الناطق باسم أوباما: لا أقرأ الصحافة البريطانية إلا لمعرفة نتائج مانشستر يونايتد

صحافيون بريطانيون قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن غيبس متعجرف

TT

في أول صدام للبيت الأبيض مع الصحافة الأجنبية منذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئاسة الأميركية، عبر صحافيون بريطانيون أمس عن غضبهم من تصريحات الناطق باسم أوباما، غيبس، واتهام الصحف البريطانية بأنها «بعيدة عن الحقيقة». وانتقد الناطق باسم أوباما، روبرت غيبس، أول من أمس، وسائل الإعلام البريطانية خلال نفيه ما ذكرته صحيفة «الديلي تلغراف» عن وجود صور التقطت لممارسات الجنود الأميركيين في سجن أبو غريب في العراق عام 2004 تتضمن مشاهد اغتصاب. وقرر أوباما في مايو (أيار) الماضي عدم نشر هذه الصور لتجنب تأجيج مشاعر ضد الولايات المتحدة و«تعريض القوات الأميركية للخطر» في العراق وأفغانستان. وردا على سؤال حول خبر «الديلي تلغراف» عن محتوى الصور، قال غيبس بسخرية: «لمعرفة نتائج مباراة مانشستر يونايتد في كرة القدم في دوري الأبطال يمكنني أن أفتح صحيفة بريطانية (...) لكن لقراءة أخبار تقترب من الحقيقة لست متأكدا من أن ذلك هو خياري الأول». وكان غيبس يشير إلى خسارة النادي البريطاني أمام نادي برشلونة الإسباني في نهائيات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

وكانت «الديلي تلغراف» البريطانية ذكرت، استنادا إلى تصريحات جنرال أميركي، أن بعض هذه الصور تظهر جنديا أميركيا يغتصب سجينة على ما يبدو، ومترجما يغتصب معتقلا في سجن أبو غريب قرب بغداد. وقال غيبس إن «أيا من هذه الصور لا يتضمن المشاهد التي وصفها المقال».

