إيران: شنق 3 اتهموا بالتورط في تفجير زاهدان واستدعاء سفير باكستان

البيت الأبيض ودمشق وجنبلاط والسنيورة وقباني يدينون الهجوم على المسجد

إيرانيات يحملن صورة لمير حسين موسوي في إطار حملته الانتخابية الرئاسية في طهران أمس (رويترز)
TT

أعلنت إيران شنق ثلاثة أشخاص قالت إنهم أدينوا بالتواطؤ في تنفيذ الاعتداء على المسجد الشيعي في زاهدان بجنوب غربي البلاد يوم الخميس الماضي، وهو الاعتداء الذي أدى إلى مقتل 25 شخصا، وجرح أكثر من 125 آخرين، وهو ما دفع البيت الأبيض، في سابقة من نوعها، إلى إصدار بيان رسمي يدين فيه الهجوم وينعي الضحايا ويعبر عن تعازيه للسلطات الإيرانية، واصفا الهجوم بـ«الإرهابي». وجاء بيان تعزية البيت الأبيض مع استدعاء طهران للسفير الباكستاني لديها، بعد تقارير أن المتفجرات التي استخدمت في التفجير جاءت عبر الحدود مع باكستان وأن زعيم المجموعة في باكستان، وقد طلبت طهران من إسلام أباد اعتقاله. وحول إعدام المتورطين في الهجوم، أعلن مسؤول العلاقات العامة في السلطات القضائية في ولاية سيستان بلوشستان، حجة الإسلام إبراهيم حميدي، أن «الإرهابيين حجي نوتي زهي وغلام رسول شاه زهي وذبيح الله نروي، شنقوا في الساعة السادسة (1.30 تغ) قرب مسجد أمير المؤمنين» الذي حصل التفجير داخله، على ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وقال حميدي إن الثلاثة أدخلوا المتفجرات، التي استخدمت، إلى إيران وسلموها إلى الانتحاري الذي نفذ التفجير في المسجد الذي يعد ثاني أكبر مساجد زاهدان. وبث التلفزيون الإيراني، أمس، مشاهد ظهر فيها إمام المسجد والآلاف من سكان المدينة متشحين بالسواد حدادا على الضحايا. وردد البعض «سأقتل من قتل أخي» وآخرون «الموت للوهابيين». وحمل المشيعون جثامين الضحايا ملفوفة بالعلم الإيراني. وأفادت هيئة التلفزيون والإذاعة العامة الإيرانية أن مجموعة «جند الله» السنية الناشطة في صفوف الأقلية البلوشية الإيرانية تبنت الاعتداء في اتصال بمكتب قناة «العربية» في باكستان. وتشهد ولاية سيستان بلوشستان، وعاصمتها زاهدان، منذ سنوات اعتداءات نسبت إلى «جند الله». وتطالب المجموعة باستقلال أكبر للأقلية السنية في الولاية.

وأضافت القناة، ومقرها دبي، أن رجلا اتصل بها وقال إن الانفجار كان هجوما انتحاريا استهدف اجتماعا لقوات الباسيج الإيرانية كان يعقد داخل المسجد لتنسيق الاستراتيجية الانتخابية. ولم يكن من الممكن التأكد من إعلان تورط جماعة «جند الله» التي تقول إنها تقاتل من أجل حقوق السنة في إيران.

وكان جلال صياح، نائب محافظ سيستان بلوشستان، المحاذية لباكستان وأفغانستان، أعلن بعيد الانفجار اعتقال «ثلاثة أشخاص ضالعين في الحادث الإرهابي». لكن حميدي ذكر أنهم اعتقلوا قبل وقوع الاعتداء بدون أن يحدد التاريخ بشكل دقيق. وقال إنهم «اعترفوا بأنهم أدخلوا متفجرات بصورة غير شرعية إلى إيران وسلموها إلى الشخص الرئيسي المسؤول عن التفجير». موضحا أنهم اتهموا أيضا بـ«الضلوع مباشرة في الاعتداءين على حافلة للحرس الثوري عام 2007 وعلى مسجد القادر، وفي هجمات أخرى بالقنابل».

وقتل 13 عنصرا في الحرس الثوري الإيراني في فبراير 2007 في زاهدان في اعتداء نسب إلى جماعة جند الله. وفي فبراير (شباط) 2009 انفجرت قنبلة في مسجد القادر في زاهدان، دون وقوع ضحايا. واتهم مسؤولون إيرانيون متطرفين من السنة يعملون لحساب الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف خلف الاعتداء.

وبعد نحو 48 ساعة من التفجير، استدعت إيران السفير الباكستاني في طهران إلى وزارة الخارجية الإيرانية للإعراب عن احتجاج وقلق الجمهورية الإيرانية البالغ إزاء استمرار «نشاطات الأشرار والعناصر الإرهابية في المناطق الحدودية بين البلدين». ووعد السفير الباكستاني بإبلاغ هذا الموضوع لمسؤولي بلاده في أقرب فرصة، وندد بهذا «الحادث الإرهابي» وأكد «التزام باكستان بالتصدي لمثل هذه المجموعات الإرهابية».

وقال رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال حسن فيروز آبادي، في تصريح لموقع التلفزيون الإيراني، أمس، أن إيران «حددت قاعدة زعيم المجموعة» في باكستان و«أبلغت باكستان من أجل اعتقاله». كما اتهم الجنرال فيروز عبادي البريطانيين «الذين يحاولون التفريق بين السنة والشيعة منذ 200 سنة».

