مشعل لـ«الشرق الأوسط»: مفهوم أوباما عن الدولة غامض.. وتشبيه حالتنا بزنوج أميركا أو الوضع في جنوب أفريقيا خطأ

رئيس المكتب السياسي لحماس: لغة خطابه ذكية والعبرة في التطبيق

خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (أ.ب)
TT

أكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن لغة خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ذكية، وقال «لكن العبرة ليست باللغة، بل بترجمة تلك اللغة إلى قرارات على الأرض». وقال «إن مفهوم أوباما للدولة الفلسطينية مازال غامضا، لخلوه من الإشارة للأرض والحدود والعاصمة وحق العودة والإطار الزمني الذي ستقام فيه وهي نقاط جوهرية».

ووصف مشعل في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» قبل أن يختتم زيارته للقاهرة أمس، كلام أوباما عن حركة حماس بلغة جديدة، وقال «لكن أوباما لم يلغ الشروط المفروضة على التعامل مع الحركة، رغم أنه ألغى الشروط التي كانت مفروضة على التعامل مع إيران وسورية».

وتحدث مشعل عن الرؤية الأميركية الجديدة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، غير أنه لم يقدم تفاصيل في هذه النقطة، كما تناول موضوع الحوار الوطني الفلسطيني، والجهود المصرية لإنهاء حالة الانقسام في الصف الفلسطيني، ولقائه مع الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية، والخلاف بين حركتي فتح وحماس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأسباب تعطيل صفقة تبادل الأسرى والموقف في الجانب الإسرائيلي.

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما رأيك في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة مؤخرا؟

ـ مما لا شك فيه أن أوباما تكلم لغة جديدة عن لغة الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جورج بوش. فقد صاغ خطابه بطريقة ذكية، ولكن العبرة ليست فقط في اللغة ولكن في التطبيق على الأرض، ونحن كفلسطينيين وكعرب ننتظر منه تطبيق السياسات التي أعلنها على الأرض خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي.

فعلى صعيد لغة خطابه نلاحظ أن أوباما تجاهل الحرب الإسرائيلية البشعة على قطاع غزة وجرائم الاحتلال في الضفة الغربية، خاصة أن ما يرتكبه العدو من ممارسات في الضفة الغربية يتعلق بتهويد ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والحواجز التي تقطع أوصال الضفة وبناء الجدار إلى آخره. وتجاهل أوباما الحديث عن موضوع الاستيطان وحصار غزة وهذه جريمة إنسانية، وإغلاق المعابر والإعمار، كما أن أوباما تحدث عن الديمقراطية وهذا شيء جيد فهو يقول«لا نريد أن نفرض رؤيتنا على الآخرين» ولكن على الأرض أوباما فرض على الفلسطينيين الجنرال كيث دايتون ليؤسس سلطة قمعية ضد شعبنا في الضفة الغربية وهذا تناقض واضح.

وحمل حديث أوباما عن حماس لغة جديدة، نأمل أن تترجم إلى مواقف وسياسات على الأرض وأن يلغي الاشتراطات في التعامل مع حماس فهو يقول إنه يفتح صفحة جديدة مع المنطقة والحوار مع الإيرانيين من دون شروط مسبقة والسوريين، فلماذا يضع شروطا على حماس؟

أما حديثه عن المقاومة فقد تجنب أوباما وصفها بالإرهاب، ولكن الخطأ في تشبيهه الحالة الفلسطينية بحالة الزنوج في أميركا أو الوضع في جنوب أفريقيا فنحن في فلسطين أمام حالة احتلال والاحتلال يجب أن يقاوم بالسلاح في كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية ككل الحالات في التاريخ، أما في حالة الزنوج في الولايات المتحدة فهم كانوا يناضلون من أجل الحقوق المدنية، وهناك فرق كبير في الحالتين، أما التدليل على رأيه باستشهاده بالوضع في جنوب إفريقيا فهو تشبيه خاطئ لأنه في جنوب أفريقيا مارسوا المقاومة المسلحة كما مارسوا السياسة.

