البصرة: مواكب العرسان تنساب في الشوارع معظم أيام الأسبوع

تعيد ألقها الاجتماعي بعد سنوات عجاف

عائلات في حدائق الأندلس («الشرق الأوسط»)
TT

عاودت صالونات الحلاقة النسائية وقاعات إقامة حفلات الأعراس ومحال تزيين سيارات زفاف العرسان والفرق الفنية نشاطها في محافظة البصرة بعد أن كادت تختفي من مشهد المدينة إثر تعرض أصحابها إلى أعمال عنف وتحذير وتهديد جماعات متشددة من المسلحين خلال السنوات الماضية من الاحتلال. تميزت البصرة أقصى مدن الجنوب بطقوس احتفالية اقرب ما تكون إلى مثيلاتها بدول الخليج العربي منها إلى المدن العراقية، إذ كان تأثيرها في دول الجوار العربي أكثر من غيرها بعد أن منحتها الطبيعة تنوعا نادرا، اهوار في شمال المدينة وأرياف زراعة القمح في القرنة والمديّنة وصحراء الزبير وشط العرب وبساتين النخيل في أبي الخصيب وأجواء الصيد البحري في الفاو مما أسهم في إثراء التنوع في الفنون الشعبية.

إعلانات أنيقة لمحال صالونات الحلاقة النسائية تزداد تكاثرا في الأسواق والشوارع التي ارتدت حلة جديدة بعد إعمارها، صاحباتها يعملن بلا قلق أو خوف، مواكب سيارات زفاف العرسان بسيارات حديثة مزينة بالورود وحفلات تخرج طلبة الكليات باتت تنسكب في الشوارع معظم أيام الأسبوع بمشاهد فرح حقيقية، فرق فنية نسائية ورجالية عاودت إقامة حفلاتها باطمئنان بعد أن عاد أغلب المهاجرين من أعضاء الفرق من الخارج. الدكتور شلتاغ عبود محافظ المدينه قال لـ«الشرق الأوسط» إن جل اهتمام المحافظة ومجلسها الجديد «سينصب على تقديم الخدمات وبما يسعد الأهالي» وأضاف «بعد تحقق الجانب الأمني بفضل الأجهزة الأمنية الوطنية، والذي هو عمود أي فعل إنساني سنواصل العمل وبالإمكانات المحدودة والمتاحة من أجل إزالة غبار سنوات العنف، والبصرة تستحق كل شيء لما عانى أهلها من سنوات طويلة من الحروب وستحقق ذلك بدعم من الحكومة المركزية والأخيار من أبناء المحافظة». وكشف فاروق أحمد (مهندس)عن أنه اعتاد على إخراج عائلته كل يوم خميس إلى شارع الكورنيش «الذي يفضل معظم العرسان المرور به مما يزيد من ألق الشارع ويمنح المتنزهين به جمالية عودة الأمن والاطمئنان إلى الأهالي الذين كانوا يفضلون البقاء داخل منازلهم بعد أن تحول الشارع (رئة المدينة) إلى مكان موحش». وقالت أم سامر (عازفة ومنشدة) في الفرق الشعبية «إنها اضطرت إلى الهروب إلى الخارج بعد أن كثر قتل النساء وإنها عادت قبل ثلاثة أشهر إلى البصرة، لأن حياة الغرب لا تطاق». وأكد فاضل عبد الله (من العرسان الجدد) أنه أجل زفافه عدة أعوام «كي يكون يوما مشهودا فيه كل الطقوس التي اعتاد شباب المدينة إقامتها قبل الاحتلال، ولما عاد الأمن قررت إقامة الاحتفال» الذي وصفه بـ«يوم العمر». صاحب مقهى وصالة البدر(أقدم مقهى في المدينة) وصف البصرة بالسمكة فهي لا تعيش إلا في الماء وقال «إن أهل المدينة جبلوا على إقامة الأفراح والاحتفالات، وإنهم إذا لم يجدوا مناسبة له يقومون بتأجير الزوارق النهرية في شط العرب ويغنون ويرقصون على سطوحها أو عند ضفاف الأنهار وفي البساتين». من جهته، قال متعهد حدائق الأندلس «إن الحياة عادت من جديد إلى الحدائق، تزدحم بالعوائل والسفرات المدرسية ويتمتع الأطفال بألعابها، إضافة إلى أنها خلقت فرص عمل للعديد من العاطلين الذين يقدمون خدماتهم لزوار الحدائق». بدورها ذكرت أم زينة (صاحبة صالون حلاقة) أنها عاودت العمل بلا خوف أو قلق بعد أن تلقت كغيرها من صاحبات الصالونات رسائل تهديد اضطرتها إلى العمل في منزلها وبشكل أشبه بالسري بعد أن أغلقت صالونها، مشيرة إلى «تزايد الزبونات للتجميل الذي طرأت عليه فنونا جديدة وتقنيات ومساحيق وكريمات مستوردة وخاصة بين الموظفات للتحسن الذي طرأ على الرواتب».