كوريا الشمالية تجري تجربة نووية وتطلق 3 صواريخ

أوباما يعتبره خطرا على السلام العالمي.. وموسكو تكتفي بالإعراب عن القلق.. وطوكيو تشكل «خلية أزمة» .. وجلسة طارئة لمجلس الأمن

متظاهرون في سيول عاصمة كوريا الجنوبية ينددون في تظاهرة ضد التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في وقت سابق أمس والتي تحمل انعكاسات سلبية على المنطقة (رويترز)
TT

أعلنت كوريا الشمالية أمس أنها أجرت «بنجاح» تجربة نووية جديدة، متحدية الضغوط الدولية التي تمارَس عليها لحملها على التخلي عن طموحاتها النووية. كذلك هدد مسؤول كبير في السفارة الكورية الشمالية في موسكو بأن بلاده ستُجري تجارب نووية جديدة في حال «استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في سياسة التخويف التي يتبعونها حيال كوريا الشمالية»، على ما نقلت وكالة «إيتار تاس» الروسية. وكانت بيونغ يانغ تهدد باتخاذ إجراءات انتقامية ولا سيما من خلال إجراء تجربة نووية جديدة، منذ أن أصدرت الأمم المتحدة إدانة بحقها إثر إطلاقها صاروخا بعيد المدى في مطلع أبريل (نيسان) فوق اليابان. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية التي يتم تلقي بثها في سيول أن «الجمهورية الكورية الديمقراطية الشعبية قامت بنجاح بتجربة نووية جديدة تحت الأرض في 25 مايو (أيار) في إطار إجراءاتها الرامية إلى تعزيز قدراتها النووية الرادعة». وبطلب من اليابان قرر مجلس الأمن عقد جلسة طارئة للنظر في اتخاذ إجراءات جديدة ضد كوريا الشمالية بعد قيامها بإجراء تجربة نووية جديدة. واتسمت ردود الأفعال بالحدة على الخطوة التي أقدمت عليها بيونغ يانغ، واعتبرت اليابان وكوريا الجنوبية ما أقدمت عليه كوريا الشمالية تهديدا مباشرا للمنطقة. واعتبرت الولايات المتحدة ما قامت به كوريا الشمالية تحديا مباشرا وغير مسؤول للمجتمع الدولي، وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما: «إنه انتهاك للقانون الدولي وإن محاولة كوريا الشمالية تطوير الأسلحة النووية وبرنامج الصواريخ البعيدة المدى تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين». واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تجربة كوريا الشمالية النووية الجديدة انتهاكا فاضحا لقرار مجلس الأمن 1718 الذي حظر على كوريا تطوير برنامجها النووية وإنتاج الصواريخ البعيدة المدى، وقال بان كي مون من العاصمة الدانمركية كوبنهاغن: «إنه انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن». وأعرب مون عن أمله في أن يتعامل مجلس الأمن بجدية مع القضية «لبحث الإجراءات المناسبة ضد كوريا الشمالية».

وتأتي خطوة بيونغ يانغ بعد مرور شهر على البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن يوم الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي الذي ندد بتجربة كوريا الشمالية إطلاق صاروخ طويل المدى. وكان المجلس وسع من العقوبات على كوريا الشمالية، وقد أضاف قائمة قدمتها الولايات المتحدة بالاشتراك مع حلفائها الأوروبيين واليابان تضم مواد وسلعا يُحظر تصديرها واستيرادها من كوريا الشمالية وإليها، ذات صلة ببرنامجها النووي وببرنامج تطوير الصواريخ قصيرة وبعيدة المدى.

وفي أول تعليق لها على الأنباء الواردة حول التفجيرات النووية لكوريا الشمالية أعلنت موسكو أنها بدأت مراجعة هذه الأنباء للتأكد من مدى صحة جوانبها. وقال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في تصريحات أدلى بها على هامش زيارته للبنان، إن روسيا ترى ضرورة التحقق من هذا الخبر. وأشار العقيد ألكسندر دروبيشيفسكي القائم بأعمال رئيس الجهاز الصحافي لوزارة الدفاع الروسية إلى أن أجهزة وزارة الدفاع تواصل متابعة التفجير النووي الذي أجرته كوريا الشمالية في موقع على مسافة 80كم شمال غربي مدينة كيلتشو بقوة حتى عشرين كيلوطنا.

ومن جانبه ذكر ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما أن قيادة كوريا الشمالية قد تدفع البلاد إلى حافة كارثة نووية، فيما من الممكن أن تواجه بمواصلتها التجارب النووية عقوبات صارمة قد تودي بالبلاد إلى حافة كارثة إنسانية. وأعرب المسؤول البرلماني عن يقينه من أن رد فعل المجتمع الدولي سيتسم بالصرامة تجاه هذه التجارب. وأعاد إلى الأذهان موقف موسكو التي سبق وأعلنت عن رفض ظهور أي دولة تملك سلاحا نوويا على مقربة من حدودها، وهو الموقف الذي تتمسك به بقية دول مجموعة السداسية. وأشار مارغيلوف إلى أن مثل هذه التجارب تفرغ من محتواها كل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية. وفي الوقت الحاضر، فإن التأكيد الوحيد لحصول التجربة الجديدة تحت الأرض صدر عن وزارة الدفاع الروسية، وقد نقلته وكالة «إنترفاكس». وفي حال تأكدت هذه التجربة الجديدة، فستكون بمثابة تحدٍّ للأسرة الدولية التي تسعى منذ ست سنوات لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن طموحاتها النووية لقاء مساعدة مهمة على صعيد الطاقة. والمفاوضات التي بدأت في أغسطس (آب) 2003 وصلت إلى طريق مسدود وباتت مرهونة بمشيئة بيونغ يانغ التي تتجاهل الدعوات الدولية وتتبع منذ زمن بعيد سياسة «حافة الهاوية». وقد تجاهل النظام الشيوعي قرارات الأمم المتحدة الصادرة عام 2006 ردا على تجربتها النووية الأولى. وشكلت اليابان التي تعتبر هذه الدولة المجاورة لها عدوة، خلية أزمة، وقال المتحدث باسم الحكومة تاكيو كاوامورا إنه «إن كانت كوريا الشمالية أجرت فعلا تجربة نووية، فهذا يشكل انتهاكا فاضحا لقرار صادر عن الأمم المتحدة، وهو غير مقبول إطلاقا»، مؤكدا أن طوكيو «ستتخذ إجراءات صارمة حيال كوريا الشمالية». فيما أعرب الاتحاد الأوروبي عن «قلقه الكبير» لإعلان بيونغ يانغ، وأدان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «بشدة» التجربة النووية. وأعلنت رئاسة كوريا الجنوبية أمس أن التجربة النووية الكورية الشمالية تشكل «خطرا كبيرا» على السلام في المنطقة وتحديا خطيرا لجهود منع انتشار الأسلحة النووية. وقال المتحدث باسم الرئاسة لي دونغ كوان أن التجربة التي أعلن عنها الإعلام الرسمي في بيونغ يانغ «تشكل خطرا كبيرا على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا، كما تشكل تحديا خطيرا للنظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية».

وكان مجلس الأمن الدولي أدان في 13 أبريل (نيسان) عملية إطلاق صاروخ بالستي قامت بها كوريا الشمالية في الخامس من الشهر، وشدد نظام العقوبات المفروض عليها منذ عام 2006.