* أوباما قال إن القدس مدينة مفتوحة يعيش فيها أبناء النبي إبراهيم.. ما تعليقك؟

ـ هذا المصطلح تم استخدامه في السابق من سياسيين كثيرين، ولكنه لا يكفي للتعبير عن الحق الفلسطيني فهذا الخلط يقصد به تمييع الأمور فأي تعبيرات لتمييع هذا الموضوع الحيوي والسيادة الفلسطينية على القدس يناقض حق الشعب الفلسطيني.

* كيف تقرأ طرح أوباما لمفهوم الدولة الفلسطينية في خطابه؟

ـ الدولة الفلسطينية من النقاط الغامضة في خطاب أوباما فهو لم يحدد مفهوم الدولة الفلسطينية بالنسبة للأرض والحدود والعاصمة وحق العودة والإطار الزمني الذي ستقام فيه، وهي نقاط جوهرية وبالتالي نحن نقول إن اللغة جديدة وجميلة قياسا بالإدارة السابقة ولكن العبرة بتغيير السياسات على الأرض فهو غير اللغة عن حماس ولكنه أبقى الشروط وهذا موقف خاطئ لا يمكن أن نخضع له.

* زيارتكم لمصر جاءت بعد فترة طويلة من آخر زيارة لكم للقاهرة.. ماذا دار في مباحثاتكم مع الوزير عمر سليمان؟

ـ أولا زيارتي لمصر على رأس وفد من حماس جاء بناء على دعوة كريمة من الوزير عمر سليمان (رئيس جهاز المخابرات المصرية)، ونحن رحبنا بها. ولا شك أن هذه الدعوة واللقاء مع الوزير عمر سليمان ومساعديه عكس الحرص المصري على تذليل العقبات أمام المصالحة. وأكدنا أننا أيضا حريصون على إنجاح المصالحة وإنجاح الجهود المصرية، لكننا سلطنا أضواء مكثفة على العقبة الكئود التي تعيق المصالحة بل تعطل الجهود المصرية ذاتها، وهي الممارسات القمعية البشعة لحكومة (سلام) فياض وأجهزتها الأمنية بمظلة السيد محمود عباس تحت إشراف الجنرال دايتون في الضفة الغربية، وهذا لا يمكن السكوت عليه وقد أخذ هذا الموضوع قسطا كبيرا من اللقاء، لأن ما ينفذ في الضفة الغربية هو حملة على المقاومة وسلاح المقاومة من كل الفصائل انطلاقا من محاولة تجريم المقاومة وإخراجها عن القانون بذريعة التزامات السلطة بنجاة الإسرائيليين تنفيذا لخريطة الطريق، وهذا منطق مرفوض من حيث المبدأ، لأنه لا يجوز إخضاع الحقوق الوطنية وحق مقاومة الاحتلال لالتزامات مع العدو المحتل وأيضا بالمنطق السياسي لا يعقل أن تطبق السلطة التزاماتها في خارطة الطريق والطرف الإسرائيلي لا يفعل ذلك رغم رفضنا لخارطة الطريق جملة وتفصيلا.

إن السلطة الفلسطينية تفعل تجاه حماس شيئا آخر غير الحملة على المقاومة وهي حملة على حماس في بنيتها الاجتماعية ومؤسساتها وقياداتها التنظيمية والسياسية والعسكرية وملاحقة أموال الأيتام وأسر الشهداء والمعتقلين وهذه محاولة لاستئصال الحركة.. وهذا غير مقبول جملة وتفصيلا، وقلنا إن هذه عقبة أخرى ستعطل جهود المصالحة إذا لم تعالج.. وفي المقابل وجدنا حرصا واهتماما من الوزير عمر سليمان في تذليل هذه العقبة ونأمل أن ننجح في الأيام القادمة في ذلك.

