حزب طالباني حول ترشيح صالح لرئاسة حكومة كردستان: الإقليم في حاجة إليه أكثر من بغداد

«الشرق الأوسط» ترصد جدل أربيل والسليمانية حول التمديد لنيجيرفان بارزاني

TT

في إقليم كردستان العراق هناك ما يشغل الكرد اليوم بما هو أهم من الانتخابات البرلمانية للإقليم ونتائجها، ما يشغلهم في الحقيقة سؤال واحد يتمحور فيما إذا كان رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني سيبقى في منصبه أم سيتركه لبرهم صالح، مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الوحيد لشغل استحقاقهم في رئاسة الحكومة، مع أن كلا الطرفين، بارزاني وصالح يؤكدان أنه ليس هناك أي قرار رسمي بذلك.

تصريحات بعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، وواقع الحال في الميدان السياسي تؤكد أن صالح هو مرشحهم الأوفر حظا لشغل منصب رئيس حكومة الإقليم، هذا ما أكده في الأقل لـ«الشرق الأوسط» كل من كوسرت رسول، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني، حيث أكد أن «هذا الترشيح لن يتحول إلى قرار رسمي حتى الآن لكننا نرى أن صالح هو المرشح الأقوى لمنصب رئيس حكومة الإقليم، كما أني أعتقد أن الإقليم بحاجة إلى جهده السياسي أكثر من بقائه ببغداد»، منوها إلى أن «قواعدنا تطالبنا وتضغط علينا من أجل نيل استحقاقنا»، هذا الاستحقاق الذي كان قد تنازل عنه طالباني بوصفه الأمين العام للاتحاد قبل عامين لصالح بارزاني «من أجل أن يستكمل مشاريعه وخططه وأن يأخذ الوقت الكافي لتنفيذ هذه الخطط» على حد قرار طالباني وقت ذاك.

أما ملا بختيار، العضو العامل في المكتب السياسي للاتحاد الوطني والمتحدث الرسمي باسمه، فقد تحدث بصراحة عندما ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «برهم صالح هو مرشحنا الوحيد، لهذا فقد تمت تسميته من قبل المكتب السياسي للاتحاد كرئيس لقائمتنا الانتخابية المتآلفة مع قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني)»، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن «صالح سوف يستقيل من منصبه كنائب لرئيس الحكومة العراقية والتفرغ للعمل السياسي في إقليم كردستان»، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن صالح سيكون الرئيس التالي لحكومة الإقليم.

على أن كلا الطرفين الرئيسيين في هذا الموضوع، نيجيرفان بارزاني وبرهم صالح لم يؤكدا رسميا من سيكون رئيس حكومة الإقليم، بارزاني في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» ترك الأبواب مفتوحة للتأويل والتفسير عندما ترك الأجوبة رهن «المفاجآت»، وفيما فسر أنصاره والمؤيدون لبقائه في منصبه أن هذه المفاجآت تعني بقاءه رئيسا للحكومة، فإن صالح لم يرد على أي أسئلة تتعلق بهذا الشأن، لم ينفِ ولم يؤكد، وعندما سألته «الشرق الأوسط» حول ذلك أحالنا إلى بختيار باعتباره المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني، بل ترك الجمهور الكردي منشغلا برسم الاحتمالات وغادر السليمانية، معقل الاتحاد الوطني ومسقط رأسه ومحل إقامته وغادر إلى بغداد ليترأس الاجتماع التنسيقي للعهد الدولي الذي عقد في مقر أمانة مجلس الوزراء أول من أمس، وكأنه يشير بذلك إلى أنه لا يزال يمارس مسؤولياته كنائب لرئيس الحكومة الاتحادية.

أهالي أربيل، عاصمة الإقليم، من غير الحزبيين، أو المنتمين سواء للديمقراطي الكردستاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني يصرون، أو على الأقل يتمنون أن يبقى نيجيرفان بارزاني رئيسا لحكومتهم، وحسب رجل الأعمال الكردي أحمد ملا قادر الماجدي، فإن «بارزاني حقق الكثير من الإنجازات لأربيل ولباقي مدن الإقليم خلال السنوات الأربع من ترؤسه الحكومة، وشجع الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، ونحن لا ننظر إليه كرجل حزبي أو سياسي بل قائد حكومي من طراز متميز».

وتذهب فيان فاروق، وهي تدريسية في كلية جيهان الجامعية وكاتبة في الشأن الكردي إلى ذات الرأي، قائلة إن «الكرد هنا ينظرون إلى نيجيرفان بارزاني باعتباره الرجل الحريص على بناء أربيل وباقي مدن الإقليم، كما أنه حقق الكثير من الإنجازات للشباب وطلبة الجامعات والمرأة الكردية التي كانت تعاني من الاضطهاد والقتل، غير هذا فهو متواضع ولا يتصرف باعتباره مسؤولا وقياديا بل باعتباره واحدا منا».

غير أن أنصار الاتحاد الوطني في مدينة السليمانية يعارضون حرمانهم أو حرمان حزبهم أو حرمان صالح «ابن مدينة السليمانية» من هذا الاستحقاق.

ويقول آزاد بكر، وهو صاحب متجر كبير للأجهزة الكهربائية في سوق السليمانية، وخريج كلية الإدارة والاقتصاد من جامعة السليمانية، إن «صالح شخص قدير على البناء وإعادة الإعمار وله تجارب ناجحة يوم كان رئيسا لحكومة كردستان، جانب السليمانية عندما كانت الحكومتان منفصلتين، وله تجاربه في الحكومة الاتحادية وهو الأقرب إلى نفوس الشباب وطلبة الجامعات».

وتؤكد ديانا الجاف، مدرسة في إحدى ثانويات مدينة السليمانية، أن «اختيار صالح لرئاسة حكومة الإقليم لا يعني التقليل من مكانة أو إنجازات نيجيرفان بارزاني، فنحن حريصون على أن نرى ابن السليمانية قائدا ناجحا بدوره وأن يساهم ببناء مدينتنا التي سبقتها أربيل بإنجازاتها المعمارية والاستثمارية».

لكن الجواب سيبقى مؤجلا حتى فرز نتائج الانتخابات البرلمانية للإقليم، وبارزاني الذي لا يزال يمارس دوره كرئيس لحكومة الإقليم، قالها بصراحة إنه «سيحرص على أن تتم عملية تداول السلطة بكل هدوء وشفافية»، من غير أن يوضح سر المفاجآت المنتظرة.