البنتاغون يخطط لإنشاء سلاح جديد لشن الحروب عبر الفضاء المعلوماتي

مكتب بالبيت الأبيض مهمته منع الدخول على أجهزة الكومبيوتر الحكومية وحماية الأنظمة التي تدير البورصات والتحكم في المرور الجوي

TT

أعلن مسؤولون بالإدارة الأميركية أول من أمس أن البنتاغون يعتزم إنشاء قيادة عسكرية جديدة للفضاء المعلوماتي، وذلك أملا في زيادة استعدادات القوات المسلحة لشن حروب كومبيوترية هجومية ودفاعية. وستكون هذه القيادة الجديدة تكملة لجهد مدني مرتقب أن يعلن عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما (أمس)، ويتوقع أن يشمل تحديثا للطريقة التي تؤمّن بها الولايات المتحدة شبكات الكومبيوتر الخاصة بها. وأوضح المسؤولون أن أوباما سيعلن عن إنشاء مكتب بالبيت الأبيض ـ يرفع تقاريره إلى مجلس الأمن القومي والمجلس الاقتصادي القومي ـ وسيُعهد إليه بمسؤولية تنسيق جهد يتكلف ملايين الدولارات للحد من إمكانية الدخول على أجهزة الكومبيوتر الحكومية وحماية الأنظمة التي تدير البورصات والصفقات البنكية العالمية ونظام التحكم في المرور الجوي. ويقول مسؤولون بالبيت الأبيض إن أوباما لم تعرض عليه رسميا خطة البنتاغون حتى الآن. وأوضحوا أنه لم يناقش هذه الخطة يوم الجمعة عندما أعلن إنشاء مكتب البيت الأبيض المنوط به تنسيق الدفاعات الخاصة والدفاعات الحكومية ضد آلاف الهجمات عبر الإنترنت الموجهة ضد الولايات المتحدة كل يوم، ويشن هذه الهجمات إلى حد كبير قراصنة الإنترنت، إلا أن بعضها تجريها حكومات أجنبية. وصرح مسؤولون بأنه من المرتقب أن يوقع الرئيس خلال الأسابيع المقبلة أمرا سريا يقضي بإنشاء قيادة عسكرية للفضاء المعلوماتي. ويعد هذا اعترافا بأن الحكومة تمتلك بالفعل عددا متزايدا من أسلحة كومبيوترية ضمن ترسانتها، ويجب عليها إعداد الاستراتيجيات لاستخدامها ـ إما للردع، أو إلى جانب الأسلحة التقليدية الأخرى ـ في الصراعات المستقبلية المحتملة شديدة التنوع. وسيقود مكتب البيت الأبيض «مشرف للفضاء المعلوماتي»، إلا أن بعض الخبراء يوضحون أنه نظرا لعدم تمتع هذا المنصب بإمكانية وصول مباشرة إلى الرئيس، فلن يكون مهما بالدرجة الكافية لإنهاء سلسلة الحروب البيروقراطية الناشبة مع تخصيص مليارات الدولارات على نحو مفاجئ لحماية تهديدات الكومبيوتر. وينبع الخلاف الرئيسي من إذا ما كان يتعين على البنتاغون أو مجلس الأمن القومي تولي الإعداد لمعارك الفضاء المعلوماتي. وبموجب مقترح لا يزال قيد النقاش، سيتم دمج أجزاء من مجلس الأمن القومي داخل القيادة العسكرية، ومن ثم يمكنهما مباشرة أعمالهما على نحو مشترك.

