حزب الله يصف تقرير «دير شبيغل» بـ«الملفق» وتوقيته مشبوه.. والمعلم يعتبره مسيسا

مكتب المدعي العام يجدد تأكيده عدم التعليق على التحقيقات الجارية.. وجنبلاط يحذر من التسريبات

TT

رفض حزب الله التقرير الذي نشرته مجلة «دير شبيغل» الألمانية حول اتهامه باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وقال في بيان رسمي أصدره أمس، إن ما كتب هدفه «النيل من موقع حزب الله ودوره ومكانته»، ووصفه بأنه مجرد «تلفيقات وفبركات بوليسية تصنعها الغرفة السوداء ذاتها التي دأبت على مدى أربع سنوات على فبركة روايات مشابهة تتعلق بالسوريين والضباط الأربعة وغير ذلك». واعتبر أن توقيت نشر التقرير «مشبوه»، وأن الهدف منه «التأثير على الأجواء الانتخابية في لبنان والتغطية على أخبار وعمليات اعتقال الشبكات التجسسية الإسرائيلية». ودعا حزب الله المحكمة الخاصة بلبنان إلى «التصرف بحزم ووضوح تجاه ناشري هذه التلفيقات الشريرة»، مشيرا إلى أن «نسب الاتهامات لمصادر مقربة من المحكمة الدولية يمس بصدقية المحكمة وسلامة عملها». وكانت مجلة «دير شبيغل» قد نشرت أول من أمس، استنادا إلى مصادر مقربة من المحكمة قالت إنها تأكدت منها بالاطلاع على وثائق داخلية، أن المحققين في اغتيال الحريري توصلوا إلى استنتاج أن حزب الله هو من اغتال الحريري وليس سورية، وقالت إن مكتب المدعي العام حصل على هذه المعلومات قبل نحو شهر ولكنه يبقيها سرية. ولم يعلق حزب الله على التقرير يوم نشره، وقال إنه يدرس الرد المناسب. وأعاد مكتب المدعي العام دانيال بيلمار التأكيد أمس على عدم التعليق على أي معلومات تتعلق بالتحقيقات الجارية، وفقا لما كانت صرحت به راضية عاشوري، الناطقة باسم بيلمار، لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس. وجاء في بيان رسمي صدر عن مكتب المدعي العام، أن المقاربة التي يعتمدها بيلمار في «التعاطي مع المعلومات العامة هي مقاربة مسؤولة ومبنية على مبادئ، وتضع أهمية قصوى لضرورة المحافظة على سلامة التحقيق، خصوصا لجهة المحافظة على طابعه السري». وذكر البيان أن «المدعي العام، ومنذ تسلمه منصبه كمدع عام في المحكمة، وطوال فترة ترؤسه فريق التحقيقات في بيروت، حرص دائما على رفض التعليق على التكهنات والادعاءات المنشورة عبر وسائل الإعلام حول نتائج التحقيقات». وكرر أن المدعي العام لن يناقش قضيته «عبر الإعلام». وشدد أيضا على أن المصدر الوحيد للمعلومات الموثوقة حول التحقيق، يتم إعلانها عبره شخصيا أو عبر الناطق الرسمي باسمه. وأشار البيان إلى أن مكتب المدعي العام يعمل تبعا «لأعلى المعايير الأخلاقية، وأن النهج الذي يتبعه مبني فقط على الأدلة والموضوعية وعدم التحيز ولا يترك مجالا للنتائج المحكوم عليها سلفا». وفي سورية، علق وزير الخارجية وليد المعلم، على التقرير الذي لم يذكر دمشق، وقال إن ما ورد في «دير شبيغل» ليس إلا «كلاما مسيسا»، وأضاف: «من يتهم عليه أن يأتي بالبرهان». وكان المحقق الألماني ديتليف ميليس الذي تسلم التحقيق الدولي عام 2005، قد اتهم سورية باغتيال الحريري، بالتعاون مع جهات لبنانية. وقال المعلم للصحافيين في دمشق على هامش مؤتمر وزراء خارجية منظمة الدول الإسلامية، إن التقرير الذي يتهم حزب الله، يذكر بما فعله ميليس. ودعت إسرائيل إلى إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بعد نشر التقرير، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، للصحافيين في القدس، إن «ما نشرته دير شبيغل حول ضلوع نصر الله المباشر في اغتيال الحريري يجب أن يثير قلق المجتمع الدولي بأكمله». وأضاف: «يجب إصدار مذكرة اعتقال دولية بحقه (نصر الله) وإلا فيجب اعتقاله بالقوة».

