كلينتون ستشارك في اجتماع بإيطاليا دعيت إليه إيران

تقرير لوكالة الطاقة الدولية: طهران زادت معدل إنتاجها لليورانيوم منخفض التخصيب

مؤيدون للمرشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مير حسين موسوي يحملون صوره خلال الحملة الانتخابية في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الطاقة الذرية الدولية أمس إنها لم تلاحظ أي تقدم ملحوظ في الملفين المتعلقين بالأنشطة النووية المحتملة المحظورة في إيران وسورية، أكدت الولايات المتحدة أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستشارك في اجتماع في نهاية يونيو (حزيران) في إيطاليا دعيت إليه إيران.

وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية المكلف شؤون الإعلام بي جاي كراولي خلال مؤتمر صحافي أمس: «نعم، وزيرة الخارجية ستشارك في الاجتماع».

وكان وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي تترأس بلاده مجموعة الثماني هذا العام، قد أعلن يوم الخميس إنه وجّه دعوة رسمية إلى إيران لحضور هذا الاجتماع المقرر بين 25 و27 يونيو (حزيران) في تريستي، الذي سيخصص لمناقشة الوضع في باكستان وأفغانستان.

واقترح الرئيس الأميركي باراك أوباما في مارس (آذار) الماضي تشكيل مجموعة اتصال جديدة حول أفغانستان وباكستان، وتمت دعوة ممثلي عشرين دولة أخرى إلى الاجتماع، من بينها السعودية والصين ومصر والهند وتركيا. وأكد الرئيس الأميركي باراك أوباما مجددا أمس أن الولايات المتحدة ستفتح حوارا جادا مع إيران.

وأفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران زادت عدد أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم إلى نحو خمسة آلاف جهاز، مما زاد الصعوبة بالنسبة إلى مفتشي الأمم المتحدة في تتبع البرنامج النووي الإيراني.

وقال تقرير الوكالة، الذي قالت وكالة «رويترز» للأنباء أمس إنها حصلت على نسخة منه قبل صدوره، إن إيران زادت معدل إنتاجها لليورانيوم منخفض التخصيب لتعزز مخزونها بمقدار 500 كيلوغرام ليصل إلى 1339 كيلوغراما خلال الشهور الستة المنصرمة.

وتأمل الإدارة الأميركية أن تؤدي نتيجة انتخابات الرئاسة الإيرانية التي تجري في 12 يونيو (حزيران) الجاري إلى إنهاء شهور من الجمود في ملف إيران، إذ تنتظر مختلف الدوائر انتهاء فترة الانتخابات وحسم السباق الرئاسي لكي تتحرك الأمور، رغم أن وجهة النظر السائدة هي أن الكلمة الأخيرة تبقى للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، سواء كان الفائز هو الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد أو منافسه الرئيسي الأكثر اعتدالا رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي بارز طلب عدم نشر اسمه، لأن واشنطن لا تريد أن ينظر إليها على أنها تتدخل في الانتخابات الإيرانية، قوله: «في نهاية المطاف القرارات الهامة بشأن التوجهات سيتخذها آية الله وليس الرئيس الجديد».

لكن خبراء يرون أن فوز موسوي يمكن أن يحسن المناخ، سواء للمحادثات الثنائية الأميركية ـ الإيرانية، أو تلك التي تجري بين القوى الكبرى وطهران لتسوية الخلافات بشأن برنامجها النووي، الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى تصنيع قنبلة نووية، بينما تقول طهران إن أغراض البرنامج سلمية لتوليد الطاقة التي هي في حاجة ماسة إليها.

ويقول بروس ريدل من معهد بروكينغز: «سيكون من الأفضل كثيرا أن نتعامل مع رئيس إيراني يخفف مستوى توتر الخطاب بدلا من واحد يبحث باستمرار فيما يبدو عن سبل لتصعيده»، وأضاف ريدل، المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه): «أيا كان من سيشغل هذا الموقع فإنه يستطيع المساعدة في اتخاذ نبرة تزيد من احتمال حدوث عملية تعاون ولا تقلله».

