مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: طرابلس رفضت عرضا إيطاليا للتطبيع مع إسرائيل

القذافي إلى روما الأربعاء مصطحبا خيمته الشهيرة.. وجدل حول نصبها في منتزه شهير

TT

كشفت مصادر ليبية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن رفض ليبيا لمقترح إيطالي للتوسط بين طرابلس وتل أبيب من أجل تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما، مؤكدة أن ليبيا تعتبر أنها ليست في وارد إنشاء علاقات مع إسرائيل قبل إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. وجاء النفي الليبي شبه الرسمي للوساطة الإيطالية، بعد تسريبات وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني عقب لقائه مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مؤخرا، بأن تل أبيب طلبت من روما مساعدتها على تطبيع العلاقات مع طرابلس. ويعتزم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي القيام بزيارة دولة مهمة إلى العاصمة الإيطالية روما اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل. ونفت طرابلس أيضا ما ذكرته مصادر إيطالية بوجود ترتيب لقاء بين القذافي وبعض اليهود المقيمين في إيطاليا والذين سبق أن طرودا من الأراضي الليبي عقب حرب السادس من يونيو(حزيران) عام 1967. وقالت المصادر الليبية الرسمية لـ«الشرق الأوسط» إن برنامج زيارة القذافي الذي سيدوم يومين لا يتضمن أي لقاءات مع شخصيات محسوبة على إسرائيل، مشيرة إلى أن البرنامج الحافل الذي أعدته السلطات الإيطالية للزيارة يتضمن لقاءات مع أهم المناصب الرئيسية في الدولة والمستثمرين وممثلي عالم الأعمال والطلبة. وكانت جريدة «كورييرا ديلا سيرا» الإيطالية قد كشفت أول من أمس النقاب عن أن السلطات الليبية تقترح عقد الاجتماع بين القذافي والجالية اليهودية التي طردت من ليبيا ردا على الحرب الإسرائيلية ضد مصر وسورية والأردن، في الثالث عشر من الشهر الحالي خلال احتفالهم بعطلة السبت وقبل نهاية زيارته. وذكرت «أن اختيار السلطات الليبية ليوم السبت قد يكون العائق الوحيد لعقد الاجتماع»، مشيرة إلى «أن جدول أعمال القذافي، يتضمن أيضا اجتماعه بعشرين ألف إيطالي طردتهم ليبيا عام 1970 بعدما اعتبرت طرابلس أن التعويضات التي دفعتها إيطاليا عن استعمارها لليبيا في النصف الأول من القرن الماضي غير كافية». وسيلقي القذافي خطابا أمام مجلس النواب الإيطالي، كما يخطط للاجتماع أيضا مع 700 سيدة تمثل عالم السياسة والثقافة والأعمال في إيطاليا. وكان الناطق باسم الخارجية الإيطالية ماوريتسيو ماسّاري قد اعتبر أن «الأمر يتعلق بحدث تاريخي، لافتا إلى أنها زيارة متعددة الجوانب ومهمة، تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا بعد معاهدة الصداقة والتعاون التي وقعها العقيد القذافي ورئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني في 31 أغسطس (آب) من العام الماضي في مدينة بنغازي الليبية».

وأضاف ماساري أن «زيارة القذافي ستسهم في الوقوف على وضع العلاقات الثنائية الإيطالية الليبية، والتحقق من سير إجراءات تطبيق المعاهدة، فضلا عن بحث المواضيع الساخنة التي تجري على الساحة الدولية على ضوء قمة مجموعة الثماني القادمة» على حد تعبيره. ووصف وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني زيارة القذافي إلى إيطاليا بالتاريخية في إطار العلاقات الثنائية الجديدة بعد توقيع اتفاقية صداقة بين البلدين. ونقلت تقارير صحافية إيطالية عن فراتيني قوله في بيان برلماني «إن الحكومتين الإيطالية والليبية بصدد إعداد جدول أعمال الزيارة التي أشار إلى أنها ستتناول مواضيع سياسية واقتصادية». وينتظر أن يلتقي القذافي خلال تواجده في إيطاليا بكبار المسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو ورئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني ورئيسا مجلس النواب جيانفرانكو فيني ومجلس الشيوخ ريناتو سكيفاني، كما ينتظر أن تمنح جامعة مدينة ساساري بجزيرة سردينيا العقيد القذافي الدكتوراه الفخرية في حفل خاص.

ولاحظت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية أن هذه الزيارة تعتبر الأولى منذ تولي القذافي السلطة في بلاده عام 1969، بعد أن وقعت إيطاليا وليبيا على معاهدة الصداقة والتعاون والتي تقضي بقيام إيطاليا بدفع تعويضات مادية وعينية لإغلاق ملف الحقبة الاستعمارية الإيطالية في ليبيا مطلع القرن الماضي. لكن زيارة القذافي تثير انتقادات لدى بعض الساسة الإيطاليين الذين يحتجون على رغبة القذافي نصب خيمته البدوية الشهيرة في أحد منتزهات روما.

وقال أنغلو بونيللي القيادي في تحالف الخضر الإيطالي «لا أجدها سخافة وحسب، بل وأمرا لا معنى له أيضا، لأن فيللا بامفيلي واحد من أجمل منتزهات العاصمة، والتي يجهد سكان روما كثيرا للمحافظة عليها، ولا أعلم سبب عزم القذافي على نصب هذه الخيمة، ومن منحه هذا الترخيص بيئيا». وأكد بونيللي استعداده «لتقديم اعتراض للجهات المسؤولة أو حتى للقضاء»، وأضاف أن «أي مواطن سيخضع للجزاء إن أراد الإقدام على أمر كهذا، ولست أرى مبررا لكي يسمح للقذافي به»، فـ«هناك فضاءات أخرى يمكن استغلالها كحدائق السفارات، فليلجأوا إليها». وقال «صحيح أن الأمر يتعلق برئيس دولة، لكن لو حاول شخص آخر القيام بنصب خيمة فستتدخل قوات الأمن في الحال»، فضلا عن «أننا نتحدث هنا عن خيمة هائلة»، وعاد للتأكيد «لن يمس أحد فيللا بامفيلي، وأن استمر هذا الأمر فأنا عازم على رفع اعتراضي للجهات المعنية بالموروث الثقافي والبيئي وحتى إلى القضاء إن لزم الأمر».

وتعد خيمة القذافي التي يحرص على اصطحابها في حله وترحاله أحد العلامات المميزة لجولاته الخارجية، حيث اشتهر الزعيم الليبي الذي سيحتفل في شهر سبتمبر( أيلول) المقبل بمرور أربعين عاما على توليه السلطة، بعزوفه عن الإقامة في القصور وتفضيله الخيمة ذات الطابع الصحراوي والبدوي في المقابل. ومن المنتظر أن يعود العقيد القذافي إلى إيطاليا عاجلا في زيارة ثانية خلال الفترة من 8 إلى يوليو(تموز) المقبل للمشاركة في قمة مجموعة الثماني في لاكويلا بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي.