موسوي يحذر من «سيناريوهات خطيرة» بعد إعلان فوز نجاد بولاية ثانية

خامنئي يهنئ نجاد ويحذر المعارضين من الاستفزاز * كروبي: النتائج غير شرعية * تعزيزات أمنية وإغلاق وسط طهران

احد انصار موسوي وقد ظهرت خلفه حافلة ركاب محترقة جراء المواجهات مع الشرطة امس (أ ف ب)
TT

وسط حالة من عدم التصديق والتشكيك واتهامات بالتلاعب في نتائج الانتخابات، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات الإيرانية فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية بنسبة 63% من الأصوات، إلا أن المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي رفض الاعتراف بالنتيجة ووصفها بأنها زائفة وقال إنه حدثت تجاوزات وتلاعب خلال التصويت، وحذر من «سيناريوهات خطيرة» و«عواقب مدمرة» تهدد مستقبل إيران.

ووسط حالة من التوتر والتحسب لمواجهات بين أنصار موسوي والأمن انتشرت قوات الباسيدج في طهران، وأغلقت الطرق الأساسية، خاصة تلك المحيطة أو المؤدية إلى وزارة الداخلية الإيرانية حيث تم التصديق على نتائج الانتخابات. وقالت مصادر الإصلاحيين إن السلطات الإيرانية منعت الإصلاحيين من إقامة مؤتمرات صحافية أو تجمعات دعوا إليها للإعراب عن رفضهم للنتائج. إلا أن مير حسين موسوي، الذي كان وعد بعقد مؤتمر صحافي ثم تعثرت محاولاته بسبب منع السلطات له، أصدر بيانا حذر فيه من «سيناريوهات خطيرة» على مستقبل إيران وسط حالة من الاستقطاب السياسي غير المسبوق. وقال موسوي في بيانه إنه لن ينجر إلى «السيناريوهات الخطيرة» التي تهدد إيران بعد الانتخابات، موضحا أنه يندد بـ«التجاوزات الصارخة» التي شهدتها الانتخابات. وتابع موسوي في بيانه: «من واجبي الوطني والديني كشف أسرار هذه العملية الخطيرة، وأن أوضح عواقبها المدمرة على مستقبل البلد»، مشيرا إلى أنه لن يقبل هذه النتيجة. إلا أن المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي بارك فوز نجاد، وحذر المعارضين من الاستفزاز. وقال خامنئي في بيان أذاعه التلفزيون الإيراني أمس: «الرئيس المحترم الذي جرى اختياره هو رئيس كل الأمة الإيرانية وعلى الجميع بمن في ذلك المنافسون في انتخابات الأمس دعمه ومساندته بالإجماع». وتابع: «أنصار المرشح المنتخب وأيضا أنصار المرشحين المحترمين الآخرين عليهم تفادي أي تصرفات أو تصريحات استفزازية». وقال خامنئي إن فوز أحمدي نجاد يعود إلى إنجازاته خلال ولايته الأولى، كما امتدح الإقبال الكبير على التصويت قائلا إنه «ضربة» لأعداء إيران.

وعلى الرغم من الانتشار الأمني، فإن الآلاف من مؤيدي مير حسين موسوي تمكنوا من التجمع والاحتجاج على نتائج الانتخابات، فيما فرق الأمن مظاهرات أخرى. وخرج الآلاف في وسط طهران وهم يرددون: «فليسقط الديكتاتور»، فيما تجمع مئات آخرون بالقرب من مبنى وزارة الداخلية الإيرانية وهم يرددون «الموت للديكتاتور» بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال شاب إيراني من الذين صوتوا لموسوي لم يرد الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «أنا في حالة صدمة، لا أستطيع حتى أن أفكر بشكل صحيح. هذا أمر غريب. لم يحدث أبدا تلاعب مثل هذا في إيران»، موضحا أن البعض يصف الوضع الراهن بأنه «خطير ومن الصعب التنبؤ بما سيحدث». إلا أن آخرين من الميالين إلى المحافظين لم يكونوا بالدهشة نفسها. وقال أحد المراقبين للانتخابات لا يريد الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن اعتبار النتيجة مفاجئة لهذه الدرجة لأن لكل مرشح شعبيته وأرضيته». وكانت الاشتباكات عنيفة للغاية حتى اضطرت الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع ضد أعداد كبيرة من المتظاهرين. وسمعت أيضا أصوات أعيرة نارية بالقرب من ميدان وناك في طهران مما تسبب في إثارة الذعر في المنطقة التجارية المزدحمة.

