حماس تملك خلايا عسكرية نائمة في الضفة.. والسلطة تتخوف من اغتيالات

مسؤول أمني رفيع: ضبطنا ملابس لقوى الأمن مع معتقلي الحركة وهي في حالة وهن

TT

كلما ضاق الخناق على حركة حماس في الضفة الغربية، ألمح قادتها من قطاع غزة، إلى أن تكرار تجربة السيطرة على القطاع، «قاب قوسين أو أدنى». ولم يخف معظم قادة الحركة، تطلعهم لانتزاع السيطرة على الضفة، من السلطة كما فعلوا في غزة.

وعندما اندلعت ثاني أعنف اشتباكات بين الأجهزة الأمنية وعناصر من كتائب القسام التابعين لحماس قبل أيام في مدينة قلقيلية، قال أبو عبيدة الناطق باسم القسام، إن ملاحقة عناصر الكتائب لن تضعف من قوتها وإنها ستزيد. وزاد على ذلك، بتهديده قادة الأجهزة الأمنية، بأن يد القسام ستطولهم، «ولو عقد ألف حوار، وألف اتفاق». وتعلن فضائية «الأقصى»، التابعة لحماس، بين الحين والآخر أن يوم الحساب اقترب، لكن السؤال هو هل تملك حماس في الضفة، القوة العسكرية، التي تمكنها من تكرار تجربة غزة؟. الإجابة، شبه مستحيلة، لأن التعاطي مع مجموعات مسلحة يفترض أنها تعمل بسرية كبيرة، في ظل الاحتلال الإسرائيلي، يضاف إلى ذلك ملاحقة أجهزة أمن السلطة لهذه المجموعات المسلحة، مما يجعلها تتخذ احتياطات مضاعفة.

وقال مصدر في حماس لـ«الشرق الأوسط»: «قوتنا تضررت بشكل كبير لكنها موجودة». وأضاف «ما زالت حماس تملك خلايا عسكرية في الضفة وقادرة على إحداث تغيير»، لكن هذا المصدر رفض تفسير معنى «تغيير». وهذا كان مثار نقاش دائم حتى داخل إسرائيل، وبين قادة أمنيين إسرائيليين وفلسطينيين. وفي الجهات الأمنية الفلسطينية هناك استعداد متواصل، فتجربة القطاع علمتهم الكثير، وأن لا يستهينوا بأي تهديد. وتتبني دوائر الاستخبارت العسكرية الإسرائيلية، ومعاهد الأبحاث القومية في إسرائيل لفكرة أن حماس تسعى وتعمل على تقوية بنيتها في الضفة وأنها لديها القدرة على زعزعة الأمن.

وقال أحد قادة كتائب الأقصى في الضفة، وعمل إلى جانب حماس، في العمل العسكري، «لديهم خلايا غير معروفة وما زالت تحت الأرض، لكن قوتهم تراجعت كثيرا».

وفي الأجهزة الأمنية، يبدون مطمئنين إلى عدم قدرة حماس على السيطرة، لكن أكثر ما يخشونه هو تبني حماس لسياسة الاغتيال، كبديل عن «الانقلاب». وقال مصدر حماس، «طالما أنا مطارد ومستهدف، إذن سنواجه».

وقال مسؤول أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط»: «البعض اعترف أن لديه خططا، والقتل لديهم سهل». وأكد المسؤول الأمني الكبير، أن حماس لديها خلايا نائمة منذ أربع سنوات وأن «هناك مجموعات مسلحة في الضفة تخطط لمهاجمة قوات الأمن، وضبطنا بيانات تؤكد هذه النوايا».

وحول إمكانية تنفيذ حماس لاغتيالات لمسؤولين، قال المصدر «نحن محتاطون وحذرون» لكنه حذرها من الإقدام على هذه الخطوة، وقال «فليتحملوا النتائج».

وبنت حماس قوتها العسكرية في الضفة الغربية على مدار 20 عاما. واستطاعت أن تطور من عملها العسكري، الذي بدأ بعمليات إطلاق نار مع بداية التسعينات، وانتهى بعمليات تفجيرية ضخمة في قلب إسرائيل خلال سنوات الانتفاضة الثانية، وهو ما دفع إسرائيل لإعلان حرب عليها، راح ضحيتها الكثيرون من نشطاء وقادة الحركة بالضفة. ومنذ سيطرت حماس على القطاع، منتصف 2007، شنت السلطة على مقدرات الحركة المالية والعسكرية حربا لا هوادة فيها. فوضعت يدها على لجان الزكاة وجمعيات ومؤسسات حماس، أغلقت بعضها وغيرت من إدارات بعضها، واعتقلت صيارفة وأغلقت حسابات في البنوك، وضبطت شبكات قالت إنها تعمل على تبييض الأموال.

وبالتوازي، ضبطت كميات من الأسلحة في نابلس وطولكرم وجنين، وقتلت ناشطين مسلحين، وتقول إنها لن تسمح بتكرار تجربة غزة مهما كلف الأمر. وقال المصدر الأمني، لدينا من المعلومات ما يكفي لنقول إن حماس تحاول أن تنقل ما جرى في غزة للضفة. لكن السلطة تعتقد أن حماس وصلت إلى حد كبير من الضعف والوهن. لكن الشارع الفلسطيني، يتساءل عن حقيقة ما إذا ما كانت حماس فعلا في حالة من الوهن أم أنه لا يزال لديها قدرة على المفاجأة؟. غير أن أمن السلطة مقتنع «بأنهم يهوشون فقط، ويحاولون التخريب». وكشف المسؤول، عن أنه ضُبط لدى عناصر حماس اعتقلوا مؤخرا أو قتلوا «أزياء الأمن الفلسطيني». وتساءل «هذه الملابس.. ماذا كانت تريد حماس من تخزينها؟». ومضى يقول، «إما أنهم يريدون الاندساس في قوى الأمن من أجل تنفيذ انقلاب، أو انتحال شخصية رجل الأمن لتوريطنا في معارك مع إسرائيل». وتابع، «بالعودة إلى تجربة غزة.. فحماس استعملت الملابس العسكرية لمهاجمة قوى الأمن والمواطنين وإحداث بلبلة». ولا تستهدف السلطة حركة حماس فقط، لكنها تصر على إنهاء ظاهرة أي سلاح «غير شرعي»، وكل سلاح خارج أيادي رجال الأمن، هو غير شرعي بالنسبة للسلطة بغض النظر عمن يتبع هذا السلاح. وشكلت قوى الأمن الفلسطيني، غرفة عمليات مشتركة مع الإسرائيليين لمواجهة حماس، وفق ما أعلنت مصادر إسرائيلية غير مرة.

وقال أحد رجال التحقيق في السلطة لـ«الشرق الأوسط»، «ببساطة، أن نغض الطرف عنهم، يعني أنهم سيقطعون رجلي هذه في يوم من الأيام»، في إشارة إلى اتهامات لحماس أثناء الاقتتال الداخلي بقطع أرجل مئات من عناصر السلطة.

وأعلنت السلطة استنفارا أمنيا عقب أحداث قلقيلية، وقالت مصادر أمنية إن ملاحقة المزيد من الخلايا جارٍ، وتعتقد السلطة أن مثل هذه الملاحقات تحظى بدعم الشارع.