القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي تقتل الرهينة البريطاني في مالي

مصدر حكومي جزائري: رفضنا أي اتصال بين بريطانيا والخاطفين * غوردن براون يندد بالقتل «البربري» للرهينة

الرهينة البريطاني إدوين داير في آخر صورة له (رويترز) وفي الاطار أبو قتادة
TT

أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أمس أنه نفذ تهديده وقتل رهينة بريطانيا كان محتجزا في منطقة الصحراء. وقالت بريطانيا إن لديها من الأسباب ما يدعوها للاعتقاد بأن الرهينة ادوين داير قتل. وأدان رئيس الوزراء جوردون براون قتل المواطن البريطاني ووصفه بأنه «عمل إرهابي وحشي».

وأفاد مصدر حكومي جزائري رفض نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات الجزائرية «كانت رافضة لأي اتصال بين الحكومة البريطانية وعناصر (القاعدة) بهدف فك أسر المواطن إدوين داير، لأننا ندرك أن مجرد التفاوض مع هؤلاء الإرهابيين الذين نحاربهم منذ سنين طويلة سيجعلهم يشعرون بأنهم قوة فاعلة تفرض على دول المنطقة التعامل معها». وأفاد المصدر الذي يتابع قضايا الاختطاف في الساحل الأفريقي وفي الجزائر خاصة، أن قوات الأمن الجزائرية شاركت بشكل كبير في مساعي البحث عن الرعايا الغربيين الذين اختطفهم تنظيم القاعدة نهاية 2008 ومطلع 2009، «وقد أمددنا الماليين بما نملك من خبرة في مجال مكافحة الإرهاب، وحذرناهم من لعب دور الوسيط أو المفاوض بالنيابة عن الدول المعنية بأزمة الرهائن، وبلغنا الأطراف ذات الصلة بالقضية بأننا لا نتحمل مسؤولية ما قد يقع للرهائن في حال الموافقة على مطالب (القاعدة)». وأشار ذات المصدر إلى أن بيان إعلان إعدام إدوين داير «دعوة غير مباشرة إلى تدخل بريطانيا وحلفائها عسكريا بالمنطقة لحماية رعاياهم ومصالحهم المهددة من طرف الجماعات السلفية التي تمارس الإرهاب». وقال المصدر إن الجزائر «تعتبر نفسها غير معنية بصفة مباشرة بقضية الرهائن لأن الحادثة وقعت فوق أرض بلد آخر، لكننا معنيون من حيث إن الخاطفين ينتمون إلى تنظيم إرهابي نحاربه منذ سنين طويلة، وقياداته وعناصره مطلوبون من طرف القضاء، ومن هذا المنطق وضعنا خبرتنا تحت تصرف الجيران في مالي والنيجر لمواجهة الجماعات المحسوبة على (القاعدة) التي تهدد أمنهم».

وقال مصدر رسمي في الجزائر لرويترز: «طبقا لمعلوماتنا قتل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي البريطاني في مالي». إلى ذلك قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إن لدى حكومته أسبابا قوية تحمل على الاعتقاد بأن المواطن البريطاني المختطف في دولة مالي قد قتل. وندد براون في بيان صدر عنه من مقر الحكومة البريطانية في داوننج ستريت في لندن بهذا الفعل الإرهابي «الرهيب والبربري»، مضيفا أن حكومته ستقدم لمالي كل الدعم لاجتثاث القاعدة. ولم تكشف الحكومة البريطانية عن الأسباب الداعية لهذا الاعتقاد. وندد بهذا الفعل «المرعب والبربري»، مضيفا أن الحدث التراجيدي يعزز التزام حكومته «للتصدي للإرهاب». وقال: «إنها تقوي عزيمتنا في رفض الإذعان لمطالب الإرهابيين ودفع فدى.. ونؤكد لهم، وبما لا يدع مجالا للشك، أننا وحلفاءنا، سنتعقبهم دون هوادة». وكان إدوين داير قد تعرض، وسائح سويسري، للاختطاف، أثناء مشاركتهما في مهرجان على الحدود بين مالي والنيجر في يناير (كانون الثاني) الماضي، ولاحقا، قامت خلايا القاعدة بنقله إلى مالي. وكان التنظيم قد هدد بقتل الرهينة البريطاني داير إذا لم تفرج الحكومة البريطانية عن رجل الدين الإسلامي الأردني أبو قتادة المحتجز في سجونها.

وقال التنظيم في بيان نشر في موقع على الإنترنت تستخدمه جماعات مرتبطة بالقاعدة إن الرهينة قتل يوم 31 مايو (أيار) بعد انقضاء مهلة ثانية لتنفيذ مطالبهم. وكانت محكمة بريطانية قد أصدرت حكما بإبعاد أبو قتادة في فبراير (شباط)، في قرار سارعت منظمات حقوق الإنسان إلى انتقاده. وأبو قتادة مطلوب في الأردن، حيث كان قد أدين وحكم عليه بالسجن مدى الحياة غيابيا لضلوعه المزعوم في عدد من التفجيرات عام 1998. وترى الحكومة البريطانية أن تسليم أبو قتادة إلى الأردن يصب في حربها على الإرهاب، غير أن جماعات بريطانية معارضة تشير في معارضتها لقرار التسليم إلى سجل الأردن في «انتهاك» حقوق الإنسان، وكانت لندن قد أكدت تلقيها ضمانات بعدم تعريض أبو قتادة للتعذيب في حال تسليمه إلى الأردن، إلا أن المعارضة تقول إن مثل تلك الاتفاقيات غير ملزمة، ولا توفر الحماية للمشتبهين. وكانت السلطات البريطانية قد أمرت بحبس أبو قتادة بموجب قوانين محاربة الإرهاب بين عام 2002 وأوائل 2005، ومن ثم أطلق سراحه وأعيد اعتقاله في أغسطس (آب) 2005، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، بتهم جمع الأموال للجماعات المتشددة، وتقديم «المشورة والفتاوى الدينية» للمليشيات التي تعتزم شن هجمات إرهابية. وذكرت وزارة الخارجية البريطانية أن داير خطف على الحدود بين النيجر ومالي في أواخر يناير (كانون الثاني) ولكنها رفضت تقديم المزيد من التفاصيل عنه. وتقول صحافية تايمز إن داير كان ضمن مجموعة من السائحين الأوروبيين الذين خطفوا بعد حضورهم «مهرجانا في الصحراء» للموسيقى الأفريقية قرب تيمبوكتو.

وفي الشهر الماضي قالت وسائل إعلام جزائرية إن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يطالب بعشرة ملايين يورو نحو 14 مليون دولار مقابل الإفراج عن البريطاني والرهينة السويسري. وقالت سليمة تلمساني وهي خبيرة في القضايا الأمنية وتكتب في صحيفة الوطن الجزائرية إن داير قتل بسبب عدم دفع الفدية.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إن بريطانيا تعمل مع مسؤولين سويسريين لضمان الإفراج عن الرهينة السويسري من دون تقديم تنازلات جوهرية. ويقول محللون إن منطقة الصحراء أصبحت غير آمنة بشكل متزايد وأن الخط الفاصل بين المتشددين والمجرمين أصبح غير واضح.