يوم الاقتراع في المغرب بدأ فاترا بالمدن الكبرى ونسبة المشاركة حتى منتصف النهار 12%

مجموعات قليلة من الناخبين في بعض المراكز.. وفارغة في أخرى إلا من أعضاء موظفي الانتخابات

TT

بدت شوارع مدينة الرباط صباح أمس عادية، ولم يقع أي تغيير في حركة توجه الموظفين إلى أماكن أعمالهم، في وقت تجري فيه الانتخابات البلدية بشكل فاتر. وسجلت «الشرق الأوسط» أثناء جولة عبر بعض مكاتب التصويت بالرباط في الساعات الأولى من الصباح، توافد مجموعات قليلة من الناخبين للإدلاء بأصواتهم، دون أن يبدو أن هناك مؤشرات على وجود حماس شعبي كبير بالاقتراع.

وظهرت بعض مكاتب التصويت شبه فارغة من الناخبين، إلا من أعضائها، وقال أحدهم إنه يتوقع أن تكون فترة بعد الزوال أكثر كثافة، من حيث توافد الناخبين، معبرا عن أمله في أن ترتفع نسبة المشاركة، وألا تكون محبطة مثل الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 سبتمبر (أيلول) 2007. وبدا عمال البلدية متذمرين صباح أمس، وهم يكنسون الأكوام المتراكمة من الملصقات الانتخابية التي تركها المرشحون وراءهم، في الشوارع بعد انتهاء الحملة الانتخابية الليلة قبل الماضية، والتي شهدت أوجها في الساعات الأخيرة.

وأفادت وزارة الداخلية المغربية بأن عملية افتتاح مكاتب التصويت برسم الانتخابات البلدية «تمت في ظروف عادية»، وذلك حسب التقارير الأولية الواردة عليها من العمالات (المحافظات) والأقاليم. وذكرت الوزارة في بيان لها بأن عملية الاقتراع لانتخاب المجالس المحلية انطلقت أمس في جميع ربوع البلاد بمشاركة 130 ألفا و223 مرشحا، يمثلون 30 حزبا سياسيا يتبارون على 27 ألفا و795 مقعدا تهم المجالس البلدية القروية والحضرية.

وأعلنت وزارة الداخلية أن معدل المشاركة في الانتخابات البلدية على الصعيد الوطني فاق حدود منتصف النهار 12 في المائة بحسب المعطيات الأولية. وفي مدينة الدار البيضاء، وحتى منتصف يوم أمس ظل الإقبال ضعيفا جدا على مكاتب التصويت. وعزا مشرف على مكتب للتصويت ضعف الإقبال إلى انشغال الناخبين خلال الفترة الصباحية، بسبب وجود الرجال خلال هذه الفترة في مواقع العمل، فيما النساء لا يجدن وقتا كافيا خلال الصباح بسبب مشاغل البيت وإعداد وجبة الغداء. وكان يرتقب أن تعرف فترة بعد الظهر ارتفاعا في وتيرة التصويت، خاصة عقب صلاة الجمعة. كما تم التوقع أن تعرف الفترة المسائية انطلاقا من الساعة الخامسة مساء ذروة الإقبال على صناديق الاقتراع. ورغم أن وزارة الداخلية حددت موعد إغلاق مكاتب التصويت في الساعة السابعة مساء، فإن المتتبعين يتوقعون تمديد فترة التصويت ساعة إضافية لتمكين الناخبين المتأخرين من الإدلاء بأصواتهم. وقال مشرف على مكتب التصويت «هذه ليست المرة الأولى التي أشرف فيها على مكتب تصويت. وفي كل مرة تضطر وزارة الداخلية إلى التمديد ساعة إضافية بسبب الإقبال الذي تعرفه مكاتب التصويت خلال الساعات الأخيرة بسبب ظروف عمل العديد من المواطنين، خاصة في القطاع الخاص، والذين لا يتمكنون من الالتحاق بمكاتب الاقتراع إلا في ساعات متأخرة بعد انتهاء فترة العمل الذي يكون أحيانا في مواقع بعيدة جدا عن المناطق التي يقيمون فيها، وبالتالي عن مكاتب الاقتراع التابعة لهذه المناطق».

