لبنان عشية الانتخابات : انتشار واسع للجيش والقوى الأمنية.. وتعليمات بـ«عدم التهاون أمنيا»

فرنجية يتهم الرئيس بالتدخل لصالح «14 آذار» والجدل حول قضاء جبيل يتصاعد

عمال لبنانيون خلال تحضير صناديق الإنتخابات أمس (رويترز)
TT

تنطلق اليوم التحضيرات الميدانية للانتخابات البرلمانية التي ستجري غدا في كل لبنان دفعة واحدة لأول مرة في تاريخه، والتي ترتدي هذه المرة طابعا تنافسيا حادا، وستنتج خيارات أساسية تحدد وجهة السياسة اللبنانية في مرحلة مهمة إقليميا ودوليا.

ومنذ ظهر أمس بدأت قطاعات من الجيش اللبناني وقوى الأمن عملية انتشار واسعة تغطي مختلف المناطق وخصوصا في محيط مراكز الاقتراع، في إطار خطة متكاملة لحماية العملية الانتخابية. ومن المفترض أن تبدأ عملية تسليم صناديق الاقتراع اعتبارا من صباح اليوم، حيث يرافق كل صندوق اقتراع رئيس قلم وكاتب وعنصران من قوى الأمن الداخلي.

وعقد قائد الجيش العماد جان قهوجي اجتماع عمل مع أركان القيادة وقادة المناطق والوحدات الكبرى. وأعطاهم توجيهاته عشية الانتخابات، فدعاهم إلى «الجهوزية الكاملة للقيام بالمهمة الموكلة إليهم، بعدما استكمل الجيش مختلف التحضيرات البشرية واللوجستية للتنفيذ»، مؤكدا أن «هذا الاستحقاق يستأهل منا تحمل الأعباء المضنية وبذل أقصى الجهود لتوفير أمن المواطن في الانتقال إلى مراكز الاقتراع والتعبير عن خياره بحرية». وشدد على «وجوب التدخل بسرعة وحزم لضبط أي إشكال ومنع تفاقمه، وعدم التهاون مع أي محاولة للإخلال بالأمن وتجاوز النظام والقانون والتي من شأنها الإساءة إلى هيبة الدولة وصورة الوطن الحضارية».

ونفى وزير الداخلية زياد بارود وجود بطاقات هوية مزورة، معتبرا أن الأهم هو عدم القدرة على استعمال «بطاقات مقلدة» إذا وجدت. وأشار إلى أنه لا يسمع عن بطاقات الهوية المزورة «إلا عبر الإعلام» وأوضح «في هذه المسألة كانت هناك شكوى حول 600 بطاقة تمت معالجتها. والمعالجة يجب أن تكون فورية. ونحن على استعداد حتى منتصف ليل السبت للقيام بكل ما يلزم في خصوص هذا الموضوع». وذكر أن البطاقات لم تكن مزورة، «بل كان هناك إشكال حول المعطيات التي فيها. وتمت معالجتها كما يجب». وقال: «بالنسبة إلى البطاقات المقلدة التي سمعت عنها، فقد وعدت بأن أعلن عنها مع التدابير التي اتخذت غدا (اليوم). وأطمئن اللبنانيين إلى أن وزارة الداخلية حريصة على هذا الموضوع، والتدابير كانت جدية. وسنذهب يوم الأحد (غدا) بكل هدوء إلى الانتخابات. أنا أتفهم الهواجس، لكنها يجب أن تقترن بمعطيات لنتحرك على أساسها» مشددا على أنه «ليس من السهل استعمال بطاقة مزورة يوم الأحد على الإطلاق. وحتى لو زورت كما يزور جواز السفر وغيره، المهم ألا يتمكن أحد من استعمال المزور». وأبدى بارود ثقته بالوضع الأمني، قائلا: «لدينا ثقة بالجيش وقوى الأمن الداخلي المولجة الخطة الأمنية التي أقرت منذ أسابيع في مجلس الأمن المركزي. ولدينا ثقة كاملة بالجيش وقوى الأمن الداخلي لجهة قيامهم بأقصى ما هو ممكن، بالإضافة إلى الاحتضان من كل القوى السياسية لهذه الخطة ومشاركة فعلية من الجميع، لأن هذه مسؤولية مشتركة تصل إلى حدود المواطن المطلوب منه أن يكون شريكا في هذه الخطة الأمنية».

