متحف «الهولوكوست» أكثر متاحف واشنطن حراسة

كيسنغر عارضه وقال إنه سيزيد العداء لليهود

TT

ربما بعد البيت الأبيض ومبنى الكونغرس ووزارة الدفاع (البنتاغون)، لا يوجد مكان في واشنطن يحرس حراسة شديدة مثل متحف «الهولوكوست»، ربما لأنه، عكس المباني الأخرى المذكورة، ليس محاطا بسور عال أو منخفض، وليس مبنيا وسط ميدان كبير أو صغير. فهو يقع في صف مبان حكومية متلاصقة مع بعضها البعض على الشارع الرابع عشر، المدخل الرئيسي للعاصمة واشنطن من ناحية الجنوب، ناحية ولاية فرجينيا. ولهذا، يقع المتحف في مكان مكشوف، وليس صعبا لمن يريد أن يقذفه بقنبلة أو يطلق رصاصة نحوه من سيارة عابرة، أن يفعل ذلك.

بالإضافة إلى هذا، يفتح المعرض أبوابه يوميا للسواح، ويعتبر واحدا من أكثر الأماكن السياحية إقبالا في واشنطن، ليس فقط لأنه في قلب المدينة، وقريب من البيت الأبيض والكونغرس، وليس فقط لأهميته التاريخية، ولكن أيضا، لأن كثيرا من مقررات المدارس، خاصة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، تدرس في تفصيل «الهولوكوست».

وفي سنة 1980، أصدر الكونغرس قانون منح قطعة الأرض التي تقع بين المباني الحكومية لما كانت تسمى «لجنة الهولوكوست الوطنية»، برئاسة مايلز ليرمان، وهو يهودي هاجر إلى أميركا من بولندا بعد أن هرب من قوات هتلر التي كانت احتلت بولندا، وفي وقت لاحق، أسس شركات دواجن ونفط، وصار من أغنى أغنياء يهود أميركا.

وخلال سنوات قليلة جمع ليرمان قرابة مائتي مليون دولار لبناء المتحف، والذي صممه يهودي آخر، هرب أيضا من محرقة هتلر، وهو المهندس المعماري جيمس فيريد. وفي سنة 1993، افتتح المتحف، وحسب إحصائياته، حتى الآن، زاره ثلاثون مليون شخص، منهم عشرة ملايين تلميذ وتلميذة. وبينما يبدو المتحف من الخارج مثل بقية مباني الوزارات والمصالح الحكومية المجاورة، يختلف كثيرا في الداخل لأنه، كله، عن محرقة اليهود: صور كثيرة، وملابس وأحذية تركت بعد حرق أصحابها، ونماذج للمحارق، وخرائط وإحصائيات. وبالإضافة إلى هذا، توجد في المتحف قاعات محاضرات واجتماعات لأن المتحف يعتبر ربما المصدر الرئيسي في العالم للمحرقة. وأيضا، تدير المتحف شبكة عالمية لمنع وقوع محارق وعمليات إبادة أخرى.

ومن داخل المتحف وفي سنة 2003، انطلقت «الحملة الأميركية لإنقاذ سكان دارفور»، في السودان، والتي تحولت قيادتها إلى لجنة «سيف دارفور» (إنقاذ دارفور)، ومركزها واشنطن. ومن الانتقادات التي وجهت إلى المتحف تركيزه على محرقة اليهود، وإهمال محارق نصبها النازيون لأقليات أخرى، مثل الغجر والمعارضين غير اليهود في الدول التي احتلتها ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. ومن الانتقادات التي وجهت للمتحف انتقادات أساسية، ضد الفكرة نفسها، ليس فقط من غير اليهود، ولكن، أيضا، من بعضهم. وقاد هؤلاء هنرى كيسنغر، وزير الخارجية الأميركي السابق. ويوم افتتاح المتحف، نشرت دورية «كومنتاري» (تعليق) اليهودية تقريرا عن هذا الموضوع، وقالت إن كيسنغر ذكر أن تأسيس المتحف سيزيد العداء للسامية، ولن يقللها. كما اعترض كيسنغر على مكان المتحف، بالقرب من البيت الأبيض ومبنى الكونغرس، وقال إنه مكشوف جدا، ويثير الانتباه.

لكن، صار واضحا أن المعارضين وسط اليهود أقلية، كما أن المعارضين وسط غير اليهود إما غيروا آراءهم أو لم يقدروا على إعلانها بصورة مباشرة.