على أسس وبرامج واضحة». ويضيف: «هذا الواقع جعلني بعيدا كل البعد عن أي التزام سياسي مع أي حزب، وخصوصا أنني أعتبر أن الانتخاب يعني موافقة المواطن على من ينتخبهم وعلى سياستهم، فاتخذت قرار الامتناع عن التصويت، وهو مقاطعة للنظام اللبناني الذي لا أجد فيه مكانا لي. لذا لم يسبق لي أن انتخبت ولن أنتخب مادام بقي الوضع السياسي على حاله».

وتنضم كل من أميرة جابر (35 عاما) من منطقة مرجعيون وفايزة أيوب (45 عاما) من الجنوب اللبناني إلى فريق المقاطعين للانتخابات، مع اختلاف في أسباب هذه المقاطعة المباشرة واتفاق في الأسباب غير المباشرة. تعلن أميرة تأييدها لـ«حزب الله» وتقول: «أنا أؤمن بالمقاومة ضد إسرائيل وأحترم العمل الذي يقوم به حزب الله في هذا المجال، لذا أفضله عن غيره من الفرقاء السياسيين، لكنني في الوقت عينه لا أؤيد السياسة التي يتبعها في مقاربته الوضع اللبناني، مع العلم أن صوتي لن يقدم أو يؤخر فالنتائج في منطقتنا محسومة». أما فايزة فلها قضيتها الخاصة في مقاطعتها، فهي اللبنانية التي تزوجت من فلسطيني وتعيش في لبنان، لكن القانون المجحف بحق المرأة اللبنانية لم يعطها حقها في منح الجنسية لأبنائها. وتقول: «لا يهمني أي واحد من السياسيين الذين يبيعوننا كلاما طوال أربع سنوات ولا تتحرك هممهم إلا قبل الانتخابات بأشهر قليلة. لا نسمع إلا شعارات غير قابلة للتنفيذ، وإذا صودف أن احتجنا إليهم في أمر معين فعندها يعجزون عن فعل أي شيء. وخير مثال على ذلك هو قانون منح المرأة اللبنانية الجنسية لأبنائها الذي لا يزال منذ سنوات في الأدراج ولم يحركوا ساكنا لإقراره».