وبدا أن خطوة إعادة تشكيل اللوائح المنافسة لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون قد أدت إلى تغيير في موازين القوى، وأعطت دفعا كبيرا لقوى «14 آذار» التي تسعى إلى إلحاق هزيمة بعون في المناطق المسيحية. وصعد عون أمس حملته على أطراف الأكثرية واصفا إياهم بـ«اللصوص». وقال: «دخلنا بعقلية أن لبنان مر بتجارب قاسية واعتقدت عندما نزلنا إلى ساحة الشهداء أن جماعة 14 آذار سوف يفكرون بالمصلحة العامة. إنما وجدتهم لا يزالون تجارا لصوصا والوا السوريين عندما كانوا هنا. وقد شتمونا قبل أن يصلوا (السوريون) إلى الكحالة على طريق الشام. وفهمت أن القصة كذبة كبيرة. وحاولوا منع عودتي لأنهم أدركوا أنهم سوف يصطدمون معي». وأضاف: «تغلبنا على الصعوبات واستطعنا النجاح بحجم معقول العام 2005 واليوم ولأول مرة في تاريخ لبنان معركتنا تمتد من الحدود إلى الحدود».

وقال مرشحو لائحة تكتل «التغيير والإصلاح» في جبيل النائبان وليد الخوري وعباس هاشم والمرشح سيمون أبي رميا، في بيان أصدروه أمس تعليقا على الانسحابات التي أعلنت في هذه الدائرة التي تشهد معركة حامية، والتي أعطت دفعا كبيرا لقوى «14 آذار»، إن «هذه اللعبة المسرحية التي شارك فيها مرجعيات سياسية ووزراء وسفراء، تحمل الطابع الخبيث الذي ما زلنا نعاني منه منذ بداية الحرب اللبنانية (...) تبين أن الوسطية التي يدعونها هي وجه من وجوه 14 آذار، وليس لها خصم سوى العماد ميشال عون ولوائح التغيير والإصلاح». وشددوا على أن «التنافس اليوم في جبيل هو بين لائحة التغيير والإصلاح برئاسة العماد عون وبين لائحة الفئة التي تسلطت على النظام منذ التسعينات».

واتهم الوزير السابق سليمان فرنجية مرشح المعارضة عن أحد المقاعد المارونية في منطقة زغرتا، رئيس الجمهورية بالتدخل في الانتخابات مع فريق ضد آخر. وقال إن الرئيس يزور بلدته عمشيت في قضاء جبيل ويتصل بمرشحي الموالاة، وانه سحب المرشحين اميل نوفل ومحمود عواد من اجل دعم المرشحين الذي يواجهون لائحة عون.

وقد زار النائب السابق فارس سعيد البطريرك الماروني نصر الله صفير أمس، حيث أكد أن «من سيحدد نتائج هذه الانتخابات المصيرية، كما ذكر في آخر نداء لمجلس المطارنة الموارنة، هو الصوت المسيحي بالتحديد. وبالتالي ما حصل في جبيل وضع المعركة في نصابها الحقيقي وكانت له انعكاسات ايجابية على كل مناطق لبنان من زغرتا إلى زحلة إلى بعبدا والمتن وكسروان. وهذا شيء ايجابي يضع المسيحيين أمام خيار بين اثنين: خيار الدولة، أي قيام دولة واحدة بجيش واحد موحد وقانون واحد وقرار واحد، أو خيار الدويلة التي تعرقل عملية قيام هذه الدولة. وربما رمزية معركة جبيل قامت منذ البداية حول هذه النقطة. واليوم انعكست على سائر المناطق اللبنانية». وأفاد أنه طمأن البطريرك إلى «أن كل التحضيرات جاهزة من أجل أن يأتي الصوت المسيحي بكثافة في هذا الاتجاه». ودعا أهالي جبيل إلى «التصويت بكثافة استثنائية أمام ما يجري»، قائلا: «لا تخافوا من الأمور الأمنية «فلن يحصل شيء». فإخواننا الشيعة واعون وكذلك نحن. ونتمنى أن لا يحصل شيء».