السنيورة ينتخب ليؤدي واجبه.. وسعد لمواجهة الحكومة.. وبهية الحريري بقيت خارج المنافسة الانتخابية

ناخبو صيدا يقبلون بكثافة على صناديق الاقتراع ويتذمرون

رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة يبرز اصبعه الملطخ بحبر الاقتراع (أ.ف.ب)
TT

عاشت عاصمة الجنوب اللبناني يوما انتخابيا هادئا على عكس التوقعات التي أشيعت قبيل ساعات من بدء العملية الانتخابية عن احتمال وقوع حوادث أمنية، باستثناء إشكالات متفرقة تم تطويقها بسرعة. واكتفى المناصرون بالتعبير عن آرائهم بالمواكب السيارة التي بدأت تجوب الطرقات في فترة بعد الظهر.

بعد أربع دورات متتالية، منذ اتفاق الطائف عام 1989، عاشتها صيدا ملحقة بدائرة الجنوب، خاض أبناؤها انتخابات 2009 في معركة سياسية تمثيلية بين خط «تيار المستقبل» المتمثل بالنائبة بهية الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وخط «التيار الوطني» المتمثل بالنائب أسامة سعد الذي يخوض الانتخابات منفردا. عكست أجواء أقلام الاقتراع الصيداوية، التي وصلت المشاركة فيها إلى 58 في المائة، تنوعا في توجهات الناخبين السياسية. فهذه المدينة التي تضم خطين اعتادا أن يجتمعا في لائحة توافقية، أطلق أبناؤها هذه الدورة العنان لحماستهم التي أظهرت في كثير من الأحيان تعصبا سياسيا عكس مدى الاختلاف بين هذا التوجه وذاك. لكن الواضح من سلوك المواطنين الانتخابي في صيدا هو أن النائبة بهية الحريري تبقى خارج المنافسة، فيما تحتدم المعركة بين النائب أسامة سعد والرئيس فؤاد السنيورة. إذ في حين تقيد عدد كبير من المواطنين بمبدأ «زي ما هي لفؤاد وبهية» معتبرين أنهم جربوا التوافق بين خطين مختلفين ولم يؤد ذلك إلى نتيجة إيجابية بالنسبة إلى أبناء صيدا، لم يخرج البعض الآخر عن العرف الصيداوي السياسي الذي يحفظ حق عائلتي الحريري وسعد في التمثيل، عازين السبب إلى أن التنوع في الخط السياسي هو غنى لمدينة صيدا. أما مناصرو سعد ففضلوا التصويت له دون غيره. لم يكن التجول بين أقلام الاقتراع الـ 78 في دائرة صيدا منذ ساعات الصباح الأولى سهلا، فحماسة الصيداويين، الذين حضروا باكرا للإدلاء بأصواتهم، أدت إلى زحمة خانقة في عدد من الأقلام، مما أدى إلى تدافع بين الناخبين، وحال في كثير من الأحيان دون قيامهم بواجبهم، وذلك بعد انتظار ساعات طويلة لم يتمكنوا خلالها من الاقتراع، فعادوا أدراجهم متذمرين، حتى إن بعضهم أعلن عزوفه عن الاقتراع.

في منطقة عين الحلوة، وتحديدا في المدرسة الإنجيلية، التي تضم 9 أقلام، وحيث اقترع النائب أسامة سعد، لم تكن الأجواء هادئة. مئات الصيداويين تجمعوا أمام مدخل القلم بانتظار دورهم. لكن سوء التنظيم والكثافة الانتخابية حالا دون قدرة القوى الأمنية على التحكم بالوضع، الأمر الذي أدى إلى تذمر الناخبين. وعبرت إحدى السيدات، التي رفضت الكشف عن اسمها، عن استيائها من هذا الواقع بالقول «انتخبت لمرشح واحد، لكنني ندمت على ما فعلت لأن لا أحد يستحق. تعرضنا إلى إهانة وكأننا نشحذ. وأعتقد أننا مستهدفون فقط لأننا من الطائفة الشيعية. وفي النهاية صوتنا لا يقدم ولا يؤخر، فمن يريدونه سيفوز». ولأن الحصول على إجابة واضحة من المقترعين صعب، نظرا إلى أنهم يعتبرون أن ليس من حق أحد الاطلاع على رأيهم، تمحورت الأسئلة الموجهة إلى الصيداويين حول «هل ستنتخب لواحد أو لاثنين»؟ و«هل ستخلط بين خطين أم ستؤيد خطا واحدا؟». وهنا كانت الإجابات كفيلة بإعطاء صورة عن الجو الانتخابي الذي عكس منافسة حادة بين كل من سعد والسنيورة. أكدت لطيفة عمار، بعد أن تسلمت ورقة من أحد المندوبين الذي حذرها من أخذ ورقة أخرى من أي مندوب آخر، أنها لم تنتخب إلا لـ «الوطني والإنساني والفقير». وعند سؤالها عن سبب انتخابه منفردا أجابت «لا أعرف». كما في المدرسة الإنجيلية، كذلك في مدرسة عائشة الجديدة، التي تضم 6 أقلام اقتراع، الازدحام كان سيد الموقف. فوضى عارمة أدت إلى حالات إغماء بين السيدات، لا سيما كبيرات السن اللواتي يعانين من حالات صحية دقيقة. أحد مندوبي «تيار المستقبل»، أبدى قلقه حيال انخفاض نسبة اقتراع مؤيدي «تيار المستقبل» الملحوظة في هذا القلم، التي لم تكن قد تجاوزت 500 ناخب من أصل 4000، عازيا السبب إلى اضطرار هؤلاء إلى العودة إلى بيوتهم قبل الاقتراع.