وبعدما نفت واشنطن اتهامات إيرانية لها بالتورط في هجوم مسجد زاهدان، وهو النفي الذي جاء على لسان وزارة الخارجية الأميركية، أصدر البيت الأبيض، في سابقة، بيانا يدين فيه هجوما داخل إيران. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، في بيان صدر ليل أول من أمس، إن «الولايات المتحدة تدين بشدة الاعتداءات الإرهابية الأخيرة في إيران». وأضاف أن «الشعب الأميركي يوجه تعازيه الحارة إلى الضحايا وإلى عائلاتهم». وأضاف «لا شيء يبرر الإرهاب الذي تدين الولايات المتحدة كل أشكاله في كل البلدان وضد أي فرد». كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الاعتداء على المسجد، معتبرا أنه «عمل شائن». وأضاف في بيان أن الأمين العام يعرب عن تعاطفه مع عائلات ضحايا هذا «العمل الشائن».

بدورها أدانت كل من تركيا وسورية الهجوم. وذكر بيان صحافي صادر عن الخارجية التركية أن تركيا تشعر بالأسف العميق لـ«الهجوم الإرهابي» وتعرب عن إدانتها الشديدة لهذا الفعل المرفوض إنسانيا. وأضاف البيان أن تركيا «تعزي ذوي ضحايا الهجوم وتشاطر الشعب الإيراني الآلام الناجمة عن الحادث». أما سورية فقد أعربت عن «دعمها التام» لطهران في «مواجهة الإرهاب». ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي قوله إن «سورية تدين بشدة الجريمة الإرهابية التي حدثت في مدينة زاهدان». وأكد المصدر «دعم سورية التام لإيران في وقوفها الحازم والناجح في وجه كل محاولات النيل من استقرارها ومنعة شعبها وازدهاره ومكافحة أشكال الإرهاب الذي يستهدف المنطقة برمتها».

ولبنانيا، أرسل رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مستنكرا التفجير. وقال جنبلاط في نص رسالته: «إنني، إذ أدين هذا العمل الإجرامي، كما أدين فاعليه، أسأل الله الرحمة للذين قضوا والشفاء للذين جرحوا ولسيادتكم وعائلات المصابين العزاء والدعاء».

كما أرسل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إلى نجاد معزيا، قائلا «أود أن أبلغكم باسمي وباسم الحكومة اللبنانية، إدانتنا واستنكارنا ورفضنا الشديد، للعمل الإرهابي الذي تعرضت له مدينة زاهدان، وأدى إلى سقوط العديد من الضحايا الأبرياء. إننا إزاء هذه الجريمة المروعة، لا يسعنا إلا التوجه بأحر التعازي لكم وللشعب الإيراني الصديق». أيضا أدان مفتي لبنان، الشيخ محمد رشيد قباني، الهجوم، واصفا إياه بـ«الاعتداء الإرهابي في حق الإسلام والمسلمين في العالم». وأهاب «بالمسلمين جميعا أن يعوا خطورة الوقوع في فخ الفتنة الذي نصبه لهم المجرمون».

من ناحيته، طلب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، من قوى الأمن «العثور ومعاقبة الأيدي الشريرة الخارجية التي تقف وراء الاعتداء». ودعا الرئيس الإيراني في رسالة تعزية السنة والشيعة إلى العمل معا بيقظة لإحباط المؤامرات التي تستهدفهم.

أما رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام في إيران، آية الله أكبر هاشمي رافسنجاني، فقد أكد على ضرورة تحلي الأمة الإسلامية باليقظة وخاصة العلماء والشخصيات المؤثرة من الشيعة والسنة، من أجل صيانة وتعزيز الوحدة والكشف عن بؤر المؤامرات الداخلية والخارجية.

وأدان رافسنجاني بشدة «العملية الإرهابية الفظيعة في زاهدان»، وأعرب عن تعازيه ومواساته لذوي الضحايا، ووصف مثل هذه الممارسات الإرهابية بأنها «كارثة للعالم الإسلامي والبلاد»، مضيفا أن أعداء وحدة العالم الإسلامي بصدد إيجاد الشقاق والأحقاد والعداء بين الفرق الإسلامية، ولابد من التصدي لهذه التحركات بشكل جذري وأساسي. وقال «إن الإرهابيين أدركوا أن الحفاظ على الوحدة في البلاد تجسدها إرادة تنبع من نظرة القائمين على النظام والبلاد»، أضاف «لذلك فهم يواصلون مساعيهم المحمومة ويرتكبون الممارسات الإجرامية من أجل الحيلولة دون الوحدة».

إلى ذلك، وعلى صعيد آخر، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إنه تم اعتقال عماد بهاور العضو في المعارضة الليبرالية الإيرانية، الأربعاء الماضي، بتهمة نشر دعاية ضد النظام.

ونقلت الوكالة عن مصدر قضائي لم تكشف هويته أن «عماد بهاور، الناشط في (حركة تحرير إيران) غير الشرعية اعتقل بتهمة الدعاية ضد نظام الجمهورية الإسلامية».

وأضافت أن بهاور ملاحق بتهمة الدعاية ضد النظام منذ مارس (آذار) واعتقل الأربعاء لدى عودته من الهند. وأضاف المصدر أنه «مع نهاية التحقيق التمهيدي.. سيفرج عنه خلال الأيام القادمة إذا دفع الكفالة المحددة» دون توضيح قيمتها. ويقود حركة تحرير إيران التي تضم معارضين ليبراليين، إبراهيم يزدي. وكان مهدي بازركان، اول رئيس حكومة بعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، يقود حركة تحرير إيران.