المغرب: المدعي العام يدين متهمي خلية «بلعيرج» بالإرهاب مستندا على محاضر المحققين الأمنيين المطعون فيها من قبل الدفاع

توقع أن يلتمس غدا عقوبات تتراوح بين الإعدام والسجن مدة 30 عاما

TT

بات من المؤكد أن يلتمس غدا المدعي العام من هيئة محكمة غرفة الجنايات بسلا المجاورة للرباط، إدانة جميع المتهمين في خلية «بلعيرج» بالمنسوب إليهم، والمطالبة بتطبيق أقصى العقوبات، قد تتراوح بين الإعدام والسجن مدة 30 عاما، بالنظر إلى ثقل التهم المتابعين بها.

ووصف المدعي العام في مرافعته طيلة يوم أول من أمس، خلية «بلعيرج» المشتبه في تورطها بالإرهاب، بأنها «أخطر خلية إرهابية عرفها المغرب»، كونها شكلت عصابة إجرامية، وأنشأت فرقا مسلحة، واتصلت بجماعات إرهابية في الخارج، وتعاونت مع تنظيم القاعدة، لإدخال السلاح إلى المغرب.

وأكد المدعي العام أن الهدف الذي سطرته خلية «بلعيرج» لنفسها، هو زعزعة استقرار البلاد، ومحاولة «قلب نظام الحكم»، رغم ارتكازه على إمارة المؤمنين، وإقامة نظام بديل له، يشبه نظام طالبان في أفغانستان.

وأدان المدعي العام الزعيم المفترض للخلية، المشكلة من 35 عنصرا، عبد القادر بلعيرج، وهو بلجيكي الجنسية من أصول مغربية، بجميع التهم التي نسبت إليه، بينها اغتيال ستة أشخاص من الديانتين الإسلامية واليهودية، وكذا بعض الشواذ، في مدينة بروكسل، وبالطريقة نفسها، أي استعمال مسدسات كاتمة للصوت، على مقربة من الشخصيات المغتالة، مبرزا رسما بيانيا أنجز من قبل الشرطة العلمية البلجيكية، وأطباء التشريح، منذ ما يزيد على 20 عاما خلت، حيث لم تتوفق الشرطة البلجيكية في إلقاء القبض على بلعيرج لغياب الدليل.

واعتبر المدعي العام، بلعيرج بأنه أخطر عنصر في الخلية، كونه كان المحرك الرئيس في عقد اتصالات مختلفة مع تنظيمات إرهابية دولية، بينها تنظيم القاعدة، حيث تناول مأدبة عشاء مع أسامة بن لادن، ومساعده أيمن الظواهري، قبل أسبوع من أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أي إنه كان على علم بتفجيرات نيويورك، لكن المدعي العام، ومعه الهيئة القضائية لم تسأل بلعيرج، ما إذا كان أخبر الاستخبارات الأميركية بذلك، بحكم تشعب علاقاته.

وأكد المدعي العام أن بلعيرج لم يخف علاقته بابن لادن، رغم أنه أنكر أمام هيئة المحكمة، بعضا من التهم المنسوبة إليه، موضحا أنه قال أمام هيئة المحكمة وبدون تردد «ليست لدي أية مشكلة مع هذا الشخص، الذي يدعى بن لادن»، مضيفا أن هذا التصريح، يعد في حد ذاته اعترافا واضحا لا غبار عليه، متسائلا عن الكيفية التي ستجعل بلعيرج، يدخل في صراع مع بن لادن، وهو في ارتباط وثيق معه، مضيفا أنه تمكن من الالتقاء بزعماء الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، التي أنشئت في أفغانستان، على غرار الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وعقد اتصالات مع جماعات فلسطينية راديكالية، بينها الجماعة الفلسطينية التي كانت تابعة لأبي نضال، وأخرى تابعة لأحمد جبريل (وهما من الجماعات الماركسية)، والجيش الإسلامي لجبهة الإنقاذ الجزائرية، والجماعة الإسلامية للدعوة والقتال الجزائرية، التي غيرت اسمها إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحزب الله اللبناني، وكل ذلك من أجل زعزعة استقرار المغرب.

وروى المدعي العام، طيلة ست ساعات، كيف تمكن بلعيرج من عقد لقاء عام 1992 بمدينة طنجة وصفه بـ «التحول النوعي في مسار الخلية» بحضور السياسيين الستة المعتقلين، وكل أعضاء الخلية، لتناول عدد من القضايا بينها التفكير في السطو على مصارف، وشركات نقل الأموال، قصد تمويل التنظيم السياسي السري المسمى «حركة الاختيار الإسلامي»، وشراء الأسلحة من السوق السوداء، بمنطقة الساحل والصحراء، وأوروبا، لتشكيل جناح عسكري لتنفيذ عمليات إرهابية، بينها تفجير مقار حيوية في البلاد، كمصرف المغرب، وإدارة الجمارك، واغتيال شخصيات وازنة، من ديانات متنوعة. وتطرق المدعي العام إلى عملية السطو الناجحة التي أسهم فيها البلجيكي عبد اللطيف بختي، من أصول مغربية، بمعية فرنسي وإيطالي، حيث تمت سرقة 17 مليون يورو، من شركة برنكس للأموال، ونقل جزء منها على دفعات إلى المغرب، حيث قام عبد القادر بلعيرج، بتبييضها عبر ممارسته التجارة، وشراء عمارات ومحلات تجارية، وفنادق وشقق، مشيرا إلى أن إنكار بختي أمام المحكمة، ذاب أمام حجة الحكم الصادر في حقه بالسجن النافذ مدة 20 عاما، مؤكدا أن بختي لم يستطع مواصلة إنكاره الدائم، وأقر أمام المحكمة البلجيكية، أنه وجد أكياسا بها أموال، لأن تلك الأكياس بها بصماته، وهو دليل كاف لتجريمه بتهمة السرقة، واستعمال السلاح في ذلك، وتشكيل عصابة إجرامية، وتبييض أموال بنية استخدامها في عمل إرهابي.

وتحدث المدعي العام عن التهم التي وجهت لغالبية المتابعين في هذا الملف، بالاستناد على محاضر الأمن، وتصريحات المتهمين أمام قاضي التحقيق، وهي التصريحات التي طعن فيها الدفاع، بدعوى انعدام وسائل الإثبات، واستعمال العنف من قبل جهاز أمني غير مخول له القانون اعتقال المواطنين، لانتزاع اعترافات غير صحيحة، على حد قول المتهمين أمام الهيئة القضائية.

يذكر أن القضاء البلجيكي قرر عدم متابعة بلعيرج بتهمة اغتيال ستة أشخاص، لانعدام وسائل الإثبات، وغياب دليل مادي واحد.