وقبيل تصريحات غيبس، نفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تكون الصور تحوي مشاهد عمليات اغتصاب. وقال ناطق باسم الوزارة براين ويتمان للصحافيين إن «أيا من هذه الصور لا يتضمن لقطات من هذا النوع». وأضاف أن صحيفة «ديلي تلغراف برهنت على عجزها عن وصف الوقائع بدقة». ولكن أشار مراسل موقع «الديلي بيست» النافذ في الولايات المتحدة الأميركية أمس إلى أنه اطلع على تفاصيل الصور التي التقطت في أبو غريب، مؤكدا وجود إهانات جنسية فاضحة سجلت في الصور التي باتت في حوزة البنتاغون. وعندما سئل غيبس مجددا في نفس المؤتمر الصحافي عن هذه القضية، قال غيبس: «مرة أخرى، أعتقد إذا بحثتم في محرك البحث الالكتروني غوغل، لن تجدوا الكثير من هذه الصحف بالقرب من الحقيقة». وفضلت صحيفة «الديلي تلغراف» ترك التعليق على غيبس على موقعها الالكتروني، حيث كتب عدد من صحافييها ردا على غيبس. وقال مراسل في الصحيفة لـ«الشرق الأوسط» إن مدير مكتب الصحيفة في واشنطن توبي هاردن أجاب على غيبس في مقال على موقع «الديلي تلغراف» الالكتروني. وقال هاردن: «من الصعب معرفة من أين نبدأ في الحديث عن تصريحات روبرت غيبس»، مضيفا: «لم يشعر غيبس أنه على أرض صلبة في نفي قصة الديلي تلغراف فحاول التضليل» بانتقاد الصحافة البريطانية. وتابع: «يبدو أن البيت الأبيض برئاسة أوباما يرى أن الصحافة البريطانية ليست مطاوعة له بشكل كاف». ووجه هاردن سؤالا لأوباما حول كيف يمكن أن يفي بوعوده برئاسة مختلفة عن سلفه جورج بوش عندما «يهين الناطق باسمك صحافة الحليف الأقوى لك ويقترح أن الصحافيين الأميركيين فقط هم من يمكنهم الحديث عن السياسة الأميركية؟». واعتبر هاردن أن «تصريحات غيبس غير الحكيمة أظهرت نفس غرور إدارة بوش في الحديث عن الصحافة»، لينهي مقاله بالقول «أعتقد أنه سيندم عليها». ولم يكن هاردن الوحيد الذي عبر عن استيائه من تصريحات غيبس، إذ شعر عدد من الصحافيين البريطانيين من صحف مختلفة أن غيبس أساء لهم في تصريحاته. وعبر محرر الشؤون الخارجية في صحيفة «التايمز» ريتشارد بيستون عن غضبه من تصريحات غيبس، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بغضب حقيقي، هذه تصريحات تعبر عن أسلوب متعجرف ومغرور». وأضاف: «يمكن قول الكثير من الأشياء عن الصحافة البريطانية ولكن ليس عدم الجدية أو إغفال الحقائق». وتابع: «لقد أظهرت الديلي تلغراف مؤخرا قدرة الصحافة البريطانية على كشف الحقائق»، مشيرا إلى كشف الصحيفة البريطانية عن الفساد في صرف مخصصات في البرلمان البريطاني مما أدى إلى هز الوسط السياسي البريطاني واستقالة رئيس البرلمان مايكل مارتن. ولفت بيستون أيضا إلى كشف صحيفة «التايمز» صباح أمس عن مقتل 20 ألف مدني في معارك سريلانكا، قائلا: «لقد خاطر الصحافيون بأرواحهم لإظهار الحقائق، والصحافة البريطانية ما زالت تجلب القصص الرائدة في العالم ولهذا ما زلنا نتنافس مع باقي وسائل الإعلام بينما صحف أميركية تجد نفسها مفلسة». ومن جهته، قال مراسل «الغارديان» جوناثان ستيل: «من المفاجئ والمحير أن يدلي السيد غيبس بمثل هذه التصريحات». وأضاف: «أتمنى لو يعرف كيف يفرق بين وسائل الإعلام المختلفة بدلا من أن يشتم الجميع». ونقلت وسائل إعلام أميركية، من صحيفة «واشنطن بوست» إلى قناة «فوكس» تصريحات غيبس. وكتب المعلق من مؤسسة «هيريتج» الأميركية اليمينية على موقع «الديلي تلغراف»: «على غيبس أن يعتذر للصحافة البريطانية». وأضاف: «نتوقع هجوما مثل هذا ضد إعلام تديره كوريا الشمالية أو إيران، ولكن في ظل مناخ التواصل مع أعداء أميركا، البيت الأبيض أقرب إلى مهاجمة حلفائه». وفي تطور آخر، طلب الرئيس الأميركي من محكمة استئناف فيدرالية التدخل لمنع نشر صور التقطت لعمليات تعذيب وإساءة معاملة حصلت في سجون أميركية في العراق وأفغانستان. وجاء في مذكرة رفعتها وزارة العدل الأميركية إلى محكمة فيدرالية في نيويورك أن الرئيس أوباما قال تعليقا على الموضوع: «أخشى أن يكون لنشر هذه الصور تداعيات على سلامة قواتنا». وأوردت المذكرة رأيين للجنرالين ريموند اوديرنو وديفيد بترايوس يعتبران أن الوقت غير مناسب لنشر هذه الصور.

ومما قاله الجنرال باترايوس رئيس العمليات الأميركية في العراق وأفغانستان إن «نشر هذه الصور التي تعرض لعسكريين أميركيين يسيئون معاملة محتجزين في العراق وأفغانستان يعني توجيه ضربة قاسية جدا لجهود الوكالات الأميركية ضد المقاتلين المتمردين في باكستان وأفغانستان والعراق». واعتبر بترايوس أيضا أن نشر هذه الصور «سيعرض للخطر حياة جنود وعناصر من المارينز وطيارين وبحارة ومدنيين وموظفين يخدمون هناك».