المسلمون في الهند.. يتراجع تمثيلهم في البرلمان

من بين 780 مرشحا مسلما خاضوا الانتخابات العامة تمكن 29 فقط من الفوز

TT

أظهرت نتائج الانتخابات الهندية الأخيرة تراجع عدد المسلمين داخل البرلمان الهندي إلى 29 عضوا، مقابل 35 عضوا منتخبا في البرلمان السابق. ويعد هذا رقما ضعيفا جدا إذا ما قورن بنسبة المسلمين داخل الهند، حيث يشكل المسلمون، وفق ما أظهر إحصاء عام 2001، 13.4 في المائة من عدد السكان. ومع ذلك، يقف تمثيل المسلمين داخل الغرفة الدنيا من البرلمان الهندي، التي تحتوي على 543 مقعدا، عند 5 في المائة (29 مقعدا). وفي الغرفة العليا من البرلمان، يمثل المسلمون 10.3 في المائة (25/242 عضوا في الوقت الحالي). والتميز الوحيد الذي كان من نصيب المسلمين في الانتخابات الأخيرة، هو أن البرلماني الأصغر مسلم. ويتميز محمد حمد الله سيد، الذي يبلغ من العمر 26 عاما، عن منطقة لكشادويب، بأسلوبه البسيط في تصفيف شعره، كما أنه يرتدي نظارات لها إطار بني، ويلبس الجينز وتي شيرت. وهو شخصية متدينة، ويحافظ على أداء الصلوات الخمس يوميا. وكان من نصيب حزب المؤتمر العدد الأكبر من المسلمين داخل البرلمان، حيث ينتمي إلى كتلته البرلمانية 11 مسلما، فيما ينتمي 3 برلمانيين مسلمين إلى حزب المؤتمر الوطني، وهو حزب إقليمي في منطقة جامو وكشمير، و3 آخرين إلى حزب باهوجان ساماج، وهناك اثنان من البرلمانيين المسلمين تابعين لحزب مؤتمر ترينامول، واثنان من حزب الرابطة الإسلامية المتحد الهندي. وفاز مرشح مسلم لكل من بهارتيه جنتا بارتي وجاناتا دال يونايتد ودرافيتا مونيترا كازهاجام والحزب الشيوعي الهندي ومجلس اتحاد المسلمين الهندي والجبهة الديمقراطية المتحدة، فيما انتخب مرشح مسلم مستقل من لاداخ. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الأحزاب السياسية أعربت في أكثر من مناسبة عن خوفها من تراجع عدد المسلمين داخل البرلمان، فإن هذه الأحزاب عجزت عن أن تكون لها إستراتيجية لاختيار مرشحين مسلمين قادرين على تحقيق الفوز خلال هذه الانتخابات. ومن بين 780 مرشحا مسلما خاضوا الانتخابات العامة لعام 2009، معظمهم كانوا مستقلين، تمكن 29 فقط من الدخول إلى البرلمان الجديد، الذي يبلغ عدد أعضائه 543 عضوا. وكان لولاية أوتار باراديش النصيب الأكبر من بين أعضاء البرلمان المسلمين، حيث جاء سبعة منها، فيما كان نصيب غرب البنغال ستة برلمانيين، مقابل أربعة لجامو وكشمير، وثلاثة لكل من كرالا وبيهار. ولم ينتخب مرشح مسلم عن ولاية غوجارات، غرب الهند. ويذكر أنه لم يفز مرشح مسلم عن هذه الولاية منذ 25 عاما. كما لم يفز أي مرشح مسلم عن كارناتاكا، التي قلما فاز عنها أحد المسلمين بمقعد في البرلمان.

