أحد مساعدي أوباما لتل أبيب: هناك 3 فرص تاريخية لتحقيق السلام عليكم ألا تضيعوها

مارتن أنديك: على إسرائيل أن تفهم أن أميركا تقويها عسكريا لكي تصبح قادرة على صنع السلام

TT

في رسالة سياسية من البيت الأبيض إلى إسرائيل، قال أحد مستشاري الرئيس الأميركي، مارتن أنديك، إن على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يصغي جيدا لما يقوله له الرئيس أوباما، وهو أن السلام في الشرق الأوسط هو مصلحة عليا للولايات المتحدة. «فالصراع الإسرائيلي العربي بات سلاحا بأيدي الأعداء، من إيران إلى حزب الله إلى حماس. ومحاولات كسب الوقت لا تجدي، حيث إن الوقت لا يعمل لصالح إسرائيل أو لصالح السلام». ورفض أنديك الحجج التي يتذرع بها الكثير من الإسرائيليين بالقول إن الأميركيين يتفرجون من بعيد بينما الإسرائيليون يذوقون على جلودهم الأخطار المحدقة بأمنهم، ولذلك عليهم أن يقرروا مصيرهم وحدهم حتى لو أخطأوا وقال: «هذا الكلام يصلح مادة للنقاش والحوار ولكنه لا يصمد على أرض الواقع. فلا شك أنكم في السلام تأخذون على عاتقكم أخطارا معينة. ولكن لماذا نحن نعطيكم أحدث وأقوى الأسلحة؟ لماذا نجعلكم أقوياء إلى هذا الحد؟ إننا نفعل ذلك حتى تصبحوا من القوة بدرجة تستطيعون فيها التوصل إلى اتفاقات سلام. فالفلسطينيون لا يهددون بإبادة إسرائيل. بل إن الخطر الحقيقي على وجودكم يكون قائما إذا لم تنجحوا في الانفصال عن الفلسطينيين. ونحن نقويكم حتى تصبحوا قادرين على الجنوح إلى السلام».

وقال أنديك في تصريحات نشرتها له صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن هناك ثلاث فرص تحمل بعدا تاريخيا اليوم لتحقيق السلام، هي: أولا القلق المشترك لإسرائيل والعرب من خطر التسلح النووي الإيراني وتبعاته، وثانيا شعوب المنطقة تعبت من الحرب، وثالثا سورية تطرح موقفا مساندا لعملية السلام. «فإذا كانت سورية جادة في نواياها، وهذا ما نحن نفحصه في هذه الحقبة، فإن الأمر سيضعف من المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة. ولكن المسار السوري يحتاج إلى رؤية تقدم في المسار الفلسطيني أيضا. وبالمقابل، فإن استراتيجية الرئيس أوباما تقول إن علينا أن نخفف العداء لأميركا في العالمين العربي والإسلامي. وهذا ممكن فقط إذا سعينا لعملية سلام ناجعة وصادقة وناجحة».

المعروف أن أنديك، 58 عاما، هو أحد قدامى المسؤولين الأميركيين العاملين في قضية الشرق الأوسط، حيث عمل سفيرا للولايات المتحدة في تل أبيب ومساعدا لوزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس لشؤون الشرق الأوسط، وتم تعيينه مؤخرا مساعدا لمبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل. ويقال إنه أحد الخبراء المعتبرين لدى أوباما ويعتمد عليه في عدة مهمات حساسة، بينها إرساله إلى دمشق لقراءة الموقف السوري على حقيقته.

وقال إن في سورية تلاحظ اليوم مرونة أكثر من ذي قبل، ولكن ليس بالتنازل عن الأرض (المرتفعات السورية المحتلة). فمن الخطأ البناء على إمكانية تنازلهم عن أي سنتيمتر من الأرض. ولكن إذا اعترفت إسرائيل بسيادتهم على كامل الجولان، فإنهم مستعدون للتفاوض على كل شيء آخر، بما في ذلك الإبقاء على مستوطنات إسرائيلية تحت السيادة السورية.

وكشف أنديك أن إسرائيل والولايات المتحدة سارتا مطلع سنة 2000 وفق خطة استراتيجية تقول «سورية أولا»، وكان الهدف من ورائها أن الفلسطينيين سيصبحون أكثر مرونة في حالة التقدم مع السوريين، وهذا ما حصل فعلا. ولكن عندها، بدأ مسلسل من الأخطاء، أضاف: فالرئيس السوري حافظ الأسد بدا معنيا بمسيرة سلام وليس بالتوصل في النتيجة النهائية إلى السلام، وهذا خطأ أول حاول التراجع عنه وتصحيحه ولكن ذلك جاء متأخرا. والخطأ الثاني كان لدى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات. فبعد الفشل مع سورية حصل انقلاب لديه، وصار يتعزز. والخطأ الثالث أن الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك راحا يركضان وراء عرفات وهو يزداد عنادا. والخطأ الرابع أن إسرائيل واصلت نهجها في إضاعة الفرص.

واعتبر أنديك فشلا قيام كلينتون بعمل كل ما بوسعه في سبيل مساعدة رئيس الحكومة الإسرائيلية (إيهود باراك) في تحقيق رغباته. وانتقد أنديك إسرائيل على محاولاتها الالتفاف على الولايات المتحدة وتجاهلها، وذلك في المحادثات التي سبقت اتفاقات أوسلو وفي محاولة التفاوض مع سورية في الدورة الأولى من حكم نتنياهو وكشف أن نتنياهو كان أكثر زعماء إسرائيل استعدادا للسلام مع سورية واقترابا من الاتفاق معها. وكشف أن عناصر عديدة في البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)، لا تثق بإسرائيل بل غاضبة منها لأنها لا تكتفي بما تقدمه الولايات المتحدة لها من معلومات وتحاول التجسس عليها. وقال إن يونتان بولارد (المواطن اليهودي الأميركي الذي يقبع في السجن الأميركي منذ 21 سنة بعد إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل) ليس وحيدا وهناك من يشك في أن آخرين مثله ما زالوا يتجسسون لصالح إسرائيل في الولايات المتحدة. وأنهى المقابلة بالقول إنه خلال حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 أيقن أن إسرائيل تعاني من عقدة. فهي من جهة تشعر أنها دولة عظمى، حيث لديها جيش قوي جدا يسيطر على مساحة ضخمة من الأرض ولديها اقتصاد غني وتحالف مع أميركا وعلاقات متينة مع عدة دول في العالم، ومن جهة ثانية تشعر بالعزلة والضعف وانعدام الثقة في النفس. «أنتم لستم واثقين إن كنتم أقوياء أو ضعفاء. وقد قلت عندما كنت سفيرا لديكم إن ما تحتاجه إسرائيل هو ليلة واحدة من النوم السليم. وفي بعض الأحيان أشعر بأن الإسرائيليين يحتاجون بالأساس إلى أخصائي نفسي جيد».