وأفاد المسؤولون أنه بالإضافة إلى ورقة الاستراتيجية غير السرية التي سيعلن أوباما عنها يوم الجمعة، من المتوقع أن ترسي مجموعة من التوجيهات الرئاسية السرية المسؤوليات الجديدة للجيش، وكيف سينسق مهمته مع مجلس الأمن القومي، الذي توجد فيه أغلب الخبرة المتعلقة بمجال الحرب الرقمية. ويعد قرار إنشاء قيادة حرب الفضاء المعلوماتي بمثابة خطوة مهمة أبعد من تلك التي اتخذتها إدارة بوش، والتي فوضت من جانبها بشن العديد من الهجمات باستخدام أجهزة الكومبيوتر، إلا أنها لم تعالج مشكلة كيفية استعداد الحكومة لحقبة جديدة من الحرب عبر الشبكات الرقمية. وما زال من غير الواضح حتى الآن إذا كانت القيادة العسكرية الجديدة أم مجلس الأمن القومي أم كلاهما معا من سيتولى فعليا مهمة هذا النوع الجديد من العمليات الهجومية عبر فضاء الإنترنت. وفي السياق نفسه، لم يعلن البيت الأبيض أبدا إذا ما كان أوباما يعتنق فكرة أنه يتعين على الولايات المتحدة استخدام أسلحة فضاء الإنترنت. ومن المتوقع أن يركز البيان العام يوم الجمعة على الخطوات الدفاعية فقط، علاوة على إقرار الحكومة بحاجتها إلى أن تكون أفضل تنظيما لمجابهة التهديد النابع من الأنظمة العسكرية الهجومية، والحكومية، والأنظمة التجارية عبر الإنترنت التابعة للأعداء. من جانبه، طلب وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من البنتاغون أن يكون أفضل تنظيما لمواجهة مثل هذا التهديد الأمني. ومن المنتظر أن تركز القيادة الجديدة تنظيم المكونات المتنوعة والقدرات المتفرقة حاليا عبر الخدمات المسلحة الأربع، بصورة مبدئية على الأقل. وأحجم المسؤولون عن وصف العمليات الهجومية المحتملة، إلا أنهم عادوا وقالوا إنهم ينظرون إلى الفضاء المعلوماتي حاليا على أنه يضاهي أكثر الميادين القتالية تقليدية. وقال بريان وايتمان، متحدث باسم البنتاغون: «لا نشعر بالراحة لمناقشة قضية عمليات الفضاء المعلوماتي الهجومية، إلا أننا ندرس الفضاء المعلوماتي كميدان للقتال. ونحن بحاجة إلى أن يكون بمقدورنا العمل في هذا الميدان مثل أي ميدان آخر، ويتضمن حماية حرية حركتنا والمحافظة على قدرتنا للعمل في هذه البيئة». وعلى الرغم من قول مسؤولي البنتاغون المدنيين والضباط العسكريين إنه من المتوقع مبدئيا أن تكون الإدارة الجديدة مقرا تابعا تحت قيادة القيادة الاستراتيجية للجيش ـ والمعهود إليها إدارة العمليات النووية بالإضافة إلى دفاعات الفضاء المعلوماتي ـ فمن الممكن أن تصبح قيادة مستقلة في النهاية. ويقول الليفتنانت كولونيل إريك باتربيرغ، وهو متحدث باسم البنتاغون: «لم يتم اتخاذ أي قرار بعد، فبعد أن أنهى البيت الأبيض مراجعته لسياسة الفضاء المعلوماتي التي دامت لثلاثين يوما، فإننا بالمثل ننظر إلى كيف يمكن للإدارة أن تنظم نفسها على النحو الأمثل للقيام بدورنا في تنفيذ سياسة فضاء الإنترنت التابعة للإدارة». ويبدو أن إنشاء مكتب مشرف الفضاء المعلوماتي داخل البيت الأبيض يأتي على أنه جزء من توسع كبير لدور جهاز الأمن القومي هناك. وتم الإبقاء على هذا الجهد بعيدا عن نقاش الجيش بشأن ما إذا كان البنتاغون أو مجلس الأمن القومي مُجهز بالدرجة الكافية للدخول في عمليات هجومية. ويتعلق جزء من هذا النقاش بمقدار السيطرة التي يتعين منحها لأجهزة الاستخبارات الأميركية، وذلك على أساس أنه محظور عليها مباشرة أعمالها على أرض أميركية.

* ساهم جون ماركوف في إعداد المقال من سان فرانسيسكو

* خدمة «نيويورك تايمز»