ولم تفلح الولايات الأخرى الكبرى مثل ماهاراشترا ومادهيا براديش وراغاستان وأوريسيا، التي يوجد بها عدد كبير من المسلمين، في أن تدخل مسلما إلى البرلمان عن الولاية. وقد حظيت الانتخابات البرلمانية الهندية للعام الحالي باهتمام من قبل الكثيرين، لأسباب منها ظهور عدد من الأحزاب السياسية الإسلامية، التي تنادي بأن تحصل الأقلية الأكبر داخل الهند على تمثيل أكبر في البرلمان، وحصة في التعليم والوظائف، وتنادي أيضا بوقف الهجوم على الأقلية في خضم الحرب على الإرهاب. وأظهرت هذه الانتخابات نتيجة هامة بالنسبة للمسلمين الهنود، وهي أنه لا يمكن لحزب أن يبقى على أساس «أجندة تهتم بأقلية معينة» فقط. وتمكن حزب الرابطة الإسلامي الهندي في كيرالا والجبهة الديمقراطية المتحدة في أسام ومجلس اتحاد المسلمين في أندرا براديش من الفوز بمقاعد في البرلمان. ومن المثير أن عددا من هذه الأحزاب نشأ قبل الإعلان عن انتخابات عام 2009، آملين بالاستفادة من تعاطف الأقلية. وتعتبر هذه الانتخابات مؤشرا هاما على فكرة أنه لا يمكن لأي حزب أو كيان سياسي، أن يكون له مكان على مستوى القطر بأكمله وهو يحصر نفسه في أجندة تهتم بأقلية معينة. ودخل مجلس العلماء بأوتار باراديش، وهو الكيان الأعلى صوتا بين ستة أحزاب سياسية إسلامية، الذي ظهر خلال الأشهر الستة الأخيرة، الانتخابات بستة مرشحين، معظمهم في شرق أوتار باراديش. ولم يتمكن أي من هؤلاء المرشحين من تحقيق حتى عدد معقول من الأصوات. وهذه هي الولاية التي فاز منها سونيا وراؤول غاندي بمقاعدهما داخل البرلمان، ودائما ما تقرر من سيحكم من دلهي. وطبقا لتقرير داخلي من الحزب، فإن صوت الناخب الإسلامي لعب دورا حاسما في إعادة ظهور حزب المؤتمر. وخاضت الجبهة الديمقراطية الموحدة الانتخابات على تسعة مقاعد خلال أول انتخابات يشارك فيها، وتمكنت الجبهة من الفوز بمقعد واحد. ودفعت الجبهة بمرشحين اثنين من غير المسلمين، وخسر أحدهم بهامش ضعيف. وبجانب هذين الحزبين الإسلاميين، فقد كانت النتائج سيئة بالنسبة لكل الأحزاب، التي تشكلت خلال الفترة الأخيرة، سواء بالنسبة لحزب مانيثانيا ماكال كاتشي وحزب السلام في الشمال، فقد حصل كل منهما على آلاف من الأصوات وحسب. وبدرجة كبيرة، يدين حزب المؤتمر بالفوز الذي حققه في الانتخابات إلى الدعم الواضح، الذي حصل عليه من المسلمين، وتعد هذه هي المرة الأولى منذ هدم مسجد بابري عام 1992، عندما كان يحكم حزب المؤتمر متعصبون هندوس، يقوم المسلمون في الهند بتأييد حزب قومي على نطاق واسع. ويقول المحللون، إن مما دفع صوت الأقلية لحزب المؤتمر هو الرغبة في تقديم نفسها على أنها منافس قوي. ويقول ظفر الإسلام خان، من مجلس المشاورات الإسلامي الهندي، وهو كيان يضم منظمات إسلامية: «الصورة العلمانية لعائلة غاندي، وموقفه من الأقليات والفقراء، والصورة النقية الصادقة لرئيس الوزراء مان موهان سينغ، ووصوله إلى قيادات الأقلية، تمكنت من إقناع المسلمين بالتصويت لصالح حزب المؤتمر». وبصورة تدريجية، أدرك المسلمون أن حزب المؤتمر هو الحزب الوحيد الذي يكنهم التطلع إليه. وعلاوة على ذلك، فإن لحزب المؤتمر تاريخا طويلا، كما أنه قدم مساهمات لصالح المسلمين، حسب ما يقوله أنيس دوراني، المسؤول عن قسم الأقليات داخل حزب المؤتمر. ومن بين المسلمين البارزين الذين تم انتخابهم خلال الانتخابات الأخيرة، القيادي البارز في حزب المؤتمر سلمان خورشيد، والوزير الأول بجامو وكشمير فاروق عبد الله، ولاعب الكريكت السابق محمد أظهر الدين، ورئيس مجلس اتحاد المسلمين الهندي أسد الدين عويسي، ووزير الدولة السابق للشؤون الخارجية أحمد، والرئيس السابق للجنة الأقليات ظفر علي نقي، وعن بهارتيه جنتا بارتي اليميني الهندوسي سيد شانواز، والمليونير بدر الدين أجمل، من أسام. وتمكن أسد الدين عويسي، من تحقيق رقم قياسي بالاحتفاظ بمقعد دائرة حيدر آباد، للمرة السادسة على التوالي. ومن غير المفاجئ، أن يرحب المسلمون بانتصار حزب المؤتمر، على الرغم من أن هناك بعض المخاوف بشأن تمثيلهم الضعيف داخل البرلمان والمجالس، ولكن يجب أن يكون العمل الذي يقومون به هو موضع اهتمام الأقلية.