الجيش الإسرائيلي يقتل متظاهرا في منطقة رام الله

المستوطنون يعدون خطة انتقامية دامية من الفلسطينيين ردا على إزالة البؤر الاستيطانية * عريقات: 40% من الضفة تخضع «للإمبراطورية الاستيطانية»

جنود اسرائيليون يقذفون متظاهرين فلسطينيين ومتضامنين اجانب يضتاظهرون ضد جدار الفصل في قرية بلعين غرب رام الله امس (ا. ف. ب)
TT

كشفت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية المختصة بحقوق الإنسان الفلسطيني أن المستوطنين اليهود المتطرفين في الضفة الغربية يعدون خطة انتقامية دامية ضد الفلسطينيين، «تعيد إلى الأذهان أحداثا نريد أن ننساها في تاريخنا المخجل»، قاصدة بذلك عمليات الإرهاب اليهودي التي نفذت أو ضبطت في آخر لحظة قبل تنفيذها ضد فلسطينيين ومقدسات إسلامية ومجزرة الحرم الإبراهيمي التي قتل فيها مستوطن 29 فلسطينيا أثناء تأدية صلاة الفجر عام 1995.

وقالت المنظمة في رسالة وجهتها، أمس، إلى وزير الدفاع إيهود باراك، إن المستوطنين قرروا وأثبتوا في الأسبوعين الفائتين أنهم جادون في قرارهم، الرد على كل عملية هدم في البؤر الاستيطانية ينفذها الجيش الإسرائيلي، بعملية انتقام من المواطنين الفلسطينيين. وحذرت من أن تؤدي تلك العمليات إلى إشعال الأرض في الضفة الغربية من جديد نحو انتفاضة ثالثة. ومن جهة ثانية، اتضح أن الجيش يعرف بهذه الخطط أو بعضها على الأقل وأنه يستعد لمواجهة اعتداءات المستوطنين. وحسب مصدر عسكري إسرائيلي رفيع في الضفة الغربية، فإن الجيش «لن يتسامح مع المستوطنين المخالفين للقانون وسيضع حدا للعبة القط والفأر التي يمارسونها مع الجيش». وكانت القوات الإسرائيلية المحتلة في الضفة، قد أقدمت على سلسلة خطوات جدية، ولأول مرة منذ عدة سنوات، لتخفيف معاناة الفلسطينيين. ففي الشهر الأخير أزالت 160 حاجزا ترابيا من مداخل عشرات القرى والبلدات الفلسطينية، وفي الأيام الثلاثة الماضية أزالت خمسة حواجز عسكرية كبيرة من حول رام الله وقلقيلية ونابلس. وهدمت 12 بؤرة استيطانية من مجموع 26 تعترف الحكومة الإسرائيلية بوجودها (حركة «سلام الآن» تقول إن هناك 102 بؤرة استيطانية بنيت من دون ترخيص، هذا عدا عن سبع بؤر في مدينة القدس الشرقية المحتلة يعيش فيها 1900 مستوطن يهودي). ولكن المستوطنين سيردون على كل هدم كهذا، ليس فقط بالاعتداء على الفلسطينيين، بل أيضا بإقامة بؤرة استيطانية جديدة مقابل كل بؤرة تهدم. ويعتبر الجيش هذا التصرف «لعبة القط والفأر». ونقل على لسان قائد اللواء في المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال جادي شمني، وهو المسؤول أيضا عن الضفة الغربية، أنه قال: «سنضع حدا للعبة القط والفأر» هذه. وأول من أمس تلقى الجنرال شمني عدة رسائل تهديد، يصفونه فيها بأنه «حليف الشيطان» ويتهمونه بالعداء للمستوطنين ويهددون بقتله. ورد على ذلك بإصدار أمر، أمس، ينص على منع المستوطنين من أي بناء في مستوطنة «بيت أريه» شمال الضفة الغربية وذلك بعد أن كان تلقى معلومات تفيد بأنهم ينوون البناء فيها. وكانت هذه إشارة منه إليهم أنه يعرف عنهم الكثير.

وحاولت قيادة مجلس المستوطنات الظهور بمظهر مختلف عن الجو الإرهابي الذي يفرضه المستوطنون المتطرفون، فقالت إنها تريد التفاهم مع الحكومة وليس التحريض عليها. وإنها تقترح حوارا بناء للتفاهم حول نوعية المستوطنات التي ينبغي السماح لها بالبناء فيها. وحسب عضو المجلس بنحاس فليريشتاين، فإن الغالبية الساحقة من المستوطنين تلجم نفسها وتفتش عن وسيلة لمساعدة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مواجهة الضغوط الأميركية. وقال إن العديد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية يتفهمون موقف المستوطنين ويساندونهم ويشعرون بأن نتنياهو يخيب آمالهم ويبدي ضعفا أمام حزب العمل برئاسة وزير الدفاع، إيهود باراك، وأمام الإدارة الأميركية. وحذر من أن استمرار الرضوخ للضغوط سوف يفجر الوضع على الأرض. إلى ذلك، قتل الجيش الإسرائيلي، متظاهرا فلسطينيا بالرصاص، في المواجهات الأسبوعية في قرية نعلين، غرب رام الله، أمس.

وتتظاهر نعلين، يدعمها متضامنون دوليون، كل جمعة من كل أسبوع، ضد الجدار الفاصل ومصادرة أراض في القرية، وواجه الجيش الإسرائيلي مظاهرة الأمس، بإطلاق الرصاص الحي الذي أصاب يوسف سرور، 36 عاما، في الصدر وأدى لوفاته.

وأصبحت هذه التظاهرات، تقليدا أسبوعيا مقلقا للجيش الإسرائيلي، الذي يطور من أساليب قمعها، إذ يستخدم أحيانا سلاحا ذا رائحة «نتنة» وقد جربه غير مرة على المحتجين.

وأعاد المستوطنون إقامة بؤرة استيطانية كان الجيش قد أخلاها قبل أيام. وذكر راديو إسرائيل أن المستوطنين عمدوا إلى إقامة النقطة الاستيطانية العشوائية «عوز يوناتان» في شمال الضفة الغربية.

وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس، إن 40% من مساحة الضفة الغربية تقع تحت سيطرة ما سما بـ«الإمبراطورية الاستيطانية». وأضاف عريقات في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه برام الله، لمناسبة الذكرى 42 لاحتلال الضفة والقدس الشرقية، إن هذا الاستيطان والمنظومة الاستيطانية التي شرع الاحتلال الإسرائيلي في بنائها ولم يتوقف، هي مخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية في العصر الحديث.