مزرعة الجنادرية شهدت قمماً ومصالحات سياسية

بوش توشح بـ«الفروة» اتقاء بردها وزيارة أوباما لها تأتي مع ارتفاع درجة الحرارة

TT

عادت مزرعة الجنادرية الواقعة على الأطراف الشمالية الشرقية من العاصمة السعودية الرياض إلى الواجهة مجددا، مع حلول الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس ضيفا على السعودية، ولقاء الملك عبد الله به في قمة سعودية ـ أميركية. وكانت مزرعة الجنادرية قد سُلطت عليها الأضواء كثيرا خلال السنوات الماضية، بعد أن استضاف الملك عبد الله بن عبد العزيز كثيرا من ضيوف بلاده في هذه المزرعة التي تعود ملكيتها إليه ويحرص على ارتيادها للعمل واستقبال الضيوف أو قضاء ساعات فيها خلال الإجازة الأسبوعية.

وحل أوباما ضيفا على الملك عبد الله في مزرعته بالجنادرية، في قمة سعودية ـ أميركية كان محورها السلام في الشرق الأوسط. وأجواء مزرعة الجنادرية ليست بذات الأجواء التي حل فيها سلف أوباما السابق، جورج بوش، شتاء العام الماضي، فالرئيس أوباما لم يكن بحاجة لأن يتدثر «الفروة» العربية، كما فعل سلفه، فهو قد حل في المزرعة الأكثر شهرة في طقس تلامس فيه درجة الحرارة في الصحراء الـ50 درجة مئوية. وأصبحت المزرعة منذ سنوات موقعا للعديد من لقاءات الملك عبد الله المختلفة من سياسية وعلمية واجتماعية، كما تحولت إلى مقر غير دائم للملك الذي يحرص على زيارتها بين الحين والآخر. وتقع مزرعة الجنادرية في الشمال الشرقي لمدينة الرياض وتبعد عن المدينة نحو 70 كلم، بجانب مقر إقامة المهرجان السنوي للثقافة والتراث «الجنادرية» وتتخذ مساحة شاسعة، وتضم إسطبلات للخيل، وحقولا لزراعة الخضار والفواكه، إضافة إلى مراع للماشية، إذ تربى في المزرعة آلاف الأغنام، إضافة للإبل، والغزلان والأبقار والنعام، وتحتوي المزرعة على مصنع للألبان والعصائر، إضافة إلى مزارع للدواجن ومساحات لزراعة الأعلاف، وتضم المزرعة مساكن؛ منها ما هو معد لضيوف الملك، أو مرافقيه، إضافة إلى وجود مستشفى للحالات الطارئة ومركز للإطفاء ومطار لهبوط الطائرات العمودية، ومركز للحراسات، وتقع وسط المزرعة وبجانب بحيرة جميلة خيمة كبيرة وصفها الرئيس السوداني عمر حسن البشير حين توقيعه مذكرة المصالحة مع تشاد في مايو (أيار) 2008 بأنها خيمة العرب، لضخامتها وتصميمها الأنيق، حيث تتخذ شكلا هندسيا مميزا، وتمتاز بارتفاعها الشاهق. فيما تعتلي «الفلجان»، وهي القطع المنسوجة من وبر الإبل أو الماعز، قمة الخيمة لتكسى بها من الأعلى لتكون سقفا لها. وتمتاز الخيمة التي عادة ما يقابل الملك عبد الله ضيوفه فيها من الداخل بالبناء الحديث حيث كسيت بحلة من الألوان الذهبية التي زينت بها اللوحات الجبسية في كافة قاعات الخيمة، فيما تتوسط القاعة الرئيسية في الخيمة صورة للمؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وهو متوشح مشلحه «البشت» وبيده عكازه، فيما على الجهة الأخرى المقابلة صورة للملك عبد الله بن عبد العزيز مع أحد الخيول العربية الأصيلة. وعقدت في المزرعة لقاءات لزعماء عالميين ونخب ثقافية وعلمية، كما استقبل فيها الملك عبد الله المواطنين وضيوف البلاد، كما شهدت المزرعة عقد مصالحات سياسية بين الدول، ونوقشت فيها قضايا شائكة سياسية واقتصادية، حيث ناقش الملك عبد الله في خيمته التي تتوسط المزرعة أهم القضايا العالمية والعربية والقضايا الاقتصادية خاصة القضية الفلسطينية، وفيها استقبل العديد من زعماء العالم وفيها تمت اتفاقية المصالحة التي وقعت بين الحكومة السودانية والتشادية في مايو (أيار) عام 2007، بعد خلافات استمرت طويلا خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور.

وفي الخيمة العربية استضاف الملك عبد الله الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، حيث بات فيها ليلة مع زوجته في شتاء عام 2008 وغادرها متوشحا «الفروة» العربية لشدة البرد في ذلك الوقت، كما استقبل في المزرعة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، وفيها عقد اجتماعا مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، وفيها استقبل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وكذلك نائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني، وشهدت أيضا اجتماع الملك عبد الله مع وزراء خارجية الدول الست المجاورة للعراق إضافة إلى مصر والبحرين. وعلى الصعيد الاقتصادي استقبل الملك عبد الله في تلك الخيمة بيل غيتس الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» والوفد المرافق له. وأما على الصعيد الإنساني ففيها استقبل الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ بحضور الملك عبد الله الثاني بن الحسين عاهل الأردن ـ الأطفال السياميين الذين تم إجراء عمليات فصل لهم في السعودية، كما استقبل فيها الطفلة الليبية زهور ناجي ووالديها بعد أن من الله عليها بالشفاء إثر العملية الجراحية التي أجريت لها على نفقته الخاصة.