* هل يوجد لدى الجانب المصري جواب أو رد أو تعليق على ما جرى من اشتباكات في قلقيلية؟

ـ كان هناك تجاوب ومرونة من الوزير سليمان فيما طرحناه ووعد بمعالجة الموضوع.. وكان لدى حماس أيضا مرونة حول هذا الموضوع وزيارة وفد حماس تهدف إلى توفير الأجواء أمام إنجاح الحوار وإزالة العقبات.. ووجدنا جدية في الموقف المصري والتدخل والمتابعة المصرية لهذه العقبة التي تحدثنا عنها.

* ما هي الإجراءات التي اتفق عليها لتطويق هذه الأحداث؟.

ـ اتفقنا في جلسات الحوار السابقة على تشكيل لجنتين في الضفة الغربية وغزة لمعالجة الموضوعات الأمنية وأي مشكلات تنجم بين الطرفين. واتفقنا أيضا على البدء فورا في عمل هذه اللجان ولكن الطرف الثاني (فتح)، لم يتحرك ونحن سنتابع الأمر لأن معالجة هذا الموضوع هو معيار النجاح.

* هل طرح الوزير عمر سليمان عليكم الرؤية الأميركية لإحلال السلام في المنطقة؟

ـ نعم.. لقد طرح الوزير عمر سليمان علينا الرؤية الأميركية لإدارة أوباما، وما سمعه الوزير عمر سليمان في زيارته إلى واشنطن من الأميركيين، ونحن أكدنا أن هناك لغة جديدة ولكن ننتظر السياسات على الأرض، وبالتالي نحن نحكم على تغيير السياسات وفي المقابل نحن حريصون على التعاون مع أي فرصة حقيقية فنحن سنتعامل بإيجابية مع أي جهد دولي وإقليمي يصل إلى حل منصف ينهي الاحتلال الإسرائيلي وإنجاز حقوقه الوطنية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وإزالة المستوطنات والسيادة الحقيقية على الأرض وعلى المعابر والأجواء.

إن الرؤية الأميركية كما أبلغنا بها الوزير عمر سليمان ترتكز على نقطتين الأولى حول الدولة الفلسطينية والثانية الضغط تجاه الاستيطان ونحن سنراقب السلوك الأميركي وكيفية التعامل مع السلوك الإسرائيلي الذي حتى الآن لم يتوقف عن الاستيطان.

* هل أنتم على استعداد للتجاوب مع الجهود المصرية لإعلان إنهاء الانقسام في 7 يوليو (تموز) المقبل؟

ـ باختصار نحن سنتجاوب مع الجهود المصرية لإنجاح الحوار ونحن في انتظار تذليل العقبة الصعبة في الضفة الغربية واتفقنا مع الإخوة في مصر على متابعة الجهود لإزالة هذه العقبة. ونأمل في أن ننجح لأن ذلك يُنجِح المصالحة ونحن نعتبر أن إصرار الطرف الآخر (فتح) على التصعيد الأمني في الضفة ضد حماس بصورة عامة هذا معناه رسالة تعطيل للمصالحة والجهود المصرية للمصالحة.

* هل تم بحث القضايا العالقة في الحوار وهي قانون الانتخابات والقوات المشتركة واللجنة الفصائلية؟

ـ لقد جرى الحديث عن كل هذه القضايا مع الوزير عمر سليمان وحماس تبدي إيجابية عالية أمام هذه الموضوعات، والمهم أن تذلل عقبة الإجراءات الأمنية في الضفة الغربية لأنها ستخلق أجواء إيجابية تسمح بتسوية الخلافات التي تبقت في الملفات الأخرى ونستطيع أن نصل إلى مقاربات فيها.

