الانتخابات الأوروبية في فرنسا: استقرار المشهد السياسي وهيمنة اليمين الحاكم والاشتراكيين عليها

اليونان: 10 ملايين ناخب يصوتون لاختيار 22 عضوا للبرلمان الأوروبي

TT

لم تكن أنظار الفرنسيين موجهة أمس إلى صناديق الاقتراع، حيث كان 44.4 مليون منهم مدعوون للاقتراع لاختيار 72 نائبا «من أصل 736 نائبا» للبرلمان الأوروبي، بقدر ما كانوا مهتمين بمصير المباراة النهائية لكرة المضرب في دورة رولان غاروس التي ربحها السويسري روجيه فيديرير. فهذه الانتخابات لم تثر حماسا استثنائيا لدى الجمهور الفرنسي وهو ما عكسته نسب المشاركة حيث إن 33.18 في المائة من المسجلين على اللوائح الانتخابية توجهوا إلى صناديق الاقتراع حتى الساعة الخامسة. وتوقع المراقبون ألا تزيد نسبة المشاركة عما كانت عليه في عام 2004 حيث اجتازت بقليل عتبة الـ57 بالمائة.

ورغم اللوائح الـ168 التي تنافست في المناطق الانتخابية الثماني، فإن الاهتمام بالحملة الانتخابية في بعدها الأوروبي بقي ضعيفا لا بل غلبت عليه المشاكل الداخلية. ويعزى فقدان الاهتمام لكون هذه الانتخابات ليست ذات تأثير على السياسة الداخلية مباشرة أي على الأكثرية والمعارضة والحكومة، فضلا عن أن نسبة المشاركة الضئيلة لا تسمح بتكوين فكرة دقيقة عن ميزان القوى الجديد داخل فرنسا بعد عامين وشهر على وصول الرئيس ساركوزي إلى السلطة.

وكانت استطلاعات الرأي المتواترة بينت أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية اليميني متحالفا مع حزب الوسط الجديد الممثل في الحكومة بوزير الدفاع هيرفيه موران سيحتل المرتبة الأولى بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المائة، فيما سيأتي الحزب الاشتراكي في المرتبة الثانية بنسبة تدور حول 20 في المائة. أما المرتبة الثالثة فالتنازع قوي عليها بين حزب الحركة الديمقراطية «الوسط» التي يرأسها المرشح الرئاسي السابق فرنسوا بايرو وحزب البيئويين برئاسة الثنائي دانيال كوهين بنديت زعيم ثورة الطلاب ربيع عام 1968 في باريس وجوزيه بوفيه، زعيم الحركة الزراعية المعادية للعولمة وللزراعات المعدلة جينيا. وينتظر أن تحصل هاتان الحركتان على حوالي 13 في المائة من الأصوات. وأغلقت أبواب مكاتب الاقتراع في السادسة بعد الظهر باستثناء العاصمة باريس وضواحيها والمدن لكبرى، حيث بقيت مفتوحة حتى الساعة السابعة أو الثامنة. وتدور معركة حامية على يسار الحزب الاشتراكي وعلى يمين حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. فيسارا، يتنافس تجمعان الأول يسمى «جبهة اليسار» وتضم الحزب الشيوعي ومجموعة منشقة عن الحزب الاشتراكي، بينما يضم التجمع الثاني اليسار المتطرف تحت مسمى الحزب المعادي للرأسمالية الجديد. وداخل اليمين المتطرف، تدور معركة حامية الوطيس بين المجموعة التي يقودها فيليب دوفيليه الذي يمثل اليمين المسيحي المتشدد والجبهة الوطنية التي يقودها جان ماري لوبن وبين المنشقين عنها. ولا ينتظر أن يحصل في فرنسا ما حصل في بلدان أوروبية أخرى مثل هولندا وأيرلندا باعتبار أن الأحزاب التقليدية ستبقى سيدة الساحة. ويستفيد الرئيس ساركوزي وحكومته من انقسام الاشتراكيين وتنافس زعمائهم. ولن تنظر إلى هذه الانتخابات على أنها «استفتاء» على السياسة الحكومية أو على شعبية الرئيس. وفي أي حال، فإن ساركوزي سيعمد إلى إجراء تعديل وزراي لم يعرف مداه بدقة حتى الآن. لكن الثابت أن وزيرة العدل رشيدة داتي ووزير الزراعة ميشال بارنيه سيخرجان من الحكومة بسبب انتخابهما في البرلمان الأوروبي. ويرجح أن يستفيد ساركوزي من المناسبة لإجراء حركة مناقلات أوسع تطال عددا أكبر من الوزارات.

وبدأت دول الاتحاد الأوروبي التصويت في اليوم الأخير من انتخابات البرلمان الأوروبي أمس والتي يتوقع أن تسبب حرجا لحكومات تناضل من أجل التغلب على آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وبدأ التصويت في 19 دولة في اليوم الرابع والأخير من الانتخابات التي انتهى التصويت فيها بالفعل في الدول الأعضاء الثماني الأخرى بالاتحاد الأوروبي. ورغم توقع أن تبقى أحزاب الوسط القوي المسيطرة في البرلمان المؤلف من 736 عضوا والذي يتولى صياغة الكثير من قوانين الاتحاد الأوروبي ويجيز ميزانية الاتحاد الأوروبي فإن بعض أحزاب اليمين المتطرفة قد تحقق مكاسب إذا أصبح الإقبال على التصويت منخفضا بشكل خاص.

إلى ذلك توجه اليونانيون أمس إلى مراكز الاقتراع لاختيار 22 برلمانيا، يمثلون البلاد داخل البرلمان الأوروبي المؤلف من 736 عضوا من 27 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ووفقا لوزارة الداخلية اليونانية فإن 20435 مركزا اقتراعيا تم تجهيزها لاستقبال 9866913 يوناني المسجلين في قوائم الانتخابات داخل البلاد، بينما تم تخصيص 97 مركزا خارج الحدود اليونانية لاستقبال الناخبين من يونانيي المهجر. وتشارك اليونان في هذه الانتخابات للمرة السابعة منذ عام 1981، ويتنافس في الانتخابات الحالية 27 حزبا سياسيا، وفي مقدمة هذه الأحزاب حزب «الباسوك» الاشتراكي أكبر أحزاب المعارضة بزعامة باباندريو، وحزب «الديمقراطية الجديدة» اليميني الحاكم بزعامة كارامنليس، والحزب الشيوعي، وحزب اليسار التقدمي «سيريزا»، وحزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية «لاووس»، بالإضافة إلى حزب «الخضر» وبقية الأحزاب، إلا أن الحزب الحاصل فقط على نسبة أكثر من 4,5 في المائة هو الذي سيتأهل للتمثيل داخل البرلمان الأوروبي. وقبيل إجراء الانتخابات، أشارت استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب «الباسوك» الاشتراكي المعارض بـ5 نقاط على حساب حزب «الديمقراطية الجديدة» الحاكم، وبالتفصيل فقد أعطى المشاركون في الاستطلاع 32% لحزب «الديمقراطية الجديدة» و37% لحزب «الباسوك» و7% للحزب الشيوعي و6% لتحالف اليسار التقدمي و5% لحزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية «لاوس» و7% لحزب «الخضر».