نجل عمر المختار لـ «الشرق الأوسط»: روح والدي ترفرف في إيطاليا

قال: أشعر بالفخر والزهو واعتذار الإيطاليين يفتح الباب لصفحة جديدة في العلاقات بين طرابلس وروما

TT

قال محمد نجل عمر المختار، بطل المقاومة الليبية، خلال الحقبة الاستعمارية لإيطاليا في مطلع القرن الماضي، إنه يشعر بالفخر والزهو لمرافقة الزعيم الليبي معمر القذافي في زيارته الحالية للعاصمة الإيطالية روما. وواصل أمس القذافي يومه الثاني على التوالي ضيفا على العاصمة الإيطالية في زيارة تاريخية غير مسبوقة له منذ توليه السلطة في بلاده قبل نحو أربعين عاما. وتعد زيارة القذافي، التي تتم وسط حفاوة رسمية لافتة للانتباه واهتمام إعلامي كبير، هي الأولى له لإيطاليا، بعد أن اعتذرت إيطاليا بشكل رسمي وعلني للشعب الليبي العام الماضي عن حقبة استعمارها لليبيا.

وقال مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تمثل غزوا سياسيا وإعلاميا لإيطاليا دون إطلاق رصاصة واحدة، مشيرا إلى أن القذافي أكد عبر وجوده في روما أن المجتمع الدولي بات يرحب بليبيا كلاعب رئيسي على الساحتين الإقليمية والدولية. ووفقا لمصادر ليبية وإيطالية فقد نصب القذافي الذي يرافقه وفد ضخم يضم نحو 350 شخصا بينهم حرسه النسائي الشهير، خيمته البدوية المعروفة في حديقة «فيلا دوريا بامفيلي»، وهي أوسع حديقة في روما.

وقالت مصادر ليبية مرافقة للقذافي لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من روما، إن الزيارة التي تنهي حقبة طويلة من الصراع التاريخي المرير بين إيطاليا وليبيا، تؤطر لمرحلة جديدة ليس فقط بين روما وطرابلس وإنما أيضا مع كل دول الاتحاد الأوروبي. ورأت المصادر أن محادثات القذافي مع كبار المسؤولين الإيطاليين لن تتوقف عند حدود تطوير وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين، مشيرة إلى أنها ستشمل أيضا بحث العلاقات العربية ـ الأوروبية في ظل معارضة ليبيا لـ«الاتحاد من أجل المتوسط» الذي تبناه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي العام الماضي. وأكدت المصادر أن القذافي سيلتقي خلال هذه الزيارة مع الجالية اليهودية الليبية المقيمة في روما، بهدف إيجاد حل لمسألة التعويضات التي يطالب بها أبناء الجالية لقاء أملاكهم التي صودرت إبان حرب يونيو (حزيران) عام 1967. ولفتت إلى أن القذافي سيبحث مع هؤلاء إمكانية تعويض اليهود المطرودين من ليبيا، تنفيذا لمقترح أعلنه العام الماضي نجله الثاني المهندس سيف الإسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية، لكنها أكدت في المقابل أن هذا لا يعني أن طرابلس بصدد تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، مؤكدة التزامها بمقررات الجامعة العربية بمقاطعة إسرائيل.

وكان سيف الإسلام متأثرا بمشاهدته برنامجا تلفزيونيا وثائقيا عن معاناة المرأة الفلسطينية واليهودية قد أعلن خلال العام الماضي استعداد بلاده لدفع تعويضات لليهود الليبيين، الذين غادروا ليبيا عام 1948 وبعد هذا التاريخ. وقال إن «بلاده تنوي البحث في تعويض يهود ليبيا، الذين غادروها إلى إسرائيل، وأنها تدعوهم أيضا، العودة إلى وطنهم، والحصول على الجنسية الليبية، وكافة الحقوق المترتبة عليها أيضا».

وقال محمد نجل عمر المختار في مقابلة خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف في قلب روما، إن روح والده ترفرف على جميع أنحاء إيطاليا اعتزازا بما فعله العقيد القذافي وإجباره الإيطاليين على الاعتذار عما اقترفوه بحقه من جرائم في السابق. وأعرب عن أمله في أن تشهد العلاقات الليبية ـ الإيطالية مرحلة جديدة تقوم على أساس المصالح المشتركة، معتبرا أن اعتذار إيطاليا عن جرائمها إلى الشعب الليبي مبادرة طيبة. وقال إن الجيل الحاكم الآن في إيطاليا ليس هو الجيل الذي كان موجودا عام 1911 في حقبة الفاشية في عهد موسوليني وزمرته الحاكمة.

