مجلس الأمن يفشل في تبني قرار دعا له أوكامبو لتنفيذ أمر باعتقال الرئيس البشير

مشادة والتحام بين مدعي المحكمة الجنائية وسفير السودان

TT

فشل مجلس الأمن الدولي أمس في إصدار بيان أو تبني مشروع قرار دعا له المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (مقرها لاهاي) لويس مورينو أوكامبو لتنفيذ 3 أوامر اعتقال لمسؤولين سودانيين، وعلى رأسهم الرئيس عمر البشير، اتهموا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقال أوكامبو خلال تقديمه لتاسع تقرير له إلى أعضاء مجلس الأمن أول من أمس، إن الحكومة السودانية لم تتعاون، في توقيف الرئيس عمر البشير، ومسؤولين آخرين هما الوزير السابق، أحمد هارون، وزعيم مفترض لمليشيا الجنجويد، علي كوشيب، وطالب أعضاء المجلس باتخاذ سلسلة من الإجراءات لتسهيل تنفيذ أوامر القبض، من بينها، وقف تقديم أي دعم سياسي أو عون مالي إلى الأفراد الخاضعين لأمر القبض، من قبل الدول الأعضاء، كما دعا إلى قطع جميع الاتصالات غير الأساسية مع المتهمين. ومن الناحية العملانية طلب المدعي العام من مجلس الأمن اعتماد قرار جديد لتنفيذ مذكرات الاعتقال. وانقسم المجلس حيال ما تقدم به مدعي لاهاي إلى فريقين، أحدهما داعم للخرطوم مثلته الصين وروسيا وتركيا وليبيا وفيتنام وبوركينا فاسو وأوغندا، بينما مثل الفريق المتضامن مع الجنائية أميركا وفرنسا وبريطانيا واليابان والنمسا والمكسيك. وبعد انفضاض الجلسة شهدت ساحة التصريحات مواجهة حادة بين عبد المحمود عبد الحليم، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، وأوكامبو، الذي زاحم عبد المحمود على فرصة التحدث للصحافيين.

وقال عبد المحمود إنه فوجئ بالمدعي العام يزاحمه في موقع الحديث للصحافيين بطريقة قال إنها «تُثير الاشمئزاز»، وقال للصحافيين: «تأكدت أن المدعي العام يحاول مضايقتي في فرصتي في الحديث حينما التصق بالمكان الذي كنت أقف عليه، غير أنني رددت عليه في الحال وأبلغته أنه شخص غير مرغوب فيه في هذا المكان، الأمر الذي وجد استحسان الجميع». واعتبر ما بدر من المدعي العام تعبيرا عن يأسه من كسب القضية بعد الرفض المتنامي لمذكرة توقيف البشير وفي أعقاب فشله في إقناع مجلس الأمن حث الحكومة السودانية على توقيف البشير».

ولم يتسن الاتصال بأوكامبو للتعليق على الحادثة. وهاجم عبد المحمود بشدة المدعي العام واتهمه بنشر الأكاذيب ومحاولة تقويض جهود السلام في دارفور واصفا إياه بـ«مبشر الدمار» وبأنه كاذب. وشدد عبد الحليم في رده على تقرير أوكامبو لمجلس الأمن الدولي على أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية أورد كل ما يريد باستثناء موقف المنظمات الإقليمية الرافضة لمطالبه بتسليم الرئيس السوداني للمحكمة الجنائية الدولية. ورفض بشدة ما جاء في التقرير حيال عدم قيام السودان بأي إجراءات قضائية حول ما جرى في دارفور «هو يلجأ كالعادة للكذب فالسودان عين مدعيا عاما حول دارفور، وهذا معروف للجميع، وقد أبلغ مجلس الأمن الدولي بذلك، وقد اتخذت الحكومة السودانية العديد من الإجراءات ضد بعض الذين ارتكبوا عمليات منافية للقانون في دارفور».

