البرلمان الهندي ينتخب ميرا كومارو رئيسة له.. لتصبح أول امرأة تشغل المنصب

تنتمي لطائفة المنبوذين وعملت في سفارات بلادها في اسبانيا وبريطانيا

TT

صنع أكبر نظام ديمقراطي في العالم تاريخا جديدا أمس، إذ انتخب البرلمان الهندي أول سيدة رئيسة له، لتصبح ميرا كومار أول امرأة هندية تتولى أعلى المناصب الدستورية في البلاد. وتنتمي كومار البالغة من العمر 64 عاما، وهي دبلوماسية سابقة وعضو البرلمان لخمس فترات منذ عام 1985، إلى طائفة «المنبوذين» في المجتمع الهندي. وقد انتخبت بعد الموافقة على قرار اقترحته رئيسة التحالف التقدمي المتحد سونيا غاندي وأيده زعيم الحزب براناب موخرجي بالاقتراع الصوتي. ويفتتح المجلس أولى جلساته يوم الاثنين.

وبعد انتخابها، توجه كل من رئيس الوزراء مانموهان سينغ وزعيم حزب بهاراتيا جاناتا إل كيه أدفاني إلى كومار بالتهنئة. وأكد رئيس الوزراء تعاون الحكومة التام معها في إنجاز مهامها. وقال: «أحييك وأهنئك على انتخابك بالإجماع». ولكن مع وجود سيدة أمام دفة القيادة، هل تتغير الأمور؟ هل يصبح البرلمانيون الذين اعتادوا على المشاجرات الغاضبة وأحيانا الضربات العنيفة أكثر حذرا في وجود رئيسة؟

بالنسبة لميرا، يقول المحللون إن خبرتها الخارجية ستساعدها جيدا في الدبلوماسية البرلمانية من خلال مجموعات مثل الرابطة البرلمانية للكومنولث. ويمكن أن يكون أسلوبها المعتدل في الحديث ميزة. وهي تحسن التصرف ومرحب بها من جميع الأحزاب. وسيكون مجلس النواب مع قيادة امرأة له تحت قيود طبيعية. وتتحدث أوراق اعتماد ميرا عن ذاتها. لقد حصلت على درجة في القانون ودرجة الماجستير في اللغة الإنجليزية، والتحقت بالخدمة الخارجية الهندية في عام 1973، وعملت في سفارات الهند في اسبانيا والمملكة المتحدة وموريشيوس. ويدرك من يعرفها أنها كاتمة أسرار وتحقق النجاحات، وهي معتدلة الحديث، ويمكنها الابتسام في وجه نقادها، بل وفي وجه أقسى المعارضين. ويذكر البعض ميرا على أنها وزيرة تشبه سيدات الأعمال، فلم تكن تعلق على القضايا المثيرة للجدل.

ويقول المحللون السياسيون إن وجود رئيسة لمجلس النواب سيقوي من موقف حزب المؤتمر كبطل مناصر لقضايا المرأة، حيث كان للحزب دور مهم في وصول أول سيدة إلى منصب الرئاسة، وهو يعين حاليا أول رئيسة في البرلمان.

ويجعل ذلك الحدث حزب المؤتمر يبرز بصفته مهتما برخاء المنبوذين الذين واجهوا التمييز من الطبقة العليا من الهندوس على مدار قرون. ويشكل المنبوذين حوالي 16 في المائة من تعداد السكان في البلاد والبالغ عددهم 1.1 مليار نسمة. ويحتل عدد قليل للغاية منهم في الهند مناصب سلطوية أو يمتلك ثروة. وتشهد الهند في الفترة الأخيرة تولي المرأة مناصب عليا في الحياة السياسية. وقد شهدت الانتخابات الحالية أعلى معدل نسائي حيث بلغ الأعضاء من السيدات 61 سيدة، وهو أعلى رقم منذ الاستقلال. وفي العام الماضي، انتخبت الهند أول رئيسة لها بارتيبها باتيل، وتحتل رئيسة حزب المؤتمر سونيا غاندي بالفعل منصب رئيسة التحالف التقدمي المتحد الحاكم.

وفي البرلمان الخامس عشر، تم انتخاب 23 سيدة تنتمي إلى حزب المؤتمر و13 سيدة تنتمي إلى بهاراتيا جاناتا. ومع احتلال المرأة عُشر المقاعد في البرلمان الهندي، ما زالت النسبة منخفضة مقارنة بالدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة (19.3 في المائة) والولايات المتحدة (16.3 في المائة) وإيطاليا (16.1 في المائة) وأيرلندا (14.2 في المائة) وفرنسا (13.9 في المائة). ويعد البرلمان السويدي الذي تبلغ فيه نسبة تمثيل المرأة 47 في المائة من أفضل النسب التي تحققت في العالم. وبالنسبة لمجتمع ذكوري مثل الهند، حيث تنتشر فيه ممارسات وأد البنات وقتلهن وهن أطفال، تعد أي زيادة في أعداد النائبات من السيدات في البرلمان حدثا كبيرا. وقد خاضت السيدات اللاتي فزن في الانتخابات منافسات ضد مرشحين من الرجال.

ولم تقدم أية تنازلات لهؤلاء السيدات أثناء الحملة الانتخابية ولم تكن هناك تحفظات في البرلمان. وتعود حقيقة فوز المزيد من السيدات إلى تغير مكانة المرأة في المجتمع. ويظل الشعب يحمل آمالا عريضة على البرلمانيات الجدد. وتقول أغاثا سانغمان (27 عاما) وهي أصغر برلمانية ووزيرة في الحكومة: «يعد الاستقلال المادي أهم قضية بالنسبة للمرأة الهندية ويجب أن تتعاون البرلمانيات معا من أجل تنفيذ تشريع يراعي الفوارق بين الجنسين». وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع تمرير مشروع قانون يقترح تحديد نسبة 33 في المائة للسيدات في البرلمان، وكان مؤجلا لمدة عقد بسبب معارضة العديد من الأحزاب، وذلك نظرا لسيطرة حزب المؤتمر على أغلبية مقاعد البرلمان.