إسلام آباد: الهجوم على طالبان يهدد بـ«كارثة إنسانية»

مقتل 6 متشددين في هجوم للقوات الباكستانية

النازحون الباكستانيون من وادي سوات يتلقون الإعانات الغذائية في معسكر جلوازي أمس (رويترز)
TT

واصل الجيش الباكستاني أمس هجومه الذي شنه قبل شهر على الطالبان في شمال غربي البلاد، مما يثير مخاوف من حصول «كارثة إنسانية» مع 4،2 مليون نازح فضلا عن وقوع آلاف المدنيين في شرك المعارك. ومنذ السبت تكثفت العملية العسكرية التي تهدف إلى طرد هؤلاء المقاتلين الإسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة من وادي نهر سوات وجواره على بعد نحو مائة كلم إلى شمال غربي إسلام آباد. فقد شن الجيش الهجوم على مينغورا كبرى مدن إقليم سوات التي خلت من قسم كبير من أهلها البالغ عددهم 300 ألف لكنها لا تزال جزئيا بين أيدي طالبان. وأكد ضابط كبير طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية «إن نحو سبعين بالمائة من مينغورا أصبحت تحت سيطرة الجيش». وكان المتحدث باسم الجيش اعتبر أول من أمس أن السيطرة الكاملة على المدينة ما زالت تتطلب بين سبعة أوعشرة ايام.

إلا أنه لا يمكن التحقق من أي معلومات تصدر يوميا عن العسكريين إذ إن الجيش يغلق بشكل محكم مناطق القتال. لكن قائد طالبان في سوات أمر رجاله بوقف المقاومة في مينغورا والانسحاب منها لتركيز قتالهم بشكل أفضل في الجبال كما أكد المتحدث باسمهم مسلم خان لوكالة الصحافة الفرنسية مساء أول من أمس. ويبدو أن الاحتمال ضئيل جدا بأن يترك الجيش الذي توعد بـ«تصفيتهم» وهو يطوق المدينة منذ أكثر من أسبوعين، هؤلاء المقاتلين يملصون من قبضته.

وقال أحمد الله وهو صيدلي تم الاتصال به هاتفيا في ضاحية مينغورا «قبل أربعة أيام كان مقاتلو طالبان يجوبون الحي الذي أسكن فيه لكن اليوم هناك عدد كبير من الجنود» مؤكدا أن جثث المتمردين ممددة في الشوارع. لكن بالنسبة لآلاف المدنيين الذين لم يتمكنوا من الفرار فإن منظمة هيومن رايتس ووتش تخشى من «كارثة إنسانية». فقبل أسبوع اتهمت هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان والتي مقرها في نيويورك، الطالبان والجيش على حد سواء بقتل «العديد من المدنيين» من خلال استخدامهم كدروع بشرية من قبل الطالبان ومن خلال قصف الجيش بدون تمييز. ومنذ بدء هجوم الجيش في 26 أبريل (نيسان) في وادي سوات وجواره هرب ما يقرب من 2ـ 4 ملايين شخص ليلجأوا إلى مخيمات أقيمت بمحاذاة المناطق التي تدور فيها المعارك، أو ليتوزعوا في سائر أنحاء البلاد بحسب الأمم المتحدة.

وقال براد ادامز مدير هيومن رايتس ووتش لاسيا «إن الأشخاص المحاصرين في منطقة النزاع في سوات يواجهون كارثة إنسانية إلا أن رفع الجيش على الفور حظر التجول الذي يفرضه من دون توقف منذ أسبوع». وأضاف ادامز أنه «لا يجوز أن تترك الحكومة السكان المحليين المحاصرين من دون غذاء ومياه شرب وأدوية» وطالب السلطات على الأقل بأن تلقي بالمظلات ما يساعدهم على البقاء. كما تتهم المنظمة الطالبان بمواصلة حملة الترهيب من خلال قطع رؤوس بعض السكان. إلى ذلك قال مسؤولون في المخابرات وسكان إن طائرات هليكوبتر عسكرية باكستانية هاجمت مواقع لطالبان في منطقة وزيرستان الجنوبية على الحدود الأفغانية أمس مما أسفر عن مقتل ستة متشددين. وجاء الهجوم في الوقت الذي مضى فيه الجيش قدما في هجوم على طالبان في معقلها بوادي سوات على بعد نحو 350 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من وزيرستان الجنوبية يعد أكثر محاولاته جدية لصد المتشددين. وتزايدت التكهنات بأن الجيش الباكستاني سيحول اهتمامه قريبا إلى وزيرستان الجنوبية مقر زعيم طالبان الباكستانية بيت الله محسود وهي منطقة رئيسية لحلفائهم في طالبان الأفغانية الذين يحاربون القوات الغربية في أفغانستان. وأرسل الجيش طائراته الهليكوبتر عقب إطلاق متشددين الصواريخ على قاعدة تابعة لقوات أمنية في بلدة سيبلاتوي على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الشرق من بلدة وانا الرئيسية في وزيرستان. وقال مسؤول في وكالة المخابرات بالمنطقة :«ما زالت طائرات الهليكوبتر العسكرية تهاجم وقتل حتى الآن ستة وأصيب 14، مضيفا أن القوات البرية أمنت قرية تشاكمالي القريبة. وظلت منطقة وزيرستان الجنوبية ملاذا للمتشددين لسنوات. وفر الكثير من مقاتلي طالبان و«القاعدة» إلى هناك وإلى منطقة وزيرستان الشمالية المجاورة بعد أن أطاحت القوات الأميركية وحلفاؤها من الأفغان بحكومة طالبان في أفغانستان في الأسابيع التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 على الولايات المتحدة. وتحث الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية المدعومة من واشنطن باكستان منذ فترة طويلة على بذل المزيد من الجهود للتخلص من المتشددين من معاقلهم الحدودية. وتهاجم الولايات المتحدة التي ترسل الآلاف من القوات الإضافية إلى أفغانستان هذا العام المتشددين في كل من وزيرستان الجنوبية والشمالية بصواريخ تطلقها من طائرات من دون طيار. وتصاعدت التوترات في وزيرستان الجنوبية منذ أن صرح الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري لصحيفة صنداي تايمز البريطانية قبل نحو أسبوع بأن الجيش سيهاجم المتشددين في وزيرستان بعد تطهير وادي سوات منهم.