مناظرة بين بيل كلينتون وجورج بوش: اتفقا في كل شيء.. ما عدا العراق

جذبت متظاهرين وزعوا أحذية لإلقائها على بوش.. للتذكير بحادثة «منتظر الزيدي»

TT

اجتذبت «مناظرة» بين الرئيسين الأميركيين السابقين بيل كلينتون وجورج دبليو. بوش، آلاف المشاهدين ومئات المتظاهرين مساء أول من أمس في تورنتو بكندا.

وقد التقى الرئيسان الثاني والأربعون والثالث والأربعون للولايات المتحدة على المسرح نفسه في مركز المؤتمرات في العاصمة المالية الكندية، فيما كان متظاهرون في الخارج يرفعون صورا لبوش كتبت عليها كلمة «مذنب» أو «مجرم حرب». وكانوا يرددون «بوش ـ تشيني إلى لاهاي» مقر المحكمة الجزائية الدولية.

وقد أجريت «المناظرة» في حضور نحو 6 آلاف شخص سمعوا لدى خروجهم من القاعة «عار عليكم». وبلغ سعر البطاقة ما بين 229 و595 دولارا كنديا (209 و543 دولارا أميركيا) لحضور هذه المناظرة. وتبادل الرئيسان، طرائف وانطباعات. وحاول كل واحد منهما الدفاع عن الآخر خلال المناظرة، لكنهما اختلفا حول حرب العراق.

دافع كلينتون عن سياسة بوش نحو مشكلة دارفور في السودان، وقال: «السودان دولة معقدة، واعتقد انه (بوش) فعل كل ما قدر عليه». وفي الجانب الآخر، عندما قال كلينتون انه حزين لأنه لم يقدر على وقف الإبادة في رواندا، ووصف ذلك بأنه «كان اكبر فشل لي في البيت الأبيض»، سارع بوش، وقال له: «لا تظلم نفسك». وأضاف بوش بأنه هو نفسه فشل في حشد تأييد عالمي لوقف بعض المذابح. وأشار إلى مشكلة دارفور. ورغم اتفاق الرجلين على مواضيع كثيرة، فقد اختلفا حول غزو العراق، وحول مواضيع أميركية داخلية، مثل الإجهاض وزواج المثليين جنسيا. عن العراق، قال كلينتون ان بوش كان يجب ان يعطي مفتشي الأمم المتحدة مزيدا من الوقت للبحث عن اسلحة الدمار الشامل، والتأكد بأنها غير موجودة. وايضا، قال ان بوش كان يجب ان يركز على افغانستان، وان غزو العراق قسم الجهود الاميركية، السياسية والعسكرية. لكن، بوش قال: «لا أتفق مع كل من يقول إن جهودنا تقسمت».

في بداية المناظرة، حذر كلينتون، وهو يبتسم، مديرها فرانك ماكينا، سفير سابق لكندا في واشنطن، ألا يحاول الفتنة بينه وبوش. وقال ان الرئيسين السابقين لن يصلا إلى مرحلة «العراك». وخلال المناظرة، رغم أسئلة كثيرة عن الرئيس أوباما، اتفق كلينتون وبوش على عدم نقده ونقد سياساته الحالية. وردا على سؤال عن ديك شيني، النائب السابق لبوش، الذي يشن حملة قوية ضد أوباما، قال بوش: «عندما صرت رئيسا (سنة 2001)، لم أرض بنقد رؤساء سابقين لي. لن أنتقد الرئيس الذي جاء بعدي. على أي حال، يوجد كثير من النقد في المجتمع الأميركي».

وعن الحياة بعد البيت الأبيض، قال بوش انه تعمد ان يبتعد عن الاضواء. وانه يستمتع بحرية ان يكون مواطنا عاديا. وانه يساعد زوجته، لورا، في اعمال داخل البيت، ويتلقى «أوامر» منها عن ذلك. ومنها المشي مع «بارني»، كلب العائلة، خارج المنزل. وقال بوش مبتسما: «ها أنا، الرئيس السابق للولايات المتحدة، احمل حقيبة بلاستيكية لأنظف سوءات الكلب. وهذا شيء لم افعله خلال ثماني سنوات في البيت الأبيض».

واتفق كلينتون وبوش على الإشادة بالرئيس السابق بوش الأب. وقال كلينتون انه وبوش الاب تعاونا بعد الكارثة المحيطية في اندونيسيا، وإعصار «كاترينا». ورد بوش الابن ان والده صار يعتبر كلينتون و«كأنه ابنه». وان باربرا بوش قالت ان كلينتون صار، أيضا، و«كأنه ابنها». وسارع بوش وقال لكلينتون: «أنت أخي». وعن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، قال زوجها انه يتعمد عدم التعليق على اي شيء يسبب لها مشكلات. وقال بوش انه، كالعادة، لا يريد ان ينتقد كبار المسؤولين الذين جاءوا بعده.

استمرت المناظرة ساعتين، وارتدى كلينتون بدلة فاتحة اللون مع ربطة عنق حمراء. وارتدى بوش بدلة غامقة مع ربطة عنق زرقاء. في البداية، تحدث كل واحد لفترة قصيرة عن السياسة العالمية، وأشار إلى سياسات اتخذها عندما كان في البيت الأبيض. ثم أجابا عن أسئلة، وكان بعضها عن السياسة العالمية، وبعضها عن أشياء شخصية. حضر المناظرة اكثر من ستة آلاف شخص. وقالت تقارير إخبارية إنهم كانوا يتوقعون مناظرة ساخنة، وإنهم، بصورة عامة، أصيبوا بخيبة أمل. وقال احد الذين استمعوا إلى المناظرة روكي راكمن «شعرت بخيبة أمل طفيفة. كنت اتوقع ان يعمدا إلى تحليل الوضع الراهن وان يناقشا امور المستقبل». واشار راكمن إلى الأجواء الودية جدا بين بوش وكلينتون. وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن حول مركز المؤتمرات في تورنتو ولم تسجل حوادث. خارج قاعة المناظرة، تظاهر بضع مئات، أغلبهم ضد بوش، وخاصة بسبب غزو العراق. وكان المتظاهرون الذين وصلوا قبل المناظرة رفعوا لافتة كتب عليها «لا نرحب بكما» ووزع آخرون أحذية لإلقائها على صورة لبوش، على غرار الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي رمى بوش بحذائيه.