وتحدث نجل عمر المختار البالغ من العمر 87 عاما لبضع دقائق بشكل مباشر لـ«الشرق الأوسط» قبل أن يتحدث، عبر وسيط هو الجليدي ختريش المستشار الإعلامي بالمكتب الشعبي الليبي (السفارة) في روما، نظرا لظروفه الصحية. وتمت المقابلة بتوجيه من حافظ قدور أمين المكتب (السفير) الليبي لدى إيطاليا. وفيما يلي نص الحوار:

* رحمة الله أولا على والدك؟

ـ شكرا، نترحم عليه جميعا وهو عمل تاريخا للشعب الليبي وللدول العربية والإسلامية.

* هل ستشاهد فيلم عمر المختار الذي ستبثه إحدى المحطات الإيطالية في وقت لاحق اليوم؟

ـ نعم، طبعا.

* بماذا شعرت للوهلة الأولى وأنت تهبط من الطائرة بينما كان برلسكوني رئيس الحكومة الإيطالية في انتظارك؟

ـ أشعر بالفخر لأنني ابن المجاهد الكبير عمر المختار الذي استشهد بعد ما قاوم الطليان وهم الآن اعترفوا بجرائمهم وخاصة جريمة إعدام شيخ المجاهدين.

* هل سويت تماما إذن قضية ملف إعدام الوالد؟

ـ هذه خطوة جيدة، وإن شاء الله تكون خطوة ناجحة وبداية لعلاقات جديدة يكون فيها التكافؤ والمصالح.

* ماذا يعني وجودك الآن في روما وكيف تشعر؟

ـ إحساس طيب وكويس.

* كيف شعرت عندما عانقك برلسكوني؟

ـ كان لقاء طيبا.. وكويس.

* القذافي وضع صورة عمر المختار على صدره..

ـ لنا الشرف بها.

* ماذا تقول الآن للشعب الإيطالي؟

ـ الآن نحن أصدقاء وتم الصلح بيننا.

* هل ترى أن كل الأمور سويت مع الإيطاليين؟

ـ نعم طبعا، هم الآن ليسوا كما كانوا في عام 1911 في زمن موسوليني. هذا جيل جديد نتطلع إلى علاقات أفضل بين ليبيا وإيطاليا.

* كيف هو رد فعل كل أفراد عائلة عمر المختار تجاه هذه الزيارة؟

ـ كل العائلة مسرورة بهذه الزيارة.

* وكل الشعب الإيطالي؟

ـ نعم لا شك لدينا في هذا.

* ماذا تقول للعقيد القذافي؟

ـ زيارة طيبة وكويسة ومقبولة إن شاء الله.

* ماذا تريد أن تقول للشعب الإيطالي؟

ـ نحن نأمل أن تفتح هذه الزيارة ووجودنا برفقة الأخ القائد (القذافي) صفحة من العلاقات الجديدة بين البلدين وتكون مرحلة جديدة من العلاقات بعد ما طويت الصفحة المظلمة للاستعمار الإيطالي لبلادنا.

* لأول مرة زعيم عربي يضع على صدره صورة مواطن عربي قتله الغربيون، ماذا يعني ذلك بالنسبة إليه، خاصة أنك ابن هذا المواطن؟

ـ هذه إشارة طيبة ونعتز بها وهذا القائد العقيد معمر القذافي وفي للشهداء وللمجاهدين الذين قاوموا الاستعمار الإيطالي بقيادة والدي رحمة الله عليه عمر المختار.

* ما هي رسالتك لليبيين؟

ـ نقول لهم اعتراف إيطاليا واعتذارها موجه للشعب الليبي، ولا شك أنه فخر للشعب الليبي كله، وهذا يرفع رأس الليبيين كلهم، وهذا بفعل الثورة والأخ القائد العقيد القذافي.

* كيف ترى هذا الاهتمام الإعلامي والرسمي الإيطالي بوجودك في روما؟

ـ كان انطباعي أن هذا استقبال جيد واهتمام كبير، وهذا يتعدى شخصي أنا إلى الشعب الليبي كله خاصة العقيد القذافي.

* كأن روح عمر المختار ترفرف على أنحاء إيطاليا؟

ـ نعم، لا شك في ذلك، ونحن مستريحون بها طبعا ومسرورون بها.

* أخيرا ما هي رسالتكم إلى قراء صحيفة «الشرق الأوسط»؟

ـ نتمنى لهم التوفيق في عملهم لصالح الوطن العربي كله وللعالم الإسلامي.