وكان الآلاف من أنصار مير حسين موسوي، احتشدوا في وسط طهران للاحتجاج على نتيجة الانتخابات وهم يهتفون «ديكتاتورية، ديكتاتورية» راشقين بالحجارة عناصر الشرطة الذين ردوا عليهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع. ولم تشهد العاصمة الإيرانية عنفا مماثلا منذ المواجهات الطلابية في يوليو (تموز) 1999. وأحرق المتظاهرون دراجات نارية تابعة للشرطة وأشعلوا النار على الرصيف في أغصان الأشجار بينما استخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع. وتهشم زجاج نوافذ العديد من السيارات. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه في ساحة وناك، رشق تجمع غاضب الشرطة بالحجارة فردت عليه بالهراوات والحجارة، وعند تقاطع جهان كوداك، عمد متظاهرون آخرون إلى رشق الشرطة بالحجارة وإحراق مستوعبات نفايات. وقالت الوكالة إن رجال الشرطة التي تلقت أمرا بمنع أي تظاهرة، هاجموا مرات عدة المتظاهرين بالهراوات من دون أن يتمكنوا من تفريقهم. وتعرض متظاهرون للضرب في شارع والي عصر بينهم نساء، فيما حاولت عناصر من الشرطة على دراجات نارية تفريق معترضين تجمعوا أمام المقر العام لموسوي. وأضافت الوكالة أنه في الشارع الكبير كانت الأجواء متوترة وطلبت الشرطة من أصحاب المحلات التجارية إغلاقها. وقال مسؤول في الشرطة للمتظاهرين «انتهى وقت الرقص والغناء، سيهشمون أرجلكم إذا بقيتم هنا». ومع حلول الليل، كانت المواجهات لا تزال مستمرة.

وكان وزير الداخلية الإيراني صادق محصولي، المقرب من الرئيس الإيراني، قد أعلن صباح أمس في مؤتمر صحافي، بعد ليلة عصيبة أعلن فيها كل من نجاد وموسوي فوزهما في الانتخابات مما أدى إلى انقسام حاد وانتشار للحرس الثوري في العاصمة والمناطق المهمة، حصول محمود أحمدي نجاد على 22 مليونا و359 ألفا و18 صوتا من مجموع 35 مليونا و424 ألفا و444 صوتا تم فرزها في 350 مدينة من مجموع 366 مدينة، أى نحو 63.36% من الأصوات. فيما حصل مير حسين موسوي علي 12 مليونا و150 ألفا و178 صوتا من مجموع الأصوات، أى نحو 35%، ومحسن رضائي على 607 آلاف صوت، أي نحو 2%، ومهدي کروبي علي 308 آلاف و113 صوتا، أى نحو 1% من الأصوات. كما أظهرت الإحصاءات أن نحو 85% من الذين يحق لهم التصويت صوتوا في الانتخابات، وهى نسبة قياسية غير مسبوقة لا يشبهها إلا توجه أكثر من 75% من الإيرانيين إلى صناديق الاقتراع في مايو (أيار) 1997 للتصويت في انتخابات رئاسية وفي هذه الانتخابات انتخبوا محمد خاتمي. وفيما لا يزال يسود الغموض الطريقة التي سيتصرف بها الإصلاحيون وما إذا كان سيعترفون بالهزيمة أم سيحاولون التصعيد، سادت حالة من الصمت أوساط النخبة الإصلاحية أو القريبة من الإصلاحية، فلم يتحدث حتى مساء أمس رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني المعروف بعلاقته الحادة والمتدهورة مع أحمدي نجاد، ولم يصدر بيانا أو يهنئ الرئيس الإيراني الذي كان قد اتهم رفسنجاني بأنه دعم حملة موسوي ماديا ومعنويا. أما محمد خاتمي، الذي كان قد هنأ موسوي ليل أول من أمس على فوزه، فلم يصدر عنه رد فعل فوري بعد إعلان فوز أحمدي نجاد بالرئاسة. إلا أن مهدي كروبي الذي لم يحصل سوى على نحو 1% من الأصوات فقال إن نتائج الانتخابات «غير شرعية» و«غير مقبولة». ويتوقع أن تدور كثير من المناورات الآن من وراء الستار بين أقطاب الحكم في إيران، خاصة في ظل الاستقطاب السياسي الحالي. وكان مسؤول إيراني سابق عمل في الحرس الثوري لسنوات قد وصف لـ«الشرق الأوسط» الانتخابات الإيرانية بأنها «تضع إيران على مفترق طرق» فيما يتعلق بالتنافس السياسي الداخلي بين أجنحة النظام في إيران، مع ملاحظة أن كثيرين من المحافظين باتوا يعتبرون الإصلاحيين «معارضة». وستعمق حالة الاستقطاب السياسي اتهامات الإصلاحيين لهيئات رسمية في النظام بدعم أحمدي نجاد علانية، كما سيعمق الاستقطاب شعور الإصلاحيين أن عمليات تلاعب كبيرة حدثت، وهذا ما يفسر، في رأيهم، إعلان فوز نجاد حتى في المدن والمناطق المعروف ميلها للإصلاحيين. وفيما يتمتع أحمدي نجاد بدعم المناطق الريفية ومحافظات خراسان الشمالية والجنوبية وغيرها، وهو ما يشكل نحو 24% من أصوات الإيرانيين عموما، إلا أن الورقة الرابحة التي ربما أدت إلى إعادة انتخابه هي تكتل قوات الحرس الثوري والباسيدج وراءه. فنحو 5 ملايين ينتمون لقوات الباسيدج يعتقد أنهم صوتوا للرئيس الإيراني. وكانت شعبية أحمدي نجاد قد تعززت وسط قوات الباسيدج والحرس الثوري بسبب الدعم الذي قدمه لهم على مدار السنوات الأربع الماضية، من حيث القروض والمنح الجامعية والمشاركة السياسية، إذ تم تعيين كثير من قيادات الحرس والباسيدج في المحافظات والجامعات والحكومة وغيرها من مؤسسات الدولة. وظهر دعم قوات الحرس الثوري للرئيس الإيراني في التصريحات التي أدلى بها رئيس المكتب السياسي للحرس الثوري يد الله جواني، قبل يومين من الانتخابات، التي اتهم فيها الإصلاحيين بالتحضير لما سماها «ثورة مخملية» في إيران. وهدد جواني بالتصدي لأية محاولات من هذا القبيل، مشيرا إلى أن استخدام لون معين «يظهر بداية مشروع الثورة»، وذلك في إشارة إلى استخدام مؤيدي المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي للون الأخضر في حملته الانتخابية.