وفي المناظرة التلفزيونية التي بثها التلفزيون بين أحمدي نجاد ومير موسوي يوم الأربعاء الماضي اتهم موسوي الرئيس الحالي «بإذلال الأمة بتبنيه سياسة خارجية متطرفة»، وهي وجهة نظر انتقدها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي فيما بعد.

وتعهد موسوي في المناظرة بمواصلة المحادثات مع القوى الكبرى حول المسألة النووية إذا انتخب رئيسا لإيران، على النقيض من أحمدي نجاد الذي استبعد تلك المحادثات النووية مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وقال نيد ووكر سفير الولايات المتحدة السابق في مصر وإسرائيل: «إذا أعيد انتخاب أحمدي نجاد فسيكون من الصعوبة الشديدة بمكان إجراء مناقشة عقلانية مع الإيرانيين». أما كريم سادجاد بور خبير الشؤون الإيرانية فقد قال لوكالة «رويترز» إن أحمدي نجاد يفيد في واقع الأمر السياسة الأميركية في الداخل، حيث يعطي المعارضين للتعامل مع إيران الزاد الذي يحتاجونه. وأضاف سادجاد بور، من معهد كارنيغي للسلام الدولي: «إن مساجلات أحمدي نجاد تجاه إسرائيل وإنكاره للمحارق النازية يصعب على أي إدارة أميركية السكوت عن تخصيب إيران لليورانيوم».

ويشير بعض الخبراء من الذين تعاملوا في السابق مع ملف إيران إلى أن واشنطن ليس لديها خيار سوى مواصلة مسعاها للحوار الذي طرحه الرئيس أوباما في خطاب تنصيبه في يناير (كانون الثاني)، والذي أعقبته خطوات صغيرة منذ ذلك الحين. ويقول نيكولاس بيرنز، الذي تولى الملف النووي الإيراني في إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، إن أوباما أعد مشهد ما بعد الانتخابات جيدا، وإنه أيضا يمهد الطريق لفرض مزيد من العقوبات إذا لزم الأمر. وأضاف بيرنز الذي يعمل الآن في جامعة هارفارد: «إذا جربت الولايات المتحدة المفاوضات ووصلت إلى شيء فمن الواضح أن أميركا ستكون في وضع أفضل، وإن لم تنجح فستكون الولايات المتحدة في وضع أفضل أيضا لأنها ستكون أقوى كثيرا وستكون لها مصداقية أكبر كثيرا لدى الصين وروسيا للمطالبة بفرض عقوبات شديدة الصرامة».

وأحجمت روسيا والصين مرارا عن فرض مزيد من العقوبات على إيران، وقالتا إنه يجب استنفاد الخيارات الدبلوماسية. ورغم حذرهم بشأن ما إذا كانت مبادرات واشنطن سوف تؤدي إلى أي شيء، يقول مسؤولون أميركيون إن إفراج إيران عن الصحافية الأميركية الإيرانية الأصل روكسانا صابري يعد أحد المؤشرات الإيجابية في الأسابيع الأخيرة. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية تابع مسألة إطلاق سراح صابري: «المثير للاهتمام أن هذا حدث ولم يسمحوا بأن يكون عائقا. لقد بدوا وكأنهم يمهدون الطريق». وأضاف المسؤول أنه على الرغم من أنه قد لا يتم إحراز تقدم في القضية النووية الإيرانية فستبحث واشنطن عن التعاون في مجالات أخرى، مثل الحصول على مساعدة طهران في أفغانستان والعراق. ومن المرجح أيضا إجراء مزيد من الاتصالات على مستوى منخفض، بما في ذلك اعتزام دعوة دبلوماسيين إيرانيين للاحتفالات التي تقام في السفارات الأميركية حول العالم في ذكرى يوم الاستقلال الأميركي في الرابع من يوليو (تموز).

لكن ريدل من معهد بروكينغز قال إن من بين العوامل التي لا يمكن التكهن بها بعد الانتخابات رد فعل إسرائيل على الرغم من أن إدارة أوباما أوضحت أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تؤيد شن تل أبيب أي هجمات على إيران. وقال ريدل: «الطرف الثالث في هذا الشأن هو إسرائيل».