الحريري ينتظر انتخاب رئيس البرلمان لتأكيد ترشحه لرئاسة الحكومة

«الإشارات التوافقية» بين الأحزاب السياسية بعد الانتخابات تنعكس إقرارا للموازنة

TT

استمر إطلاق الإشارات الإيجابية في لبنان حيال مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية التي فازت فيها قوى «14 آذار» و«تقبلت» المعارضة نتائجها، والتي يتوقع أن تنسحب إيجابا على الملفات المطروحة للبحث في المرحلة المقبلة، تحت عنوانين رئيسيين هما انتخاب رئيس لمجلس النواب يرجح ـ بما يشبه التأكيد ـ أن يكون الرئيس الدائم للمجلس منذ عام 1992 نبيه بري، ورئاسة الحكومة التي يعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري المرشح «المنطقي» الوحيد لها، إلا إذا ارتأى هو عكس ذلك. وقد تجلى هذا الجو التوافقي في جلسة مجلس الوزراء ليل أول من أمس والتي أقرت فيها موازنة العام 2009 بما فيها موازنة مجلس الجنوب التي أثارت خلافا سياسيا حادا بين رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة.

وقد رفض الحريري أمس تحديد موقفه النهائي من هذا الملف، مفضلا انتظار تمرير انتخاب رئيس للبرلمان بداية، فيما رجح وزير الداخلية زياد بارود وجود «مسار لإعادة انتخاب بري»، معلنا تأييده وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة. وواصل الحريري أمس مشاوراته مع القيادات اللبنانية بعد الانتخابات، وزار أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا، وقال إنه تحدث مع الرئيس عن «الجو التوافقي وضرورة استمراره لأن البلد يحتاج إلى ذلك». وقال: «أكدت لفخامة الرئيس أننا في تيار المستقبل و14 آذار نريد جوا من التوافق والاعتدال حتى نستفيد من الجو الإقليمي الحاصل من حولنا». وردا على سؤال، قال الحريري: «يهمنا أن تكون العلاقة مع سورية علاقة لبنانية ـ سورية، وكما قلت يهمنا مصلحة لبنان أولا اقتصاديا وصناعيا وتجاريا وأمنيا». وعن ترشحه لرئاسة الحكومة، قال: «لا أريد استباق الأمور هناك مسائل دستورية كانتخاب رئيس المجلس النيابي ثم الاستشارات. المهم أن اللبنانيين أعطوا الأكثرية في الانتخابات وأعطوا الأطراف الأخرى أيضا. مسؤوليتنا توحيد اللحمة اللبنانية. نحن على ثوابتنا في قوى 14 آذار، تَهمنا مصلحة المواطن اللبناني أولا. هناك خلافات لكننا سنكمل بطاولة الحوار التي ستشكل من جديد. المطلوب حوار هادئ لا مواقف مسبقة». واعتبر وزير الداخلية زياد بارود «أنه بقدر ما يكون التوافق سائدا، يعكس استقرارا على الأرض»، لافتا إلى أن «ديمقراطية لبنان تفترض التوافق». وقال: «موضوع الموازنة لم يكن موضوعا تقنيا بل سياسيا»، مشيرا إلى أن «ما حصل في جلسة مجلس الوزراء عكس توافقا معينا أثبت أن عمل المؤسسات بدأ ينتظم»، ومنوها بـ«جهود الأجهزة الأمنية التي ساعدت في إجراء الانتخابات في يوم واحد»، ومشددا على «ضرورة تحصين الساحة الداخلية وحماية مؤسسات الدولة والقوى الأمنية». وإذ أشار إلى انعكاس الوضع الإقليمي بطريقة أو بأخرى على الوضع الداخلي اللبناني، اعتبر أن «رئيس الجمهورية وحده يستطيع أن يؤدي الدور الحاضن للتنوع السياسي في البلد بمعزل عن الموالاة والمعارضة وبمعزل عن نتائج الانتخابات، ويضمن إدارة هذا التنوع بصورة صحيحة على مستوى المؤسسات». وأعلن عن تأييده تولي الحريري رئاسة الحكومة، مشيرا في المقابل إلى أن «الرئيس نبيه بري قادر على تأدية دور إيجابي في المرحلة المقبلة، وبالتالي هناك مسار لإعادة التجديد للرئيس بري رئيسا لمجلس النواب». إلى ذلك، توقع وزير الأشغال غازي العريضي المقرب من الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، أن يكون بري رئيسا للمجلس النيابي «استنادا إلى الحكمة والعقل»، واعتبر أن البراعة في الربح والخسارة تستدعي ألا يخوض أحد معركة سياسية خاسرة. وكشف عن نقاش بين الحريري وبري في الأيام القليلة المقبلة سيتناول «كل القضايا بما يمثله الحريري في لبنان قبل الانتخابات وخصوصا بعد الانتخابات، كذلك بما يمثله الرئيس بري، من أجل حماية لبنان بغض النظر عن حتمية أن يكون الرئيس بري رئيسا لمجلس النواب والحريري رئيسا للحكومة». وتوقع كذلك لقاء بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.