نتنياهو حائر بين الضغط الأميركي والعالمي ومعسكره اليميني عشية خطابه السياسي

الخطاب سيعكس حيرته أكثر مما يكون ذا مضمون سياسي خارق

TT

مع اقتراب موعد الخطاب «الدرامي»، الذي سيلقيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء غد، تشهد مسودة الخطاب تغييرات متواصلة تنشد إلى اليمين الرفضي تارة وإلى الواقعية المنسجمة مع الإرادة الدولية تارة أخرى. وحسب المقربين منه فإن نتنياهو أوقع نفسه في حيرة كبيرة، جراء المشاورات التي يجريها مع طرفي المعادلة من قوى اليمين واليسار.

فقد اجتمع نتنياهو مع حلفائه في أحزاب اليمين المتطرف أمثال رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين وزير الداخلية في حكومته، إيلي يشاي، وقادة حزب «البيت اليهودي»، فضلا عن عدة مجموعات من حزبه الليكود، وجميعهم دعوه إلى عدم التجاوب مع مطالب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بخصوص القبول بالتسوية الدائمة على أساس مبدأ الدولتين للشعبين أو وقف البناء في المستوطنات. وفي الوقت نفسه، التقى نتنياهو مع الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، ومع رئيس حزب العمل وزير الدفاع، إيهود باراك، ومع الأديبين، أهرون ميغد (وهو من قوى اليمين الليبرالي)، ودافيد غروسمان (وهو يساري وكان قد ثكل ابنه خلال حرب لبنان الأخيرة وكتب رواية جميلة فازت بعدة جوائز عن الموضوع)، وجميعهم نصحوه بالتجاوب مع الإرادة الدولية وانتهاز الفرصة التاريخية الناشئة لإحداث اختراق في عملية السلام في المنطقة والإعلان الصريح عن قبوله مبدأ الدولتين.

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن مستشاري نتنياهو المقربين منقسمون على أنفسهم بين الرأيين، وهذا يزيد من حيرته. بعضهم ينصحونه بعدم التجاوب مع أوباما والقول صراحة إنه انتخب على أساس برنامج رفض الدولتين وإن الأمانة للناخبين تحتم الاستمرار في هذا الموقف، ويقولون له إن خصومه في الغرب سيحترمونه أكثر إذا برهن على أنه مبدئي. لكن مستشارين آخرين يقولون له إن عليه اختيار الطريق الثاني والبرهنة على أنه يتجاوب مع أوباما، رغم أنه انتخب على أساس برنامج مختلف، ويقولون إن ذلك سيرفع أسهمه في الولايات المتحدة. ويؤكدون أنه يستطيع عندئذ الاستمرار في سياسة البناء الاستيطاني بهدوء، مثل جميع رؤساء الحكومات الذين سبقوه. وإضافة إلى ذلك، ما زالت الإدارة الأميركية تصر على أن ترى في إسرائيل تجاوبا مع رؤية الرئيس أوباما، وترفض أي تهادن في موضوع البناء الاستيطاني، فضلا عن الموقف الأوروبي الحازم في هذا الشأن. ويقول المقربون من نتنياهو إنه بات في حيرة من أمره ويعيش حالة توتر لا توصف، وراح يشطب في مسودة الخطاب ويغير ويبدل بعد كل لقاء تشاوري أجراه، لدرجة أن الخطاب بصيغته الحالية بات معبرا عن هذه الحيرة من أمره ومليئا بالتناقضات. فهو لم يعد يرفض مبدأ الدولتين، ولكنه لا يتحدث صراحة عنه. ويضع شروطا على إقامة الدولة الفلسطينية بعضها شروط تعجيزية مثل الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية أو أجواء الدولة الفلسطينية تكون مفتوحة أمام سلاح الطيران الإسرائيلي وفرض شروط أمنية أخرى تمس بالسيادة الفلسطينية عليها وفرض شروط على الدول العربية أن تبدأ في تطبيع العلاقات مع إسرائيل حالما تستأنف عملية التفاوض وليس بعد توقيع اتفاق السلام.