كوريا الشمالية تتهم مجلس الأمن بالنفاق وتحذره من فرض عقوبات جديدة عليها.. وتطلق صاروخا سادسا قريب المدى

الدول الكبرى تتفق على مشروع قرار وتختلف حول العقوبات الإضافية وغيتس يرفض التحدث عن أزمة

رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ ايل يتفقد معملا كيميائيا في أنجو شمال العاصمة بيونغ يانغ في صورة غير مؤرخة وزعتها الوكالة الرسمية في كوريا الشمالية أمس (رويترز)
TT

في تحد واضح لمجلس الأمن الدولي، أطلقت كوريا الشمالية أمس، صاروخا جديدا قريب المدى، قبالة سواحلها الشرقية، ليرتفع عدد الصواريخ قريبة المدى، التي أطلقتها منذ تجربتها النووية بداية الأسبوع الحالي، إلى ستة صواريخ، وحذرت مجلس الأمن الدولي من أنها ستتخذ «مزيدا من الإجراءات للدفاع عن نفسها» إذا فرض عليها مزيدا من العقوبات. وجاء تحذير كوريا الشمالية لمجلس الأمن في وقت اتفقت الدول الخمس دائمة العضوية، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، على مسودة قرار يتصرف وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويدين بشدة تجربة كوريا الشمالية النووية الثانية، ولكن الدول الخمس الكبار اختلفوا حول العقوبات الإضافية الجديدة على بيونغ يانغ، كرد فعل على تجربتها النووية الثانية. وقالت وزارة الخارجية في كوريا الشمالية في بيان لها نشرته وكالة الأنباء الرسمية: «إذا قام مجلس الأمن الدولي بالمزيد من الاستفزازات، فسنضطر إلى اتخاذ خطوات للدفاع عن أنفسنا». ووصفت كوريا الشمالية مجلس الأمن بأنه يتمتع بالنفاق، وقالت: «هناك حدود لصبرنا». وأضافت: «التجربة النووية التي قمنا بها هي التجربة الـ2054 في العالم. الأعضاء الخمسة دائمو العضوية في مجلس الأمن هم من نفذوا 99.99 في المائة من هذه التجارب». وعلى الرغم من استمرار كوريا الشمالية بتصعيد لهجتها والتهديد بضرب جارتها الجنوبية، فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أمس، أن الولايات المتحدة لم تلاحظ تحركات للقوات في كوريا الشمالية، ولا تنوي زيادة قواتها المسلحة في كوريا الجنوبية، رافضا تعبير «أزمة». وقال غيتس، في طائرة تقله إلى سنغافورة قبل محطة في غوام: «لست على علم بتحركات للقوات في كوريا الشمالية خارجة على المألوف، واعتقد أننا لا نحتاج إلى تعزيز وجودنا العسكري في الجنوب» حيث ينتشر حوالي 28 ألف جندي أميركي. وأكد غيتس، الذي يشارك في سنغافورة في مؤتمر سنوي حول الأمن الإقليمي في آسيا، أن بلاده لا تنوي «التحرك عسكريا ضد كوريا الشمالية، ما لم يقوموا بشيء يتطلب ذلك»، محذرا من أنه «إذا ما فعل الكوريون الشماليون شيئا ينطوي على استفزاز كبير على الصعيد العسكري، فلدينا الوسائل لمواجهته». وفي تلميح إلى التجارب النووية والبالستية، التي أعلنت عنها بيونغ يانغ هذا الأسبوع، قال غيتس: «أعتقد أنه لا يوجد أحد في هذه الإدارة يعتبر أن ثمة أزمة، لكننا نتعامل مع حدثين استفزازيين جدا، ترافقا مع لهجة عدائية». وقال غيتس، إن واشنطن تتخوف أيضا من الانتشار النووي. وأضاف: «تصديرهم للتكنولوجيا النووية والصواريخ مصدر حقيقي للقلق». ويشتبه في أن كوريا الشمالية نقلت في السابق هذا النوع من التكنولوجيا إلى سورية. وقال غيتس: «في الوقت نفسه، أعتقد أن ذلك يمكن أن يوفر فرصا للتعاون متعدد الأطراف لإقناع كوريا الشمالية بتغيير سلوكها». وأشار إلى أن الردود الممكنة هي «اقتصادية ودبلوماسية» في الأساس.