* هل هناك ضمانة في حال نجاح فتح في الانتخابات أو أي فصيل آخر أن تسلم حماس لها قطاع غزة والعكس؟

ـ باختصار غزة ليست ملكا لحماس، والضفة ليست ملكا لفتح، فالأرض الفلسطينية ملك للشعب الفلسطيني فنحن ارتضينا اللعبة الديمقراطية.. ونحن في حماس سنحترم نتائج أي انتخابات نزيهة، ويجب أن توضع عشرة خطوط تحت انتخابات نزيهة، ونحن سنحترم نتائجها سواء كانت لنا أو لغيرنا، فحماس لا تخشى من الاحتكام للشعب الفلسطيني وحماس تثق في نفسها وتعرف رصيدها الحقيقي لدى الشعب الفلسطيني، واللعبة الديمقراطية تقضي بأن ترتضي كل الأطراف بنتائج الانتخابات ما دامت نزيهة. وليس من حقنا ولا من حق فتح أو أي طرف ألا يقبل بنتائج الانتخابات وهذا ينطبق علينا جميعا، ومن قال إن نتائج الانتخابات تعني أن يقصي أحد، الآخر؟.. فالساحة الفلسطينية لابد فيها من تعاون وتكامل وشراكة وطنية ولكن اللعبة الديمقراطية هي المعيار الذي نحتكم إليه سواء في إطار السلطة أو في إطار منظمة التحرير، فلابد أن تكون الديمقراطية هي الحكم في ترتيب إعادة الدماء لمنظمة التحرير الفلسطينية.

* ما رأيك في قول نتنياهو بأنه يقبل بدولة فلسطينية مؤقتة؟

ـ نحن نرفض ذلك، الذي يحسم الأمور ليس نتنياهو، ولن نقبل إلا ما يرضينا وما يرضينا هو تحرير أرضنا وإقامة دولة فلسطينية ذات سياسة حقيقة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس وتكون سيادتها كاملة على الأرض والسماء والحدود وعودة اللاجئين وإزالة المستوطنات.

* هل تحدثتم مع مصر عن فتح معبر رفح؟

ـ هذا موضوع أثرناه لأن استمرار الإغلاق وتأخير إعادة الإعمار موضوع لا يمكن السكوت عليه ولا يجب أن نربطه بأي موضوع آخر.. صحيح أن المصالحة تساعد على التوصل لحلول سريعة ولكن هذه ضرورات لشعبنا في قطاع غزة ينبغي عدم تأخيرها.

* هناك من قال إنكم «ظاهرة جئتم في الوضع الدولي الظالم والتوقيت الصعب» ما تعليقكم؟

ـ من قال ذلك له كل الاحترام، ونحن جئنا في الزمن الصعب، ولا توجد هناك مرحلة سهلة والحقوق تنتزع ولا نتوقعها من أحد ونحن سنفرض رؤيتنا.

* هل أنتم نادمون على توليكم السلطة؟

ـ نحن لسنا نادمين على خوض هذه التجربة لأنها كانت مطلبا شعبيا بسبب فساد السلطة التي أرهقت الشعب الفلسطيني، وأي حركة جادة يجب أن تمزج بين المقاومة والسياسة وتتحمل مسؤولياتها، فما جرى في السنوات الثلاث الماضية لم يخلق العلة ولكنه كشف العلة، فهي كانت قائمة ونجاح حماس في معترك السلطة كشفها.

* فتح تتهمكم بأنكم تمنعون إطلاق الصواريخ على إسرائيل؟

ـ نحن لا نصادر حق أحد في مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية وغزة ولكننا نسعى إلى التوافق الوطني لإدارة هذه المقاومة خاصة بعد معركة غزة الصعبة التي ارتكبت فيها إسرائيل كل المجازر وكل الفظائع وبالتالي نحن نحافظ على حق المقاومة وحق شعبنا.. البعض أراد أن يزايد علينا واللعب على قصة مقدسة للمقاومة لتحقيق أغراض أخرى لإرباك الوضع في غزة، أما في الضفة فهو شيء آخر فهناك مجزرة بحق المقاومة من جميع الفصائل هذا هو الفرق.

* ما الذي عطل صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل حتى الآن؟. ـ الذي عطل جهود صفقة تبادل الأسرى والوساطة المصرية هو الطرف الإسرائيلي لأنه يريد استعادة (الجندي الأسير جلعاد) شاليط بأبخس الأثمان ونحن لا نقبل إلا أن يفرج العدو عن العدد والنوعية التي طلبناها من أسرانا وأسيراتنا.