الإدارة الأميركية تدرس إجراء تعديلات على محاكمات غوانتانامو العسكرية

قد تسمح بالإقرار بالذنب لمعتقلي هجمات سبتمبر الذين يواجهون عقوبة الإعدام

TT

تدرس إدارة الرئيس أوباما إجراء تغيير في قانون عمل المحاكم العسكرية في معتقل غوانتانامو، يمهد الطريق أمام المعتقلين الذين يواجهون عقوبة الإعدام بالإقرار بجريمتهم دون المضي في محاكمة كاملة. وبموجب تلك الفقرة سيتمكن المدّعون العامّون التابعون للجيش من تجنب الإعلان عن تفاصيل أساليب التحقيق القاسية، كما ستسمح للمعتقلين الخمسة الذين يواجهون اتهامات بالتخطيط لهجمات سبتمبر (أيلول) أن يحققوا هدفهم الذي عبروا عنه بالإقرار بجريمتهم، لكي يحصلوا على ما سموه «الاستشهاد».

وسيعرض المقترح، الذي لم يكشف النقاب عن تفاصيله بعد، في صورة مسودة قانون على الكونغرس، وقد تم عرض المقترح على بعض المسؤولين مع التأكيد على السرية الشديدة. وقال الأشخاص الذين اطلعوا على القانون أو أحيطوا به علما إن قوة العمل الخاصة بالمعتقل التابعة للإدارة قدمته إلى وزير الدفاع روبرت غيتس. ويخفف المقترح الجديد من عبء الحكومة الصعب في محاكمة الرجال الذين اعترفوا بالإرهاب لكن قضاياهم تمثل تحديات، حيث يعتقد أن الكثير من الأدلة التي جمعت ضد هؤلاء الرجال، الذين اتهموا بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) والمعتقلين الآخرين، نتجت عن الاعترافات التي أدلوا بها خلال عمليات الاستجواب القسرية في سجون وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السرية. وبمقتضى القانون فإن مصداقية أي من تلك الاعترافات يمكن دحضها خلال الدعوات القضائية، الأمر الذي يصعب من سير المحاكمات ويشكل ضغطا سياسيا جديدا حول معاملة المعتقلين.

وقال بعض الخبراء المختصين بعمل اللجان إن المقترح الجديد سيثير تساؤلات جديدة حول عدالة نظام انتقد لسماحه بتقليص المحاكمات لضمان الإدانات. وقال ديفيد غليزر، الأستاذ المشارك في كلية لويولا للحقوق في لوس أنجليس، الذي كتب عن المحاكم العسكرية: «لسوء الحظ، يبدو لي أن هذا المقترح يأتي كمحاولة للتخلص من المشكلة بأبسط صورة ممكنة، وهي منح هؤلاء الأفراد حرية الاعتراف ثم إعدامهم، لكني أعتقد أنها ستفتقد المصداقية الدولية».

وتتضمن مسودة القانون بعض تغييرات أخرى كشف عنها مسؤولو الإدارة الشهر الماضي عندما قال الرئيس أوباما إنه سيعمل على استمرار نظام المحاكم العسكرية المثير للجدل مع تغيرات تزيد من حقوق المعتقلين. ولم يعرف ما إذا كان البيت الأبيض قد أقر البند الخاص بعقوبة الإعدام من عدمه، حيث رفض المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض التعليق على ذلك. وستتبع المادة الجديدة توصية للمدعين العامين التابعين للجيش بتوضيح ما اعتبروه خطأ في قانون 2006 الذي أنشأ المحاكم العسكرية. ولم يوضح القانون ما إذا كان الإقرار بالذنب مسموحا به في قضايا القتل، في الوقت الذي تسمح فيه المحاكم الفيدرالية المدنية في غالبية الولايات التي تطبق حكم الإعدام بتلك الاعترافات. لكن القانون العسكري الأميركي، الذي يعد نموذجا للمحاكم العسكرية، يمنع أعضاء القوات المسلحة الذين يواجهون عقوبة الإعدام من الإقرار بالذنب، لضمان العدالة إذا ما كانت هناك احتمالية لإنزال عقوبة الإعدام، كما يطلب من المدعين إثبات التهمة في المحاكمة حتى ضد أعضاء الخدمة الذين يرغبون في الإقرار بجريمتهم. وخلال جلسات المحاكمة التي دارت وقائعها في غوانتانامو في ديسمبر (كانون الأول)، قال المتهمون الخمسة الذين أدينوا بالتنسيق لهجمات سبتمبر (أيلول) إنهم يرغبون في الاعتراف بجريمتهم، وطالب المدعون العامون بالسماح لهم بذلك، فيما أشار محامو الدفاع إلى ضرورة اتباع المحكمة للقانون العسكري الأميركي، ويمنع المتهم من الاعتراف بالذنب، لكن القاضي العسكري لم يتخذ قرارا بعد. وكان المحامون الذين طلبت الإدارة رأيهم بشأن التغيرات المقترحة خلال الأيام الأخيرة قد أشاروا إلى أنهم يتوقعون أن يكون ذلك معدا من أجل قضايا هجمات سبتمبر (أيلول).

وقال الميجور ديفيد فراكت بسلاح الجو الأميركي، ومحامي الدفاع في فريق غوانتانامو: «إنهم يحاولون منح منسقي هجمات سبتمبر (أيلول) ما يرغبون فيه، يقولون: دعوهم يعترفون بما اقترفوه ويحكم عليهم بالإعدام، ولا داعي لإجراء محاكمة». وكانت المحاكم العسكرية قد توقفت بصورة كاملة منذ يناير (كانون الثاني) كي تتمكن الإدارة من دراسة الخيارات المتاحة أمامها.

ومن المتوقع أن تكون القضايا التي تنتهي بحكم الإعدام والتي تنظرها المحكمة الآن قضية المعتقلين الخمسة المدانين بالتنسيق لهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، ومن بينهم العقل المدبر للهجمات خالد شيح محمد. وتقول الكوماندر سوزان لاتشيلير، المحامية بالبحرية عن رمزي بن الشيبة، وهو أحد المعتقلين على خلفية هجمات سبتمبر (أيلول)، عن إدارة أوباما: «إنهم يشجعون الاستشهاد». ولم توضح الإدارة إلى الآن ما إذا كانت ستستمر في نظر قضية 11 سبتمبر (أيلول) أمام المحاكم العسكرية أو ستنقل محاكمة بعض المعتقلين أمام محاكم فيدرالية. وقال المسؤولون المعنيون بالعملية إن المحامين الذين يراجعون القضية قالوا إن هناك إمكانية لتوجيه تهم فيدرالية لأربعة من المعتقلين، لكن الأدلة الخاصة بوليد بن عطاش، أحد المعتقلين الخمسة المعروف بـ«خلاد»، ستكون واهية إذا ما نظرت قضيته أمام محكمة فيدرالية.

وأشار دين بويد المتحدث باسم وزارة العدل إلى إن الوزارة لم تستقر بعدُ على المكان الذي ستتم محاكمة الرجال فيه، وأوضح أن دراسة أي مقترحات قانونية لا يزال سابقا لأوانه. وقال: «كما قال الرئيس، إن الإدارة تعمل بصورة مكثفة لتوضيح التعديلات القانونية المحتملة على نظام المحاكم العسكرية الحالية».

* خدمة «نيويورك تايمز»