وبدت أزقة وأرصفة شوارع الدار البيضاء صباح أمس مغطاة بصور المرشحين والمطبوعات الانتخابية المتعددة الألوان، والتي ألقاها المرشحون بسخاء بسبب انتهاء الحملة الانتخابية في منتصف الليلة قبل الماضية. وعرفت الحملة الانتخابية في يومها الأخير ارتفاعا ملحوظا في حدتها إذ ظلت المظاهرات المساندة لمختلف المرشحين تجوب أرجاء المدينة حتى منتصف الليل. وارتفعت الهتافات وترددت الشعارات والأناشيد الحزبية بحماس كبير. وتباين تفاعل المواطنين مع الحملة. ويرى «محمد، ن» وهو موظف في شركة، أن الحملة لها عدة إيجابيات، فهي على الأقل سمحت بفتح حوارات بين طبقة السياسيين والمواطنين. غير أنه يرى أن ذلك غير كاف لأن الحوار يجب أن يكون جديا ومستمرا. أما عبد الصمد، وهو بائع متجول، فبدا غاضبا لأن المرشحين لم يشغلوا ابنه العاطل في الحملة الانتخابية. أما علي، الجالس في مقهى، ويضع أمامه العشرات من الأوراق الدعائية لمختلف الأحزاب، فيقول «أنا شخصيا لن أصوت. لكني أطلع على هذه الأوراق بدافع الفضول، أريد أن أعرف من ترشح في الحي الذي أسكنه. وأريد كذلك أن أعرف البرامج والوعود التي تقدمها الأحزاب على الورق، لأن كل هذا يبقى حبرا على ورق». وفي طنجة (شمال) لم تستيقظ الحملة الانتخابية إلا في الساعات الأخيرة لانتهاء مهلتها القانونية، وتحولت شوارع المدينة إلى خلية للسيارات والشاحنات، وهي تحمل مئات الأطفال والمراهقين والبالغين الذين كانوا يهتفون لمرشحيهم المفضلين. وفي صباح يوم الاقتراع، أمس (الجمعة)، لم تكن أغلب مراكز التصويت تعرف إقبالا ملحوظا. وفي عدد من هذه المراكز كان عدد المراقبين والمشرفين على التصويت أعلى بكثير من عدد الناخبين، وأغلبهم كانوا يمضون الوقت في الدردشة في أشياء عامة، بينما يبدو لهم كل داخل إلى المركز بمثابة صيد ثمين في صحراء قاحلة.

وقال أحد المشرفين على مركز تصويت في منطقة القصبة بالمدينة العتيقة إنه «من الطبيعي ألا يكون هناك إقبال في الساعات الأولى لهذا اليوم لسببين رئيسيين، الأول هو أن أغلب أنصار المرشحين سهروا الليلة قبل الماضية حتى الصباح، وثانيا لأن الاقتراع يجري يوم جمعة، وأغلب الناس يفضلون التوجه إلى مراكز الاقتراع بعد صلاة الظهر». وعلى الرغم من أن الاقتراع في طنجة بدا باهتا، إلا أنه قد يكون أفضل من نسبة الاقتراع في الانتخابات التشريعية لسبتمبر (أيلول) 2007، حين حطمت المدينة الرقم القياسي في العزوف عن التصويت.

وتنافست في طنجة حوالي 10 لوائح حزبية ومستقلة قوية، من بينها لوائح أحزاب تقليدية وأخرى حديثة النشأة. ويرى متتبعون لسير الحملة الانتخابية أن أحزابا مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التجمع الوطني للأحرار، المشاركين في الحكومة، و«الأصالة والمعاصرة»،الحديث النشأة، المعارض حاليا، تنافست بقوة من أجل نيل أكبر عدد من أصوات المقترعين.

وفي الوقت الذي احتفظت فيه الصناديق ببرودتها النسبية، في انتظار ارتفاع نسبة الإقبال عليها، سجلت سخونة بين المتنافسين، على مستوى دائرة مراكش المدينة، التي يتصارع فيها الثلاثي: عمر الجازولي، وكيل لائحة الاتحاد الدستوري (معارض)، وعبد العزيز البنين، وكيل لائحة التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة)، ونجيب رفوش، وكيل لائحة الأصالة والمعاصرة المعارض (الحديث النشأة). وهو صراع جعل المصالح الأمنية تركز بشمل ملحوظ على وجودها بهذه الدائرة، تخوفا من أن يتحول هذا الصراع بين «الحمامة» و«الجرار» و«الحصان» إلى مواجهات دامية قد تخرج عن السيطرة.