الخدمة في العراق ترهق الجنود الأميركيين والجيش يدرس أبعاد مقتل 5 على يد زميلهم

جندي خدم 6 فترات متواصلة: أدخن السجائر بشراهة وشعري يتساقط

TT

تسبب حادث في مقتل خمسة جنود أميركيين في مستشفى على يد رفيق لهم في جولته الثالثة من الخدمة يعاني من اضطرابات ناجمة عن ضغوط ما بعد الصدمة إلى قيام الجيش الأميركي بنوع من تحليل الذات للكشف عن أثر خدمة الجنود عدة جولات متتالية.

ويقول خبراء إن مخاطر تعرض الجنود لاضطرابات ما بعد الصدمة تبدأ في الفترة الثالثة من الخدمة. ولكن السارجنت جوزيف هويت ما زال في العراق رغم أنه في الفترة السادسة من الخدمة.

وشارك هويت (28 عاما) من موديستو بكاليفورنيا المتزوج للمرة الثانية في الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بعد أسبوع واحد فقط من استكمال التدريب الأساسي. وبعد أكثر من ست سنوات ما زال هنا في العراق.

وقال من داخل موقعه القتالي الذي يحمل اسم (كوبرا) الواقع على مشارف محافظة ديالى المضطربة في العراق «التعامل مع الإجهاد مشكلة صعبة بالفعل». وقال هويت وهو يشير إلى رأسه الذي بدأ الشعر البني يخف منه «أنا أدخن السجائر بشراهة وشعري يتساقط». قد يكون الإجهاد بالنسبة للجنود الأميركيين أمرا هينا مقارنة بمعاناة العراقيين الذين قتل عشرات الآلاف منهم في التفجيرات والمذابح الطائفية والعمليات القتالية للقوات الأميركية. وهم خلافا للأميركيين غالبا ما يصارعون من أجل الحصول على وسائل الحياة الأساسية مثل المياه والكهرباء.

ويقول تقرير لوكالة رويترز إن قلة من العراقيين هم الذين يتاح لهم فقط الحصول على رعاية صحية للاضطرابات النفسية والعقلية. ورغم ذلك يمكن أن يكون أثر الحرب على الجنود الأميركيين سببا للاضطرابات.

وقال هويت الذي يتمركز اللواء التابع له في ألاسكا «تمر بي أوقات أشعر فيها بغضب عارم.. عندما أكون مضغوطا ومجهدا أريد أن أطلق النار على شيء أو ألكمه. لكني لا أفعل ذلك». واحدة من المتاعب التي تعرض لها أخيرا هو أن ابنته ولدت في اليوم الذي بدأ فيه الخدمة.

وسلطت الأضواء على الإجهاد الذي يتعرض له الجنود الأميركيون الذين يخدمون لفترات طويلة عندما أطلق جندي أميركي النار على خمسة من رفاقه فقتلهم في 14 مايو (أيار).

وأشار الأميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة إلى أن الإجهاد قد يكون عاملا فيما حدث.

ووجهت تهمة القتل إلى السارجنت جون راسل من كتيبة سلاح المهندسين الرابعة والخمسين بعد أن أطلق النار بصورة عشوائية في كامب ليبرتي بالقرب من مطار بغداد. وكان السارجنت يخدم لفترة ثالثة.

وأدى حادث إطلاق النار الذي صدم كثيرين في الجيش الأميركي إلى تحليل مكثف للذات بشأن الإجهاد وكيف يتعامل معه الجنود. وقال ادوارد بروشر وهو نائب مدير في مكتب كبير الجراحين الأميركيين «فترات الخدمة الطويلة تجعل الجنود أكثر عرضة لمخاطر الصحة السلوكية. غالبية الجنود يقومون بواجبهم جيدا. والإجابة البسيطة هو أنه لا توجد طريقة للتنبؤ تسمح لنا بتحديد كيف سيكون رد فعل كل منهم». ويقول الجنود إن أسباب إجهاد القتال كثيرة. وأبرزها هو الخطر والصدمة من موت الأصدقاء والقنابل العديدة التي تزرع في الطرق والهجمات المفاجئة الأخرى الشائعة في حرب العصابات بالعراق. ويقول السارجنت شين اسلوب (27 عاما) من انديانابوليس بولاية انديانا الذي يخدم لفترة ثالثة بالعراق كما قام بمهام في قوات حفظ السلام في كوسوفو من قبل «أصبت بالقنابل 37 مرة في عربة لتطهير (القنابل). أنا الآن لا أسمع بأذني اليمنى». وأضاف «هناك إجهاد يتمثل في عدم معرفة عدوك نصف الوقت. ربما تكون رأيته في الشارع لكنك لا تعرفه». والمشاكل في الوطن أو عدم الانسجام مع الزملاء أو كثرة العمل وشدة الحرارة يمكن أن تكون منهكة وقاسية أيضا.

وغالبية الجنود لا يتصرفون فجأة بحدة بل يجدون سبلا للتعامل مع الإجهاد. فبعضهم يدخن السجائر وغالبيتهم يتوجهون إلى صالة الألعاب الرياضية لكي ينفثوا عن أنفسهم.

يلجأ السارجنت تشاك هيبل (29 عاما) من ولاية بنسلفانيا الذي يخدم للفترة الثالثة إلى الاتصال بزوجته في الولايات المتحدة. ويضيف «أو أذهب للتحدث مع صديق. الحديث عن ذلك أمر مهم. أشاهد فيلما أو آخذ حماما أو أستخدم الانترنت. هناك على الدوام شيء يمكنك أن تفعله قبل أن تسوء الأمور». وإذا فشل ذلك فهناك التوجيه والإرشاد. وحتى المواقع النائية مثل كوبرا بها على الأقل قس وهو مستمع محترف. وأحيانا ما يكون الاعتراف بأنك لا تستطيع التعامل مع البيئة الذكورية للجيش هي أصعب الأمور.

وقال بروشر نائب مدير مكتب كبير الجراحين «ما زال هناك قدر من الشعور بوصمة العار. ولكن فيما يتعلق بالانفتاح والحديث عن التجارب فإننا نؤدي بشكل أفضل كثيرا مما حدث في أي فترة من تاريخ الجيش الأميركي».