واعتبر النائب في حركة أمل، قاسم هاشم، أن تقرير «دير شبيغل» «صنيعة صهيونية، وبابا من أبواب الفتنة الذي يحاول عدو لبنان الوحيد وهو العدو الإسرائيلي، الدخول إليه وإحدى ابتكارات العقل الصهيوني، في ظل الانقسام السياسي الداخلي، وارتفاع وتيرة الخطاب الانتخابي المحرك للغرائز».

وفي بيروت، حذر الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط من «الشائعات والتسريبات»، وقال خلال إطلاق لائحة قوى 14 آذار في الشوف بحضور زعيم الأغلبية النيابية سعد الحريري: «.. كأنما بعض أخبار الصحف يسبق حكم المحكمة ويلتقي بشبكات التجسس لزرع الفتنة والضغينة والتفرقة بعيدا عن العدل والوئام». وأضاف: «إذا كنا قد سلمنا بحكم المحكمة أيا كان، لكن حذار من لعبة الأمم، بعضها على الأقل، التي قد تريد، لا سمح الله، تحريف العدالة أو استخدامها لغير ما آمنا به».

وعلق النائب سمير فرنجية (قوى 14 آذار) على مطالبة ليبرمان بإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نصر الله، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أن يطالب وزير الخارجية الإسرائيلي المجتمع الدولي باعتقال نصر الله، عليه أن يخضع لمحاكمة هذا المجتمع عن جرائمه المتتالية تجاه العرب والشعب الفلسطيني». وأضاف: «اللافت في خبر المجلة الألمانية محاولة تبرئة سورية من قضية اغتيال الحريري». وأشار إلى أن «حزب الله قد فتح المجال لهذه التبرئة بتبنيه الاحتفالات بإطلاق سراح الضباط الأربعة الذين أوقفوا على ذمة التحقيق في القضية». وقال: «وكلنا فوجئنا باستقبال قيادات الحزب لهم وتبنيهم كأنهم يقولون للناس إن للحزب علاقة بما هو حاصل، وإذا أضفنا أن نصر الله كان قد أعلن عن علاقة الحزب بشبكة تهريب الأسلحة التي ألقي القبض عليها في مصر، ومن ثم قال إن السابع من مايو (أيار) يوم مجيد، مما يستفز شريحة شعبية واسعة ضده ويضعه في خانة الاتهام الغرائزي، لوجدنا أن جسم الحزب لبيس. وهناك من يريد إلباسه هذه الجرائم ويحاول في الوقت نفسه تبرئة سورية».

وفي الإطار نفسه، تحدثت مصادر في المعارضة، وفق ما أورد موقع إلكتروني، عن «مخاوف من احتمال حصول تطورات أمنية خطيرة قبل إجراء الانتخابات في السابع من يونيو (حزيران)، مما قد يؤثر سلبا على إجرائها أو استكمالها في بعض المناطق». واعتبرت أن «سورية قد تكون المستفيد الأول من هذا الاتهام، وذلك لإبعاد الشبهة عنها، علما بأن القناعة الشعبية الراسخة لدى فئة كبيرة في لبنان تحمل النظام السوري مسؤولية جرائم الاغتيال، إضافة إلى عدم رغبتها بأكثرية نيابية تحملها مسبقا مسؤولية الاغتيالات. أما إسرائيل فهي المستفيد الثاني، لأن الاتهام يشكل عاملا إضافيا يشير إلى أن حزب الله ضالع في جريمة استهدفت العرب من خلال اغتيال الحريري، وتقف إيران خلفها، مما يدعم المطلب الإسرائيلي بوجوب التعجيل بضرب إيران والحزب».