السفير السعودي الجديد في بيروت لـ«الشرق الأوسط»: سنواصل دعم لبنان بغض النظر عن نتائج الانتخابات

قال إن ما يشاع عن تدخلات للمملكة ربما كان من باب التضليل والتأثير على الناخبين

السفير علي بن عواض العسيري
TT

نفى السفير السعودي الجديد في بيروت علي بن عواض العسيري وجود «مرشحين مفضلين» للمحكمة في الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقررة الأحد المقبل، مؤكدا أن المملكة العربية السعودية تأمل أن تؤسس الانتخابات لـ«مرحلة جديدة من التعاون السياسي بين جميع الأطراف لتنطلق ورشة الإصلاح الشامل ويعود لبنان ليكون ملتقى مختلف الحضارات». وشدد في حوار مع «الشرق الأوسط» على أن «المملكة على مسافة واحدة من جميع الأطراف وليس مع مصلحة فئة معينة. كما أنها تحترم خيارات الشعب اللبناني»، معتبرا أن ما يشاع عن تدخلات سعودية «لا يستند إلى أساس سوى أنه ربما من باب التضليل والتأثير على الناخبين». وجزم بأن المملكة «ستتعاون مع كل الأطراف بغض النظر عن نتائج الانتخابات «لأن العلاقات اللبنانية ـ السعودية ليست مرتبطة بظرف سياسي أو مفصل محدد».

وفي ما يلي نص الحوار:

* وصلتم حديثا إلى بيروت، فكيف تنظرون إلى الوضع اللبناني عموما؟

ـ الوضع اللبناني ربما هو الأكثر ديناميكية في المنطقة. وهو على قدر كبير من الأهمية والدقة. ومعروف أن لبنان مر بسنوات حرب طويلة. وهو ينتقل الآن إلى مرحلة جديدة من السلم والحوار وإعادة الإعمار وبناء المؤسسات. ربما كانت في هذا الطريق عراقيل، لكن أملنا أن جميع الفرقاء يتمتعون بالإرادة الطيبة والروح الوطنية ليفعلوا ما فيه مصلحة هذا البلد العزيز.

* ما «خطة عملك» في مقرك الجديد؟

ـ السفارة السعودية في بيروت بيت لجميع الإخوة اللبنانيين من كل الفئات. هكذا كانت وهكذا ستبقى. ونحن نعمل وفق روح أخوية، إذ نعتبر لبنان بلدنا الثاني. وسنقوم، إن شاء الله، بما في وسعنا لتعزيز العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين وتقديم أفضل الخدمات الممكنة لإخواننا اللبنانيين وللمواطنين السعوديين الموجودين في لبنان والقادمين إليه.

* ما حدود معرفتك بالواقع اللبناني المعقد؟

ـ أفضل استبدال كلمة «أكثر إيجابية» بكلمة «معقد»، وأقول إنه متنوع. ولبنان بحاجة إلى الاستفادة من هذا الغنى والتنوع السياسي والفكري والحضاري والثقافي لأنه يشكل نموذجا فريدا في حد ذاته. وعلينا أن ننظر إلى الواقع اللبناني من زاوية جديدة تمكن من استثمار هذا التنوع الفريد وإنتاج واقع جديد يقوم على الاحترام المتبادل والحوار والتواصل والتشارك في تحمل المسؤولية بين أطياف المجتمع اللبناني كافة. وبحكم عملي كدبلوماسي يتابع المستجدات الإقليمية والدولية فمعرفتي بالواقع اللبناني جيدة.

* يترقب اللبنانيون انتخابات نيابية في السابع من يونيو (حزيران) المقبل، فما نظرة المملكة إلى هذا الحدث؟

ـ الانتخابات النيابية هي مظهر من مظاهر الديمقراطية. ولبنان عريق في هذا المجال. والإخوة اللبنانيون على مستوى هذه العراقة ويمارسون هذا الحق الديمقراطي بالفعل لا بالقول فقط. والمملكة تنظر إلى الانتخابات على أنها شأن لبناني داخلي بحت. وتأمل أن تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون السياسي بين جميع الأطراف لتنطلق ورشة الإصلاح الشامل ويعود لبنان ليكون ملتقى مختلف الحضارات.

* هل ثمة مرشحون «مفضلون» للمملكة في هذه الانتخابات؟ وهل تتدخل أو «تتمنى» فوز فريق معين، كما يتهمها بعض الأطراف في لبنان؟

ـ المملكة على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وما يهمها هو مصلحة لبنان ووحدته واستقراره وليس مصلحة فئة معينة، كما أنها تحترم خيارات الشعب اللبناني ولا تتدخل مطلقا من قريب أو بعيد في هذا الشأن. وما يشاع في هذا المجال كلام لا يستند إلى أساس سوى أنه ربما من باب التضليل والتأثير على الناخبين.

* هل يمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات على التعاون السعودي ـ اللبناني، أم أننا سنشهد استمرارا للاحتضان السعودي للبنان وقضاياه بغض النظر عن أي تطور داخلي؟

ـ ما يميز العلاقات السعودية ـ اللبنانية أنها علاقة شعب بشعب، ومهما تكن نتيجة الانتخابات، فإن المملكة ستبقى بجانب لبنان وشعبه. وهذه توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، حيث ستتعاون المملكة مع كل الأطراف وستواصل تعاونها مع المرجعيات السياسية كافة لأن العلاقات اللبنانية ـ السعودية ليست مرتبطة بظرف سياسي أو مفصل محدد، إنها علاقات أخوية راسخة عميقة في التاريخ. وستبقى كذلك للمستقبل، إن شاء الله. ووقوف المملكة بجانب لبنان واحتضان قضاياه كافة واجب وطني أخوي نعتز كل الاعتزاز بتأديته.

* هل صحيح ما يقال عن تعاون سعودي ـ سوري لضبط الوضع اللبناني قبل الانتخابات وخلالها وبعدها؟

ـ القرار الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، بفتح صفحة جديدة مع الإخوان السوريين، ينبع من إرادة صادقة ورؤية حكيمة ورغبة حقيقية في حل المشكلات وتقريب وجهات النظر. وهذا الأمر هو محل متابعة من قِبل مسؤولي البلدين ويتقدم بشكل جيد. وسيكون له بلا شك انعكاس إيجابي على الساحة اللبنانية، إن شاء الله.

* تقدم المملكة الكثير من المساعدات للبنان، دولة وشعبا، فهل من دور سياسي ودبلوماسي تقوم به المملكة إقليميا ودوليا لمساعدة لبنان؟

ـ إن المملكة لن تألو أي جهد في سبيل أن ينعم لبنان بالاستقرار والأمن والرخاء. وهي تقوم بجهود كبيرة مع الدول الكبرى والدول الإقليمية ذات العلاقة بالشأن اللبناني للتوصل إلى ذلك، ولا أكشف سرا إذا قلت إن الملف اللبناني حاضر دائما في لقاءات خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، مع المسؤولين الدوليين وفي الاتصالات التي يجريها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية. وأعتقد هنا أن الإخوة اللبنانيين يواكبون بدورهم هذه الجهود ويسعون إلى الابتعاد عن التوتر والمشاحنات الضيقة والانكباب إلى حوار معمق لإيجاد الحلول للمشكلات العالقة والانتقال بلبنان إلى وضع أفضل. وتمنيات خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، أن يرى لبنان آمنا مستقرا وأن يرى لحمة سياسية وتوافقا وطنيا ليتمكن من مواجهة جميع التحديات.