المعركة امتحان ماروني بامتياز لميشال عون ومواقف البطريرك في صلب العملية الانتخابية

معارضو كسروان يصوتون «متل ما هيي» وموالاتها ترد بـ«زي ما هيي»

TT

سبق أمس الناخبون في دائرة كسروان، ذات الغالبية المارونية الساحقة عقارب الساعة، فلم تكد تلامس السابعة صباحا حتى حضر العشرات ليكونوا أول المشاركين في «الاستحقاق الكبير».

لا، بل إن بعضهم، لاسيما أهالي القرى، بكروا، على غير عادة، في الحضور ليشهدوا فتح أبواب المراكز الانتخابية للإدلاء بأصوات «ملتزمة التزاما مطلقا»، ذلك أن غالبية من تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا الاقتراع «متل ما هيي» إما لـ«لائحة التغيير والإصلاح» التي يرأسها النائب ميشال عون، وإما لـ«لائحة التحالف في كسروان والفتوح» التي تضم أفرادا من فريق «14 آذار» حتى بدت نسب المتحدثين عن نيات لـ«إرضاء الطرفين» متدنية جدا، في ظل الاصطفاف الذي يفرز اللبنانيين بين موالين ومعارضين.

واللافت أن حبس الأنفاس والإقبال الكثيف على مراكز الاقتراع في كسروان، الذي تخطى الخمسين في المائة في بعد الظهر، لم يترجما مشكلات أو تدافعا في الشوارع والأحياء أو قرب مراكز الاقتراع، فنيات المواطنين بالتزام الهدوء كانت جلية، فلولا الأعلام واللافتات التي تزين قرى كسروان وبلداتها، لخيل للزائر أن يوم أمس هو يوم لمنع التجول، ذلك أن الطرق التي تربط المناطق بعضها ببعض مقفرة، لا يقطع هدوءها إلا مرور سيارة بين الحين والآخر. وما بعث على الاطمئنان إلى سلامة العملية الانتخابية، على الأقل حتى ساعات بعد الظهر، منع المواكب السيارة، وخصوصا في محيط الأقلام. ومن حاول الإخلال بالتعليمات، وقفت له القوى الأمنية بالمرصاد. فهنا أحد عناصر الجيش يطلب بهدوء حازم، من إحدى السيارات التي ترفع علما حزبيا، خفضه لدى المرور قرب المركز.

في أعالي كسروان، وتحديدا في قرية حراجل التي تعد نحو 5000 ناخب (أكثر من 3 آلاف مقترع في دورة الـ2005)، كانت نسب المشاركة في التصويت مرتفعة جدا منذ الصباح، بحسب ما أكد مندوبو الفريقين لـ«الشرق الأوسط» خلال جولتها الميدانية. تقول باسكال زغيب إنها عجلت في الاقتراع «لأنه بلغنا تعميم من التيار الوطني الحر بذلك، ولأني لا أنتظر حلول المساء لأعرض صوتي للبيع كما يفعل البعض». أما جان سلوم، الذي اقترع لـ«لائحة التحالف الكسرواني كاملة»، فيؤكد أنه قدم «باكرا لأني متحمس لدعم المشروع الوطني. فليس من أقوالهم تعرفونهم، بل من أفعالهم قبل أقوالهم. وهذا لا ينطبق على الجنرال». ترد باسكال «لقد عمل على إقرار سلسلة الرتب والرواتب ورأينا أداء التيار في وزارة الاتصالات. لذلك أعتقد أن علينا إعطاءه فرصة للتغيير». لكن الإقبال الكثيف اصطدم ببطء العاملين في الأقلام، حتى دفع الأمر بأحد عناصر قوى الأمن إلى احتجاج قبل المواطنين، مما دفع بعضهم إلى مغادرة الأقلام تلافيا للوقوف في طوابير تبدأ بخط مستقيم لتتفرع وتتعرج وتنتهي بتأفف من هنا وعنين من هناك، بسبب الآلام التي تصيب الواقفين لأكثر من ساعتين تحت أشعة الشمس.

الجميع، ناخبين ومرشحين، اشتكوا من قلة الأقلام المخصصة للاقتراع، تسد إحدى السيدات المسنات أذنيها وتقول «معقول أنه صرنا نحتاج إلى وساطة لنتمكن من الدخول إلى أقلام الاقتراع؟». وتصرخ سيدة أخرى في مركز ذوق مكايل «قد أكون الوحيدة التي لا تصوت لعون فلماذا لا تسمحون لي بالدخول؟». رجل يحاول التوسط لدى أحد عناصر قوى الأمن لأن موعد الغداء حل، فيما لا تزال زوجته «محتجزة في طابور قلم الاقتراع»، لكن محاولاته باءت بالفشل.

حتى إن عميد «الكتلة الوطنية» المرشح كارلوس اده، وفي زيارة سريعة لمركز حراجل الانتخابي، أبدى استياءه لـ«بطء العملية الانتخابية» من دون أن تفوته الإشادة بـ«حسن سير التصويت من ساحل كسروان وحتى الأعالي».

أما مختار ذوق مكايل كارلوس أبي ناضر فشكا لـ«الشرق الأوسط» أن «موظفي الأقلام، ليسوا مؤهلين للعمل في ظروف كهذه. نعرف أن الوزير (الداخلية زياد بارود) بذل جهدا كبيرا، لكن كان يجدر أن يخضعوا لدورات تدريبية». البطء لم يكن المصدر الوحيد للشكاوى، فسيلفانا الحاج صفير لم تتمكن من الاقتراع لأن «اسمي ليس واردا على قائمة الناخبين رغم أن المختار أكد لي تصحيح الخطأ. وهذا الخطأ يحصل معي للمرة الثانية، لا أعرف إذا كان متعمدا بما أني أنتخب قوى 14 آذار».

بحور اللون البرتقالي قطعها ولادة لون سياسي جديد: البنفسجي الذي يدل على لائحة قوى «14 آذار» التي تضم فريد هيكل الخازن، منصور البون، فارس بويز، سجعان القزي، كارلوس اده. انتشر البنفسجي بكثافة في بعض المناطق فيما اكتفى بتسجيل حضوره في مناطق أخرى. مقترعو هذه اللائحة، أطلقوا عليها أسماء مختلفة. فتارة هي «لائحة البون» وطورا هي «لائحة الشيخ فريد»، أما أسباب الاقتراع فتباينت. أندره خليل مثلا صوت للائحة «14 آذار» لأن «الشيخ فريد خدوم ومد جسورا. ويوسف خليل (المرشح على لائحة عون) قريبي ولا أنتخبه لأنه لا يخدمني». نورما عقيقي تنتظر «منذ أكثر من ساعة، ليحين دوري. لكن سأنتظر لأني أريد الاقتراع للائحة البون والشيخ فريد، فهما من ساعداني حين دخلت ابنتي إلى المستشفى». أما طنوس شقير فيعلن على الملأ وفي ظل الزحمة الخانقة على باب المركز تأييده «الشيخ فريد. أحبه حتى العظم مهما فعل. فهو ابن منطقتنا، ورأسي وقلبي مقفلان تجاه الآخرين».