وجاء كلام غيتس، في وقت يتوجه فيه وفد أميركي إلى آسيا للتشاور مع لاعبين إقليميين حول كيفية الرد على أحدث تجربة نووية أجرتها كوريا الشمالية، بحسب ما أعلن مسؤولون أميركيون. وقالوا إن جيم ستاينبيرغ، نائب وزيرة الخارجية الأميركية، سيترأس الوفد. وقال المسؤولون الذين اشترطوا عدم ذكر أسمائهم لوكالة «رويترز»، إن السفير الأميركي ستيفن بوزورث، وهو المبعوث الخاص إلى كوريا الشمالية، يتوقع أن يرافق ستاينبيرغ في رحلته المقررة إلى اليابان والصين وروسيا وكوريا الجنوبية. واستبعد المسؤولون أن يزور الوفد كوريا الشمالية.

وأكد ايان كيلي، وهو متحدث باسم الخارجية الأميركية النبأ في بيان مكتوب ومقتضب، لم يذكر الدول التي تشملها الزيارة. وقال كيلي، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل: «يعتزم ستاينبيرغ نائب وزيرة الخارجية ترأس وفد إلى المنطقة للتشاور مع شركائنا الخمسة، حول الخطوات المقبلة للرد على تحدي كوريا الشمالية للمجتمع الدولي».

وفي نيويورك، دخلت الدول الخمس (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) بالإضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، في مفاوضات ماراثونية بدأت يوم الثلاثاء الماضي. وقدمت الولايات المتحدة بالاشتراك مع اليابان أول أمس، مسودة مشروع قرار أعتبر الأساس للمشاورات والمفاوضات المرشحة أن تستغرق أسبوعا آخر. ويدين المشروع بشدة التجربة النووية الثانية، التي قامت بها كوريا الشمالية، ويطلب منها الامتناع عن إجراء تجارب أخرى، وكذلك طلب الامتناع عن القيام بأي تجارب أخرى للصواريخ البالستية الطويلة وقصيرة المدى.

ويطلب مشروع القرار من كل الدول الأعضاء الالتزام بتنفيذ العقوبات التي فرضت على كوريا الشمالية، وفق قرار مجلس الأمن 1718 الذي فرض حظرا عسكريا وحظرا على السلع والمواد ذات الصلة ببرنامج كوريا الشمالية النووي، وذات الصلة ببرنامج تطوير وإنتاج الصواريخ البالستية.

وبقيت الفقرة الثامنة من مشروع القرار فارغة، التي تشير ضمنيا إلى فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، التي هي مثار اختلاف بين الدول الخمس الكبار. وأفادت مصادر دبلوماسية غربية أن واشنطن وحلفاءها في مجلس الأمن، يدفعون باتجاه عقوبات تشمل حظرا على تصدير واستيراد السلاح، وأن يشمل الحظر الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وهناك اقتراحات تدعو إلى تجميد الأرصدة المالية لبعض الأفراد وللكيانات وللشركات التجارية الكورية، إضافة إلى وضع قيود على الرحلات الجوية من وإلى كوريا الشمالية. وتشمل المقترحات وضع قيود على الأنشطة المالية، ومن بينها فرض قيود على القروض وعلى التعاملات مع بنوك كوريا الشمالية. وتفيد المصادر القريبة من الوفد الصيني أن الصين التي تعارض تجربة كوريا الشمالية النووية، في الوقت ذاته تطالب بمنح مزيد من الوقت قبل فرض عقوبات إضافية على حليفتها كوريا الشمالية. وترى روسيا أن المفاوضات الجارية حول مشروع القرار الجديد، تتسم بالتعقيد وتطالب بالتأني.