مطار بيروت مزدحم بالقادمين.. لممارسة «حقهم الديمقراطي»

حقائب السفر الصغيرة باحت بما رفض كثيرون البوح به

مطار بيروت أمس يعج باللبنانيين القادمين للمشاركة بالاقتراع («الشرق الأوسط»)
TT

كان الانتشار الكثيف لحقائب السفر الصغيرة وسط العائدين أمس من المغتربين اللبنانيين، دليلا على أن هذه العودة قصيرة و«انتخابية» بامتياز، وكانت تلك الحقائب كفيلة بإفشاء ما لم يجرؤوا على البوح به. قلة منهم كشفوا عن أسمائهم. جميعهم، ومن دون استثناء، ردوا بابتسامات عكست تارة حياء، وطورا خشية من الإجابة الصريحة، حين سألتهم «الشرق الأوسط» عن توقيت الزيارة ومدتها. من تحلوا بشيء من «الشجاعة» للإجابة، تغلب عليهم الميل إلى التمسك بالإجابات المثالية. كثيرون رددوا أنهم آتون «من أجل لبنان» أو «للقيام بالواجب الوطني»، حتى إن بعضهم حاول الإيحاء بأنه وصل لتمضية إجازة سنوية، مؤكدين عدم رغبتهم في المشاركة في الانتخابات. لكن بعضهم وقع في «فخ» سؤال الصحافي عن توافر «معلومات» لـ«الاطمئنان» إلى حظوظ هذا الفريق أو ذاك.

كانت أساليب التحايل التي لجأ إليها البعض مضحكة جدا. فمن كانوا يؤيدون فريق «14 آذار» صرحوا بداية أن فريق «8 آذار» دفع ثمن تذكرة السفر، ومن كانوا يؤيدون فريق «8 آذار» كشفوا بلا تردد أن فريق «14 آذار» ابتاع التذاكر. لكن الإجابات التي تلت «حيلهم»، فضحت ميولهم.

أكثر من ساعة أمضيناها في مطار رفيق الحريري الدولي نستطلع أجواء المنتظرين والوافدين من الولايات المتحدة وبلجيكا والإمارات والسويد وغيرها. وكان واضح أن يوم أمس، كان يوما للاسترزاق بامتياز بالنسبة إلى العاملين بسيارات الأجرة. فالطرق خالية من الزحمة والطلب يرتفع. يقول أحد السائقين: «في الأيام العادية، يرسل مكتبنا 7 أو 8 سيارات إلى المطار في اليوم. أما اليوم فالاتصالات تنهال علينا حتى وصل عدد السيارات التي أرسلناها إلى 15 سيارة وما زلنا في منتصف اليوم. فأهلا وسهلا بالجميع وليصوتوا لمن يشاءون».

قبل أن يتوالى وصول الطائرات المحملة بأفراد «جناح لبنان الثاني» أي المغترب، كانت قاعة الاستقبال تزدحم بالأهالي. تؤكد إحدى السيدات التي كانت تنتظر وصول ابنتها وابنها من أبوظبي لـ«التصويت زي ما هيي» في دائرة بيروت الثالثة: «لم يحصل ولداي على أي مساعدة للمجيء. وصراحة تمنيت لو حدث ذلك، لكنهما عجلا في شراء تذكرتي السفر ما أن تأكد موعد الانتخابات. لكنني نذرت... والسما زرقا سنربح».

أما علي قانصوه الآتي من دبي فيعترف بأنه آت لـ«ممارسة حقي الديمقراطي»، لكنه يتحفظ على الكشف عن الفريق الذي يؤيد أو الدائرة التي يقترع فيها. وبضحكة مريبة يجيب: «أتيت من دون أن يعرض علي أي فريق المساعدة».

حماس الشباب يتجلى على وجه ديميتري حبال، إذ بدا الشاب شبه الوحيد الذي أكد حصوله على مساعدة مالية للمجيء من دون أن يبدي أي تحفظ. وقال: «آت من أبوظبي وسأمكث 5 أيام. ومختصر مفيد، كل الماكينات (الانتخابية) تدفع، لا سيما إذا كان الناخب يصوت في دائرة حامية. فأنا أقترع في دائرة بيروت الأولى وأؤيد الكتائب (14 آذار) وهم اشتروا لي البطاقة».

يعترف شاب آخر آت من بلجيكا ويقول: «أصوت في دائرة زحلة، وأؤيد التيار الوطني الحر، وقد ساعدني في دفع نصف ثمن التذكرة. الواقع أن المساعدة التي يقدمها تتفاوت، إذ تعتمد على قدرة كل فرد».

وتكتفي سيدة تقترع في دائرة صيدا أتت من الولايات المتحدة بالرد: «لم يساعدني أحد، لكني أتيت كرمى للست بهية (الحريري) والرئيس السنيورة». يقول مخايل جريج الذي قال إنه وصل قبل أسبوع من فنزويللا مع عائلته، إنه ينتظر أحد الأقرباء. ويضيف: «نحن نقترع في (دائرة) زغرتا (في الشمال). وحين أتيت كانت الطائرة محملة بـ140 لبنانيا ينتمون إلى الفريقين». ويضيف بلهجته الشمالية: «لم أحتج إلى أي ماكينة لأشتري تذاكر السفر، لكن أجزم بأن كل الأطراف ينفقون مبالغ طائلة. فهناك الكثير ممن أعرفهم أتوا للاقتراع».

أحد الوافدين من أبوظبي قال إنه «متحمس جدا للمشاركة في الاستحقاق»، وقال: «أنتخب في الكورة. ورغم أن فريقا معينا قدم لي التذكرة، سأشطب لأجمع (مرشح 14 آذار) فريد مكاري و(مرشح 8 آذار سليم) سعاده. سأجمعهما في ورقة بعدما باعدت بينهما السياسة».

علامات عدم الرضى بادية على وجه أحد المنتظرين، لكن تعب الانتظار ليس السبب، ولكن الفتاة التي ينتظرها ستصوت لفريق «8 آذار»، لكنه «مجبر على استقبالها بحكم صلة القرابة»!