وكالة الطاقة الذرية تبحث اليوم ملفات كوريا الشمالية وإيران وسورية

الوكالة ما زالت تنتظر ردود طهران على أسئلتها.. وتعتبر أجوبة دمشق غير كافية

TT

وسط أجواء مشحونة بالقلق تسود روح فيينا التوافقية، أو ما يشار إليه بـ sprit of Vienna، يعقد مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاشرة من صباح اليوم، بمقرها بالعاصمة النمساوية فيينا، اجتماعا دوريا مهما تتصدر أجندته الملفات النووية لكل من كوريا الشمالية وإيران وسورية. يزخر كل ملف من هذه الملفات بما يثير كل اهتمام الوكالة بل غضبها بسبب تجاوزات وشكوى من نشاطات نووية غير معلنة وأخرى معلنة مرفوضة. هذا فيما يحاول مديرها الحالي الدكتور محمد البرادعي وضع اللمسات الأخيرة لعهده الذي تواصل لثلاث دورات كمدير عام. إذ يفترض أن يترك الموقع في 31 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ليتسلمه مدير عام جديد، لا تزال المحاولات متعسرة لانتخابه من بين 5 مرشحين، 3 منهم أوروبيون ورابع جنوب أفريقي وخامس ياباني.

أما فيما يختص بالملف النووي الكوري الشمالي، فقد أكد بيان أخير بلسان الناطق باسم الخارجية الكورية الشمالية أن بلاده ستستأنف تخصيب اليورانيوم. مواصلا أن مجرد التفكير في التخلي عن الأسلحة النووية أصبح خيارا مستحيلا. جاء ذلك في أعقاب تصعيد حاد من جانب حكومة بيونغ يانغ ضد المجتمع الدولي ردا على قرار بالإجماع اتخذه مجلس الأمن الدولي بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية ضد الحكومة الكورية الشمالية بسبب تجربة نووية أجرتها تحت الأرض بتاريخ 25 مايو (أيار) الماضي ولإطلاقها عدة صواريخ، بالإضافة لتجربة صاروخ قصير المدى، وذلك بعد أن كانت بيونغ يانغ قد أعلنت أنها قد استخلصت 30 كلغم من البلوتونيوم. وكانت كوريا الشمالية وافقت في فبراير (شباط) 2007 على التخلي عن طموحها النووي مقابل الحصول على تنازلات دبلوماسية واقتصادية كوقود ومؤن غذائية، وذلك بعد محادثات مكوكية سداسية الأطراف ضمتها وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا والصين بالإضافة للولايات المتحدة، أثمرت عن إجراءات نقلتها وسائل الإعلام للشروع فعليا في تفكيك أكبر مفاعلات بيونغ يانغ النووية، وهو ما فسر حينه بأنه عودة حقيقية لكوريا الشمالية للالتزام بمقررات الضمان النووي، إلا أن حكومة بيونغ يانغ كانت قد عادت واتهمت تلك الدول بالتنصل من الالتزام بما اتفقوا عليه، ومن ثم شرعت في الإسراع بأنشطتها النووية، مؤكدة أنها دولة ذات سيادة لها الحق في إجراء تجارب نووية ما دامت تلك التجارب لا تنتهك أية اتفاقات دولية. متوعدة ببناء المزيد من القنابل النووية والبدء في تخصيب اليورانيوم لاستخدامه في أسلحة نووية..

أما فيما يختص بإيران فلم يشمل تقرير حديث رفعه البرادعي بتاريخ الخامس من هذا الشهر لمجلس أمناء الوكالة عن آخر مراحل التعاون بين إيران والوكالة عن أي جديد. مشيرا إلى أن الوكالة لا تزال تنتظر إجابات لما تبقى من أسئلة معلقة بينهما تكشف خبايا تجارب نووية سابقة وأنشطة حالية. هذا بينما تتمسك السلطات الإيرانية من جانبها بضرورة إغلاق الملف النووي الإيراني وإبعاده عن طاولة اجتماعات مجلس الأمناء، باعتبار أنها قدمت كل ما يمكنها تقديمه من معلومات. فيما تؤكد الدول المناهضة للنشاط النووي الإيراني أن طهران تجاهلت، ولا تزال، قرارات مجلس الأمن ومجلس الأمناء التي تلزمها بوقف أنشطتها النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم. مشيرة للتصريحات الإيرانية المتواصلة عن حق إيران فيما تصفه بنشاط نووي لأغراض غير عسكرية، بما في ذلك إصرار إيران على زيادة تركيبها لأجهزة الطرد المركزي لإنتاج مزيد من اليورانيوم المخصب. منوهة بما قد تسببه إيران من خطر لكون أن التقنية المستخدمة لإنتاج الوقود النووي يمكن استخدامها لتخصيب عالي الدرجات لإنتاج أسلحة نووية. وكان أكثر من مصدر دبلوماسي غربي قد أبدى قلقه بالأمس في حديث مع «الشرق الأوسط» خشية ألا تؤدي إعادة انتخاب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لأية تطورات إيجابية فيما يختص بالمحاولات الدبلوماسية لإعادة إيران لطاولة المفاوضات وصولا للحد من أنشطتها النووية ومما قد يفسد تماما روح فيينا التي يأمل كثيرون أن تسود خاصة بعد التغييرات التي طرأت على موقف حكومة واشنطن بعد تولي الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما لمقاليد الأمور.

في السياق ذاته يناقش الاجتماع الملف النووي السوري في ظل سياسة سورية ملتزمة بأقل التصريحات لكل ما يصدر من اتهامات بشأن أنشطة نووية سورية غير معلنة. وعلى عكس المندوب الإيراني لدى مجلس النواب، السفير علي أصغر سلطانية، الذي يكثر من الردود والتصريحات الإعلامية، مؤكدا موقف بلاده وحقها في نشاط نووي لأغراض سلمية، فإن رئيس الوفد السوري الدكتور إبراهيم عثمان، رئيس وكالة الطاقة النووية السورية، يتجنب تماما، وبقية الوفد، أية تصريحات، مكتفيا بما يقوله داخل قاعة الاجتماعات بأن بلاده لا تمارس أية أنشطة نووية، وأنها قدمت للوكالة كل ما لديها من تفسيرات بخصوص ما عثر عليه مفتشو الوكالة من آثار لليورانيوم في منطقة دير الزور، مفاعل الكبر. ولا تتوقع متابعات «الشرق الأوسط» أن يخرج الاجتماع الذي يبدأ اليوم بإفادات شافية حتى لما استجد من أسئلة بعد أن عثر المفتشون ضمن زيارة روتينية لمفاعل أبحاث بالعاصمة دمشق العام الماضي على عينات في شكل خلايا ساخنة ليورانيوم طبيعيanthropogenic وهو نوع ينتج من أنشطة إنسانية لم تكشف عنه السلطات السورية للوكالة، كما أشار البرادعي في تقريره بتاريخ 5 يونيو (حزيران) الجاري، والذي أشار كذلك إلى أن الجواب الذي تسلمته الوكالة من سورية بتاريخ 24 مايو (أيار) 2009 غير كاف ولا يحمل أجوبة عن علاقة تربط سورية بكوريا الشمالية، كما لا يقدم أجوبة شافية بشأن طبيعة موقع دير الزور، الذي هدمته إسرائيل 2007 بدعوى أنه مفاعل نووي كان في سبيله للتشغيل.