ميتشل بعد لقائه الأسد: نسعى لتطبيع كامل للعلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب.. ولاستمرار الحوار مع سورية

يعرض اليوم ملخصا عن جولته في باريس.. ويتطلع لخطاب نتنياهو اليوم

TT

قال المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إن سورية يمكن أن تلعب «دورا حيويا» للوصول إلى سلام شامل، وأضاف في تصريح من دمشق بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، أن واشنطن تريد أن تؤسس «لعلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة (مع سورية)، وأن الولايات المتحدة تتطلع لاستمرار هذا الحوار».

وأضاف ميتشل، الذي وصل إلى دمشق بعد زيارته لبنان، وغادرها بعد ظهر أمس متوجها إلى أنقرة، أنه تباحث مع الأسد حول مجموعة من القضايا الجادة في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وسورية. وأكد ميتشل، وهو أرفع مسؤول أميركي يزور سورية منذ تردي العلاقات بين البلدين في عام 2005 إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أن «الولايات المتحدة ملتزمة بالسعي الحثيث والفعال للوصول إلى سلام شامل في الشرق الأوسط».

وقال إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يريدان «سلاما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بين سورية وإسرائيل، بين لبنان وإسرائيل، وتطبيعا كاملا بين إسرائيل وجيرانها العرب». وأضاف: «إن السلام الذي ننشده هو سلام شامل حقا». وأكد أن الولايات المتحدة تعي تماما «الصعوبات الجمة على هذا الطريق»، وقال «ولكننا مع ذلك نتشارك في واجب أن نخلق الشروط الملائمة للمفاوضات لكي تبدأ حالا وتنتهي بنجاح، وإن دعم هذا الجهد بالخطوات الملموسة لهو في صالح جميع من يتحدث عن السلام من أميركيين وأوروبيين وعرب وإسرائيليين وآخرين».

ووصف ميتشل مباحثاته مع الأسد، التي جرت صباح أمس، واستمرت نحو ساعتين ونصف الساعة، بأنها كانت «جوهرية». وقالت مصادر سورية مطلعة، إن المحادثات كانت إيجابية، متوقعة «استمرار الحوار بين الجانبين»، مشيرة إلى أنه حوار يقوم على ركيزة أساسية هي «المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة «الكثير من العمل الذي يتطلب مواصلة الحوار بين الجانبين». وجاء في بيان رئاسي صادر في دمشق أن الأسد شرح الموقف السوري «الثابت والساعي لتحقيق السلام العادل والشامل المبني على أساس المرجعيات وقرارات الشرعية الدولية»، مبرزا «أهمية الحوار الجاد والبناء المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في الوصول إلى رؤية واضحة ودقيقة للسلام المنشود». واتفق الجانبان على أن «المسائل في المنطقة متداخلة وأن التقدم في حل أي مسألة يسهم في دفع المسائل الأخرى بالاتجاه الإيجابي، وعبرا عن تطلعهما إلى إقامة علاقات سورية أميركية طبيعية بما يخدم مصالح البلدين والشعبين». وحضر اللقاء من الجانب السوري وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد والوفد المرافق لميتشل.

ووصف مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، أمس، نتائج مباحثات ميتشل مع الأسد بالـ«ممتازة». وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «لم يأت ميتشل إلى سورية ليملي على السوريين أي شيء، وإنما لاستكشاف آفاق العمل المشترك للوصول إلى سلام شامل في الشرق الأوسط».

وأضاف المسؤول أن أوباما وكلينتون جادان في إدماج سورية في الحوار من أجل إيجاد حلول لمشاكل المنطقة. وأضاف أن زيارة ميتشل جاءت لتؤسس على زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان إلى دمشق مرتين هذا العام وزيارة الوفد العسكري الأميركي إلى دمشق أول من أمس. وكان وفد عسكري أميركي التقى أول من أمس مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين وناقشوا الوضع الأمني في العراق.

وأشار المسؤول إلى أن الزيارات الأميركية كانت تهدف إلى إعادة العلاقات الأميركية السورية إلى المسار الصحيح من جانب، ومن جانب آخر العمل من أجل الوصول إلى الحل الشامل القائم على أساس الدولتين في المنطقة. وقال إن ميتشل سيعود إلى سورية أكثر من مرة لمتابعة ما بدأه من حوار حول مسألة السلام الشامل.

وغادر ميتشيل دمشق بُعيد محادثاته مع الأسد متوجها إلى العاصمة التركية أنقرة، تاركا وراءه في دمشق جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، لمتابعة المحادثات مع السوريين. وشملت جولة ميتشل الحالية كلا من إسرائيل والأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان وسورية. وأشارت واشنطن إلى أن زيارة ميتشل سيعقبها وصول وفود أميركية أخرى إلى سورية في الفترة المقبلة، بينها وفود عسكرية ستدرس سبل التنسيق لمواجهة الحركات المسلحة في العراق. وبعد انتهاء زيارته في أنقرة، يتوجه ميتشل إلى باريس اليوم للمرة الأولى، لعقد جولة من المحادثات مع المسؤولين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية برنار كوشنير بغرض إطلاعهم على تفاصيل جولته. ويسبق ميتشل إلى العاصمة الفرنسية وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الذي يلتقي وزير الدفاع هيرفيه موران ووزير الخارجية كوشنير.

وتترقب باريس ما سيقوله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أجل إلى زمن غير مسمى زيارة كانت مقررة إلى العاصمة الفرنسية، في خطابه مساء اليوم في جامعة بار إيلان في تل أبيب حول موضوع السلام وتحديدا حول نقطتين ركزت عليهما إدارة أوباما، وهما وقف الاستيطان والقبول بقيام الدولة الفلسطينية.

وقالت مصادر فرنسية رسمية لـ «الشرق الأوسط»، إن كلام نتنياهو «ستكون له انعكاسات على ما سيجري في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غدا الاثنين في لوكسمبورغ حيث سيعمد هؤلاء إلى الاستماع لتقرير سولانا عن جولته في المنطقة. وسيتم في لوكسمبورغ اجتماع مجلس الشراكة الأوروبي ـ الإسرائيلي على المستوى الوزاري لتفحص ما آلت إليه العلاقات الإسرائيلية ـ الأوروبية، ومصير القرار الأوروبي برفع مستوى العلاقات مع إسرائيل، المجمد بسبب الحرب على غزة. وربطت مصادر دبلوماسية أوروبية بين مصير قرار رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل، وما سيلتزم به نتنياهو في خطابه مساء اليوم. ويطالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالإعلان عن استعدادها للعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين وقبول مبدأ الدولتين ووقف الاستيطان.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية رسمية أن واشنطن وباريس تدرسان معا وبالتشاور مع الأوروبيين، الوسائل الممكن اللجوء إليها من أجل حمل إسرائيل على التجاوب مع مطلب وقف الاستيطان والعودة إلى طاولة المفاوضات. غير أن فرنسا، وفق ما تقول مصادرها، تريد أن تعرف «عن كثب» ما سيقوم به الأميركيون وما هي خطتهم التفصيلية، علما أن باريس «مرتاحة جدا» لما يقوم به الرئيس الأميركي.