واشنطن تعتمد على أجهزة استخبارات أجنبية لاستجواب معتقلين بتهمة الإرهاب

بمساعدة المعلومات الاستخبارية والدعم الأميركي اعتقال سعودي ويمني في باكستان

أحد معتقلي المعسكر الرابع في غوانتانامو يحمل كتابا استعاره من مكتبة السجن (أ.ب)
TT

قال مسؤولون حكوميون أميركيون حاليون وسابقون، إن الولايات المتحدة باتت الآن تعتمد بصورة كبيرة على وكالات استخبارات أجنبية في اعتقال واستجواب الإرهابيين البارزين المشتبه بهم، ممن ألقي القبض عليهم خارج ميادين القتال في كل من العراق وأفغانستان.

ويمثل التغيير انفراجة واضحة في القيود الأميركية، التي عملت عن قرب مع حلفائها؛ لمكافحة التطرف الداعي إلى العنف في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، لكنها تدفع الآن بذلك التعاون إلى حدود جديدة.

وقال مسؤول أميركي سابق في مجال مكافحة الإرهاب، إن الشهور العشرة الماضية، على سبيل المثال، شهدت أسر ما يقرب من ستة من الخبراء اللوجستيين والممولين، ذوي مكانة متوسطة، العاملين مع القاعدة، تحتجزهم أجهزة استخبارات أربع دول في الشرق الأوسط، بعد أن قدمت الولايات المتحدة معلومات أدت إلى إلقاء القبض عليهم من قبل قوات الأمن المحلية. إضافة إلى ذلك، قال مسؤولون باكستانيون، إن قوات الأمن والاستخبارات الباكستانية ألقت القبض على مشتبهين أحدهما سعودي والآخر يمني هذا العام، بمساعدة المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي الأميركي، ويعد الاثنان أبرز نشطاء القاعدة الذين ألقي القبض عليهم، منذ تولي الرئيس أوباما مهامه، لكنهما لا يزالان قيد الاحتجاز في باكستان، التي تتطلع على معلومات مستخلصة من التحقيق معهما مع الولايات المتحدة.

تلك الطريقة الجديدة التي بدأت خلال العامين الأخيرين من إدارة الرئيس بوش، واكتسبت زخما في عهد أوباما، وترجع بصورة جزئية إلى قرارات المحاكم وتغيرات السياسة، التي أغلقت السجون السرية التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والتي أنهت أيضا نقل المسجونين من خارج العراق وأفغانستان إلى السجون العسكرية الأميركية. ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان، إن الاعتماد على الحكومات الأجنبية في احتجاز واستجواب المشتبه بضلوعهم في الإرهاب يمكن أن تنطوي على مخاطر كبيرة، كما يمكن أن يؤدي إلى وقوع انتهاكات على أيدي المحققين الأجانب والحصول على معلومات استخبارية فاسدة.

ولا يزال مصير الكثير من الإرهابيين، الذين أرسلتهم إدارة بوش إلى دول أجنبية، مجهولا، فقد اعتقلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ابن الشيخ الليبي في أواخر عام 2001، وأرسلته إلى ليبيا، ثم ذكر مؤخرا أنه مات في السجن في ليبيا.

وقال توم مالينويسكي، مدير هيومان رايتس ووتش في واشنطن: «من الناحية العملية يجب عليك الاعتماد على حكومات شريكة، لذا يجب أن يكون التركيز على الضغط على تلك الحكومات ومساعدتها على التعامل مع تلك القضايا بحرفية». وأشار مسؤول عسكري أميركي بارز إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعتقل أيا من الإرهابيين البارزين، خارج العراق أو أفغانستان، منذ أن تولى أوباما السلطة، لكن التساؤل بشأن مكان اعتقال الإرهابيين البارزين المشتبه بهم ظل لفترة طويلة محل نقاش داخل الإدارة الجديدة، حتى أن القرار بشأن مكان سجن المشتبه بهما اللذين ألقت السلطات الباكستانية القبض عليهما «مسألة حساسة للغاية في الوقت الحالي».

لم يتطرق الرئيس أوباما إلى التساؤل بشأن الطريقة التي ستتعامل بها الولايات المتحدة مع المشتبه بضلوعهم في تنفيذ عمليات إرهابية، غير الموجودين في سجن غوانتانامو، في خطابه الذي ألقاه يوم الخميس حول سياسات مكافحة الإرهاب.

وعلى الرغم من إشارته إلى إمكانية استحداث نظام يسمح بالاعتقال الوقائي داخل الولايات المتحدة، إلا أنه لا توجد لدى الحكومة الآن مراكز اعتقال طويلة المدى لحبس المشتبه بضلوعهم بالإرهاب من دون إشراف المحكمة.

كان أوباما قد قال، إنه ينوي إغلاق معتقل غوانتانامو بحلول يناير (كانون الثاني) على الرغم من المخاوف في الكونغرس، وحكمت المحكمة العليا بأحقية المعتقلين هناك في نقض شرعية اعتقالهم أمام قضاة فيدراليين، حيث تعرّض بعض المشتبه بهم للسجن داخل القاعدة الجوية الأميركية في أفغانستان دون توجيه تهم لهم، لكن محكمة فيدرالية قضت بأحقية بعضهم في التقدم بدعاوى قضائية لنقض شرعية اعتقالهم. ويقول مسؤولون أميركيون، إن وجهة النظر، التي سادت خلال الأعوام الأخيرة من إدارة الرئيس بوش وخلال الشهور القليلة الآن من عمر إدارة أوباما، تميل نحو الاحتفاظ بالشخصيات البارزة من القاعدة في دول أجنبية، بدلا من السجون الأميركية. وكانت الولايات المتحدة قد قامت بترحيل مئات المعتقلين الموجودين في سجونها في كوبا والعراق وأفغانستان، لكن النهج الحالي مختلف؛ لأنها تسعى إلى الحفاظ على السجناء خارج السجون الأميركية كلية.

* خدمة «نيويورك تايمز»