أما السبب الآخر الذي يعتقد أنه دعم إعادة انتخاب نجاد لولاية ثانية فهو رجحان كفة التيار داخل الحكم الذي لا يريد أن يحدث أى تقدم في علاقات أميركا وإيران على يد الإصلاحيين، وهو التيــار نفسه الذي استخدم كل قوته لمنع أي انفتاح إيراني أميركي خلال ولاية محمد خاتمي. ويرى هذا التيــار داخل الحكم أن الانفتــاح الأميركي الإيراني المحتمل من الأفضل أن يحدث في إطــار حكــومة يرأسهــا محافظ، وفي إطــار رؤية المحافظين، وبمــا يعطي المحافظين حقهم على أساس أن سيــاسات نجــاد المتشددة طوال الأربع سنوات الماضية هي التـي دفعت واشنطن إلــى طلب فتح حوار مبــاشر وغير مشروط مع إيران.

* قيود على الاتصالات

* بدأت السلطات الإيرانية اعتبارا من بعد ظهر الجمعة حجب موقعي «يوتيوب» و«فيسبوك»، إضافة إلى عدة مواقع إصلاحية إيرانية على الإنترنت.

* توقف مساء أمس عمل الشبكة الأولى للهاتف الجوال في طهران التي تديرها الدولة. وانقطعت شبكة اتصالات الجوال في عدد من المناطق. وكانت خدمة الرسائل النصية عبر الجوال مقطوعة منذ الجمعة، إلا أن المتظاهرين استخدموا أجهزة اتصال أخرى من بينها الإنترنت لتنسيق المظاهرات.

* نددت منظمة «مراسلون بلا حدود» بـ«الرقابة الكبيرة» التي فرضتها السلطات الإيرانية على الصحافة والمواقع الإلكترونية. وقالت المنظمة في بيان: «في وقت تتأكد فيه عمليات تزوير كثيفة، فإن الدولة تطبق سياسة دعاية ورقابة لإضفاء طابع شرعي على فوز محمود أحمدي نجاد».

* أعلن وزير الداخلية أن أي تجمع أو مظاهرة يجب أن تحصل على تصريح مسبق من وزارته وأن أي تحركات من دون هذا التصريح ستعتبر غير قانونية وستواجه بالشرطة.

* أغلقت المحلات التجارية في عدد من المناطق مساء أمس بسبب المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن.

* أغلقت الجامعات وأجلت السلطات الامتحانات منذ بدء الانتخابات تحسبا لأي اضطرابات مع إعلان النتائج.