تشييع رسمي وشعبي للعبيدي.. ومخاوف من عودة الاغتيالات

نواب وصفوا رئيس كتلة «التوافق» بالبرلمان بأنه كان «رمزا للاعتدال»

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسؤولون آخرون يشاركون في الصلاة على جثماني النائب حارث العبيدي وأحد حراسه في مقر البرلمان العراقي أمس (إ.ب.أ)
TT

وسط أجواء من الحزن والألم، نظمت في بغداد أمس، جنازة رسمية لحارث العبيدي، رئيس كتلة جبهة التوافق البرلمانية السنية، الذي اغتيل ظهر أول من أمس داخل مسجد الشواف ببغداد بعد انتهائه من خطبة الجمعة.

وقال شهود عيان ومصادر في الشرطة، إن المسلح اقتحم المسجد بعد صلاة الجمعة واقترب من العبيدي الذي كان قد انتهى من الصلاة وأطلق النيران عليه من مسدس مما أسفر عن مقتله على الفور وأربعة آخرين داخل المسجد.

وانتخب العبيدي، وهو العضو المستقل في جبهة التوافق الممثل الرئيسي للسنة العرب، في مجلس النواب قبل أسابيع رئيسا للكتلة البرلمانية للجبهة خلفا لرئيسها السابق إياد السامرائي، الذي تم انتخابه رئيسا للبرلمان منتصف أبريل (نيسان) من هذا العام خلفا لمحمود المشهداني، الذي استقال من منصبه بنهاية ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

والعبيدي رجل دين في منتصف العمر عرف بوسطيته وبخطابه المعتدل وهو إمام وخطيب مسجد الشواف. وجرت مراسم التشييع داخل بناية مجلس النواب العراقي وشارك فيها عدد كبير من المسؤولين الحكوميين وبرلمانيين من مختلف الكتل البرلمانية يتقدمهم رئيس الوزراء، نوري المالكي، ورئيس مجلس النواب إياد السامرائي ونائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي.

وبحسب تقرير لوكالة رويترز فقد حمل حرس الشرف جثمان العبيدي وجثمان مرافقه وسكرتيره الشخصي وزوج أخته، باسل فاضل الدليمي، الذي قتل معه في الهجوم. ووضع الجثمانان على سيارة خاصة لتنطلق بهما إلى حيث مثواهما الأخير. وقال المالكي في مراسم التشييع «إن العبيدي ـ يرحمه الله ـ كان نقطة التقاء وكان دائم الحرص على سلامة المسيرة ووحدة الموقف ووحدة الصف». فيما وصف السامرئي اغتيال العبيدي بأنه «ضريبة نحن نتحملها ومستعدون أن نمضي في تحملها»، وأضاف أن العبيدي كان الصوت «المعتدل الرافض للتطرف والتعصب للطائفية... وما يدعو للأسف أن هذا الصنف من الرجال هو الذي يستهدف ويتعرض للاغتيال والتصفية».

وعمل العبيدي نائبا لرئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية. وكان من أشد الداعين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وانتقد العبيدي أخيرا الاختراقات التي قيل إنها تحدث داخل السجون العراقية وعمليات الاعتداء الجنسي والتعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة التي تمارس ضد السجناء. كما طالب العبيدي مرارا بإطلاق سراح جميع السجينات العراقيات من السجون. ووصف عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية العبيدي بأنه «كان أحد أركان العملية السياسية والاعتدال السياسي، وركنا مهما في مجلس النواب».

وكانت تحذيرات صدرت من قبل سياسيين ومراقبين عراقيين وأجانب حذرت من احتمال تزايد وتيرة العنف في المرحلة التي ستعقب انسحاب القوات الأميركية من المدن والقرى العراقية بنهاية الشهر الجاري وقبل الانتخابات البرلمانية التي ستجرى ببداية العام المقبل. فيما عبر آخرون عن مخاوفهم من تصاعد الاغتيالات. وقال النائب المستقل، الشيخ خير الله البصري، إن اغتيال العبيدي يراد منه «إعادة العملية إلى سابق عهدها المتزمت»، ووصف الاغتيال بأنه «اغتيال للاعتدال واغتيال لحالة التوافق ولحالة الجمع المراد تحقيقها بين العراقيين». ولم تشهد مدينة بغداد ومنذ عام 2003 جنازة رسمية كالتي جرت للعبيدي. ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الاغتيال.

وكانت الأوساط السياسية العراقية على اختلاف مشاربها قد نعت العبيدي واستنكرت الاغتيال، كما استنكرته أوساط عربية ودولية. وقال الشيخ همام حمودي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «لقد اختار أعداء العراق الشيخ العبيدي لعدة اعتبارات أهمها إيمانه بالعملية السياسية الجديدة، ولأنه من دعاة الاعتدال والتقريب بين المذاهب ولدفاعه عن السجناء والمظلومين».

فيما عبر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في بيان وزعته الجامعة العربية أمس، عن أسفه وحزنه للحادث الأليم الذي تعرض له العبيدي، داعيا إلى مواصلة جهود المصالحة بين الطوائف العراقية والإسراع بها وتعميقها حتى يتوجه العراق إلى المستقبل الآمن والمستقر.