إسلاميو طرابلس غاضبون.. ويتوعدون تلقين «تيار المستقبل» درسا

السلفيون يصوتون بعد فتوى شرعية أدخلتهم المعترك السياسي

أقارب سجناء إسلاميين لبنانيين في مظاهرة خارج سجن رومية شرق بيروت للمطالبة بإطلاق سراحهم (إ.ب.أ)
TT

إذا كان من شيء واحد يجمع الإسلاميين في طرابلس عشية الانتخابات النيابية، فهو الغضب من فريق 14 آذار، وتحديدا «تيار المستقبل». فالجماعات الإسلامية على تعددها وتنوع مشاربها، لم تحظ بنصيب على لوائح الموالاة، باستثناء مرشح واحد لـ«الجماعة الإسلامية» في بيروت، وظل الباقون منفردين، أو منسحبين على استحياء، فيما يصر آخرون (وهؤلاء من المعارضة) على أنهم سيتابعون المعركة حتى النهاية، و«سيلقنون تيار المستقبل درسا لن ينساه».

ويعترف الإسلاميون بأنهم مشرذمون ومنقسمون، لكن كل فئة منهم، تعتقد أنها وحدها بمقدورها أن تكون وازنة انتخابيا، لا بل وأن تؤثر جديا في تغيير النتائج. ويتوعد الشيخ بلال شعبان، المرشح عن طرابلس، بالتعاون مع «جبهة العمل الإسلامي»، «بتكتيكات سرية انتخابية، ستحدث المفاجأة»، وهو لن يعلن عنها. ويقول: «يوم 8 يونيو (حزيران) سيعرف «تيار المستقبل» أي خطأ ارتكبه بتشكيل لائحة لا تجانس أو انسجام فيها في المدينة». ويضيف شعبان: «هم شعارهم بالنسبة للائحة: زي ما هيي. ونحن شعارنا: شطب واتكل على الله». ويترشح أيضا منفردا عن الإسلاميين في طرابلس رامي ضرغام، عن «جبهة العمل الإسلامي» المعارضة، والشيخ السلفي حسن الشهال، الذي يصفه قريبه الشيخ داعي الإسلام الشهال، بأنه «ثلاثة أرباعه من المعارضة». أما المرشح الرابع محمد الحلبي، من التيار السلفي، فيقول الشيخ داعي عنه، بأنه بات مرشحا شكليا، بسبب عدم توصل السلفيين مع تيار المستقبل إلى اتفاق.

بدت طرابلس بعد 7 مايو (أيار) 2008، (حين اندلعت اشتباكات في طرابلس إثر اندلاعها في بيروت، بين حزب الله وأنصار تيار المستقبل)، وكأنها معقل إسلامي بامتياز وبؤرة للإرهاب. إلا أن الإسلاميين والسلفيين تحديدا، لا وزن انتخابيا لهم حين يتركون منفردين، ويتخلى أقطاب السياسة عنهم. ويقول الشيخ السلفي داعي الإسلام الشهال، الذي تحول إلى نجم عشية 7 مايو (أيار) بسبب مواقفه الصلبة ضد حزب الله: «إن مرشحه رامي ضرغام، تم تسجيله كمرشح على أمل الوصول إلى توافق مع تيار المستقبل، لكن ذلك لم يحدث». ويتابع الشيخ: «عتبنا على تيار المستقبل كبير، لأنه لم يتعامل مع السلفيين بلياقة، كما أنه ظلمهم، ولم يفهم حقهم أو يتعامل مع وزنهم الحقيقي، على الرغم مما قدموه من تضحيات، وما لعبوه من دور أساسي في الدفاع عن أهل السنة، يوم اجتيحت بيروت في 7 أيار (مايو) الماضي، ورفعوا رأس الطائفة». ويكمل الشيخ بالقول: «نحن لا ننتظر مكافأة من أحد، وما كنا لنقبل بمرشح واحد على لوائهم، فنحن لنا وجود على امتداد الأراضي اللبنانية. وقد وجدنا أن لا ضرورة للخلافات مع الآخرين، أو الدخول في زواريب سياسية ضيقة، فتراجعنا. هم تهربوا من الالتزام معنا، وهذا في رأينا ظلم للتيار السلفي». ويتابع قائلا: «لنا تأييد شعبي، وأنصارنا من السلفيين يصلون إلى عشرات الألوف. أما بقية الإسلاميين كالسلفيين المعارضين وجبهة العمل الإسلامي فهؤلاء وجودهم ضعيف». وردا على سؤال حول من سيصوت للسلفيين الموالين يوم الأحد، يجيب داعي الشهال: «لو رشحونا على لوائحهم لكنا رقم واحد، أما الآن فنحن ملزمون بالأربعة السنة الموجودين على اللائحة (تضم لائحة 14 آذار في طرابلس: 5 سنة، أرثوذوكسيا واحدا، مارونيا واحدا، علويا واحدا) أما الخامس أي أحمد كرامي، فنترك للناس أن يتنفسوا ويختاروا مرشحهم بدلا منه إن أرادوا». وينفي الشهال، أن يكون قد أعطى أي إيعاز لمرشحيه بانتخاب رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي، بدلا من أحمد كرامي، وذلك «لأن ليس لنا ضمانات من عمر كرامي، بما سيفعله بعد فوزه، لذا لا نستطيع أن نطلب التصويت له». لكن في الوقت نفسه يأسف الشهال، أن لا يكون عمر كرامي، على لائحة التضامن الطرابلسي هذه، لجمع شمل المدينة. ويرجح أن تميل كفة مناصري الشهال، للمرشح المنفرد مصباح الأحدب، المحسوب على 14 آذار، الذي يحمل لواء إطلاق سراح المساجين الإسلاميين في السجون اللبنانية.