وكان عبد المحمود يتحدث للصحافيين وأوكامبو إلى جانبه يستمع لما يقول، وتحدث باللغتين العربية والإنجليزية وقال وقد وجه إليه التهم مباشرة وأكثر من مرة «هذا الرجل يمتهن الكذب، هذا الرجل لم يعد لديه أي وازع من ضمير أو أخلاق أو أمانة مهنية ولقد فقد المصداقية في مجلس الأمن، ونعتقد أنه آن الأوان لأن يقول له المجلس بكل وضوح إن قاعته ليست مكانا يطرح فيها ترهاته وادعاءاته الكاذبة ضد السودان وقيادته». واعتبر السفير السوداني، أوكامبو، بأنه «مرتزقة للدمار والموت». وقال إن أوكامبو «مرتزقة للدمار والموت.. وتهديد حقيقي للسلام والاستقرار في دارفور»، موضحا أنه «لم يعد مفيدا وأصبح عائقا أمام أنصاره أنفسهم». وأكد عبد الحليم مجددا أن بلاده لن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي وصفها بأنها «مدفوعة سياسيا».

وقال عبد المحمود «إن أوكامبو مطلوب للعدالة في بلاده: هذا الرجل هارب من العدالة السودانية، وفي أحد الأيام إن شاء الله سوف يلقن الشعب السوداني هذا الرجل درسا في العدالة». وردا على سؤال يتعلق بتسليم أحد المتمردين، وهو بحر إدريس أبو قردة، نفسه طوعا للمحكمة لمواجهة التهم على خلفية هجوم حسكنيتة الذي استهدف قوات تابعة للاتحاد الأفريقي، قال عبد الحليم «تسليم المتمردين تمثيلية من إخراج المدعو أوكامبو الذي برع في ما يُسمى بالسياحة الجنائية، وهذا التسليم هو دراما من اختراعه ولا أحد يصدق هذه التمثيلية سيئة الإخراج». وجدد السفير السوداني التزام حكومته بعملية السلام في دارفور. وقال أوكامبو أمام مجلس الأمن الدولي إن «مذكرة التوقيف بحق الرئيس البشير تم إرسالها إلى السلطات السودانية ومن مسؤولية الحكومة السودانية أن توقفه، وواجبها ينبع من شرعية الأمم المتحدة والقرار 1593 لمجلس الأمن». ونص القرار 1593 الصادر في مارس (آذار) 2005 على إحالة قضية إقليم دارفور في غرب السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية. ورفض البشير مذكرة التوقيف بحقه التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في الرابع من مارس الفائت بناء على طلب أوكامبو، وتحدى مرارا المجتمع الدولي عبر قيامه بزيارات خارج بلاده. لكنه حصر رحلاته بدول لم توقع معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.

وذكر أوكامبو أن «من واجب الخرطوم أيضا توقيف أحمد هارون وعلي كشيب»، وهما سودانيان آخران أصدرت المحكمة الجنائية مذكرتي توقيف بحقهما في مايو (أيار) 2007. وعين هارون، وهو وزير الداخلية السوداني السابق ثم وزير الشؤون الإنسانية، أخيرا حاكما لمنطقة جنوب كردفان، «بما يتناقض مع قرارات مجلس الأمن»، على قول أوكامبو. ويعتقد أن علي كشيب هو أحد قادة ميليشيات الجنجويد الموالية للحكومة. ورفض البشير دائما تسليم هذين الرجلين، مؤكدا أنه سيشكل بنفسه محكمة لمحاكمتهما.

وفي هذا السياق يقود الرئيس عمر البشير وفد السودان لحضور القمة الثالثة عشرة لرؤساء الدول وحكومات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، التي تستضيفها زيمبابوي في الفترة من السابع حتى الثامن من الشهر الحالي، ويتولى رئيس زيمبابوي روبرت موغابي رئاسة القمة التي ستعقد في منتجع بلدة فكتوريا فومس بحضور الدول التسع عشرة المكونة للكوميسا.