براون يكشف عن تعديلات وزارية.. ويصر على التمسك بمنصبه ويعد بأن «يقاتل»

استقالات جديدة من الحكومة.. وأوباما يتصل برئيس الوزراء البريطاني ويتحدث معه لربع ساعة

رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بعد المؤتمر الصحافي أمس (رويترز)
TT

تحدى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أمس المطالبون باستقالته، وأكد تمسكه بمنصبه ووعد بأن «يقاتل» مع فريقه لإنقاذ البلاد من التردي الاقتصادي و«تنظيف السياسة» بعد فضحية نفقات النواب التي هزت الحياة السياسية في الأسابيع الماضية. واعترف براون الذي أعلن أمس على تعديلات في حكومته بعد رابع استقالة لوزير في الحكومة خلال بضعة أيام، بأن حزب العمال أصيب «بخسارة مؤلمة» في الانتخابات المحلية التي جرت أول أمس، إلا أنه أضاف: «لن أتردد. ولن أغادر منصبي. سوف أقوم بتأدية عملي». وفي مؤتمر صحافي عقده في داونينغ ستريت لإعلان التعديلات الحكومية، تعرض فيه براون لسيل من الأسئلة حول صوابية قراره بالاستمرار على رأس حزب العمال والحكومة، قال: «لو لم أعتقد أنني الشخص الصحيح لقيادة الفريق الصحيح، لما كنت أقف هنا. لا يمكن لأحد أن يسامح حكومة حزب العمال إذا تخلت عن واجباتها. لديّ التصميم لكي أستمر». وأضاف أنه يؤمن «بعمق بأن خدمة بلاده» أهم من خدمة نفسه أو حزبه. وكان من المفترض أن يعلن براون عن التعديلات في حكومته الأسبوع المقبل، إلا أن الاستقالات المتتالية والمستمرة في حكومته دفعته إلى تقديمها حتى يوم أمس. وبعد استقالة وزيرة الداخلية جاكي سميث ووزيرة الأقليات هازيل بليز من منصبيهما، كان آخر المستقلين: وزيرة الإسكان مارغريت بيكيت، ووزير النقل جيف هون، ووزير الدفاع جون هاتن، ووزير الإسكان والمعاشات جايمس بورنيل، وكارولين فلينت وزيرة الشؤون الأوروبية التي قالت بعد تقديم استقالتها إن بروان كان يستعملها «كواجهة نسائية» فقط، رغم أنها أكدت قبل يوم أنها لن تستقيل من منصبها وأنها تقدم دعمها الكامل لرئيس الوزراء.

وفي التعديلات التي أجراها براون أمس، عينّ آلن جونسون وزيرا للداخلية ونقله بذلك من وزارة الصحة، علما أن جونسون من أبرز الأسماء المطروحة لخلافة براون في حال أطيح به. كما عيّن وزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة بوب إينزورث وزيرا للدفاع، مع بقاء ألستير دارلينغ وزيرا للمال وبيتر ماندلسون وزيرا للتجارة وديفيد ميليباند وزيرا للخارجية، وجاك سترو وزيرا للعدل. وبين التعديلات الأخرى، تولى جون دنهام وزارة المجموعات المحلية خلفا لهايزل بليرز وتولى أندي بورنهام وزارة الصحة وإيفيت كوبر وزارة العمل والمتقاعدين خلفا لجيمس بورنيل الذي استقال مساء الخميس، داعيا براون إلى أن يحذو حذوه. وقالت الصحف البريطانية إنه من المرجح أن تكون بيكيت استقالت بعد أن حُرمت من ترقية إلى منصب وزاري هام، في وقت قال فيه هوتن إنه يستقيل لأسباب شخصية ولتمضية المزيد من الوقت مع عائلته، مشددا على دعمه الكامل لبراون. كما غادرت فلينت أيضا الحكومة استنكارا لعدم إعطائها منصبا وزاريا كاملا.

وفي ظل الفوضى التي تشهدها الحكومة البريطانية، تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين مقابل اليورو أمس، خصوصا مع بروز مخاوف من إقالة وزيرة الخزانة أليستر دارلينغ من منصبها صباحا، قبل أن يعلن براون التعديلات. وسادت بعض مشاعر الارتياح بين المستثمرين نتيجة للأخبار بأن دارلينغ الذي ورد اسمه في فضيحة نفقات النواب، سيبقى في منصبه مما يعطي استمرارية في أهم حقيبة وزارية بالنسبة إلى الأسواق. وبدا أن براون تخلى عن خطة لتغيير دارلينغ بأقرب حلفائه إيد بولز بعد أن رفض دارلينغ التنحي من منصبه. وحصل دارلينغ على إشادة بجهوده الرامية إلى إخراج بريطانيا من الركود. وينظر إلى آلان جونسون الذي نقله براون من وزارة الصحة إلى وزارة الداخلية الأقوى على أنه في مقدمة السباق لخلافة براون. ومن خلال هذا الإجراء ضمن براون في ما يبدو إخلاص أكبر الوزراء الذين يمكنهم منافسته.

غير أن براون ما زال يواجه تمردا بين أعضاء حزب العمال في البرلمان الذين يجمع بعضهم توقيعات للإطاحة به. ويتحضر النواب لتقديم العريضة لبراون يوم الاثنين المقبل، بعد صدور نتائج الانتخابات الأوروبية التي من المتوقع أن يحقق فيه حزب العمال خسارة كبيرة.

وفي ما بدا أنه جرعة أمل في نهاية اليوم لرئيس الوزراء الذي قضى يوما عصيبا يكافح فيه للحفاظ على منصبه، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدث إلى براون مساء، وإنه يتطلع إلى لقائه اليوم خلال احتفالات إنزال «نورماندي» في فرنسا.

وقال البيت الأبيض في بيان لم يشر إلى المتاعب السياسية التي يواجهها رئيس الوزراء البريطاني، إن «المكالمة استمرت نحو 15 دقيقة، بحث الزعيمان كلمة الرئيس أوباما في جامعة القاهرة واهتمامهما المشترك بالاستمرار في بناء علاقات قوية مع المجتمعات الإسلامية في أنحاء العالم. وبحث الزعيمان أيضا إصلاح المؤسسات المالية الدولية وتناولا بإيجاز قمة مجموعة العشرين وقمة مجموعة الثماني. الرئيس أوباما يتطلع إلى رؤية رئيس الوزراء براون في نورماندي حيث سيواصلان حديثهما».

وقال دايفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين المعارض، إن الحكومة «تتهاوى». وأضاف وهو يمتدح الإنجازات التي حققها حزبه في الانتخابات المحلية أول من أمس: «أعتقد أن كل الطرق تؤدي إلى الحاجة الملحة إلى إجراء انتخابات نيابية في هذه البلاد».