ويتحدث مصدر سلفي مطلع في طرابلس، رفض الكشف عن اسمه، عن شرذمة كبيرة في صفوفهم، مستغربا أن يتمكن أي فريق منهم، من التأثير في نتائج الانتخابات، ما دامت أصواتهم مشتتة بين الموالاة والمعارضة. ويضيف المصدر: «بعضهم يبالغ في تقدير عدد الأصوات، التي يمكن له أن يجيرها، أو يحصل عليها، كي يبيعها في ما يشبه المزاد العلني لأحد الأقطاب الكبار. وهو ما يؤكد أن تضخيم حجم السلفيين بعد أحداث 7 مايو (أيار) كان مفتعلا بشكل كبير، وهو صنيعة السياسيين الأساسيين الذين يمتلكون مفاتيح التحكم باللعبة». ويؤكد مسؤول عن الحملة الإعلامية لأحد المرشحين المنفردين الأقوياء في المدينة، رفض الكشف عن اسمه، أن مزادا بالفعل يتم على أصوات هذا المرشح الإسلامي أو ذاك أو حتى غير الإسلاميين، لتجيير الأصوات، ومفاوضات تجري في الخفاء، لكن الاتفاق معهم صعب «لأن بطنهم بات كبيرا»، ويبالغون في حجم الأصوات التي يمتلكونها، لرفع سقف المبلغ الذي يطلبونه».

وكانت مجموعة من السلفيين، أصدرت فتوى الشهر الماضي، بعد اجتماعات مطولة، أجازت الاقتراع والمشاركة في الانتخابات، وهو ما كانوا يعتبرونه «حراما شرعا». ولم تشمل الفتوى «حزب التحرير» الذي بقي على موقفه من رفض المشاركة السياسية في نظام غير إسلامي. وجاء في الفتوى: «ما ضير المرشح إذا اتخذ المجلس أسلوبا من أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبابا من أبواب الدعوة إلى الإسلام من خلال عرض أفكاره ومبادئه وتشريعاته، وكذلك عبر وسائل الإعلام المتنوعة؟ وهو بذلك يكون قد أقام الحجة على الآخرين. أيكون هذا خيرا للدعوة، أم للانعزال والتقوقع؟ أيكون هذا خيرا للدعوة أم للسلبية والتواري عن الأنظار؟ ذلك أن محاسبة الحكومة من الأعمال الواجبة شرعا، وهي تندرج تحت أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غير أن المحاسبة ينبغي أن تكون على أساس الإسلام ووفق أحكامه، لأن المحاسبة تتضمن أمرا ونهيا». وتضيف الفتوى: «يستطيع المرشح أن يكبح جماح العهر والفجور وتعاطي المخدرات والإدمان الكحولي، ويستطيع المرشح أن يواجه مشروعات التغريب والاستسلام للأجنبي والتطبيع معه والتسلط، ويستطيع المرشح أن يقوم السياسات الاقتصادية والتربوية والإعلامية بالتعاون مع كتلته ونواب آخرين من خارجها».