مصادر إيرانية: عمليات التزوير تم الإعداد لها منذ أسابيع.. وأحمدي نجاد رئيس «بالقوة»

أحد الناخبين: سنشهد 4 أعوام أخرى من الدكتاتورية.. إنه انقلاب على الدستورية

TT

سيكون من الصعب التأكد مما إذا كان إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد المزعوم لفترة رئاسة ثانية، والذي ينظر إليه أنصار المعارضة على أنه قرار مفروض من النظام الشمولي الأصولي، تمثيلا لاختيار الرأي العام المحافظ في إيران من عدمه.

وقد كان يوم السبت بالنسبة إلى أولئك الذين توقعوا إيران أقل تشددا، يوم غضب عارم وآمال متبددة وانهيار أوهام خادعة، بدءا من شوارع طهران إلى الدوائر السياسة في العواصم الغربية. وعاش الإيرانيون الذين حلموا بمزيد من الحرية وإدارة أفضل للاقتصاد وصورة أفضل في العالم يوم السبت، لحظات من الاحتجاجات واليأس.

وقد شهدت الشوارع المحيطة بميدان فاطمي القريبة من المقرات الانتخابية لمرشح المعارضة الرئيس مير حسين موسوي، نزول قوات مكافحة الشغب يجوبون الشوارع على دراجات نارية لتفريق مجموعات المتظاهرين الذين تجمعوا لنقل الشائعات والفزع. والاعتداء عليهم. وقال أحد الناخبين: «سنشهد أربعة أعوام أخرى من الدكتاتورية. إنه انقلاب على الدستورية». وأبدى بعض الحاضرين موافقتهم على ما قاله، فيما انخرطت النساء في بكاء شديد. وتحدث البعض عن وجود تمرد فيما كان آخرون أكثر سخرية.

فقال حسن غريبي، بائع العصير الذي يبلغ من العمر 54 عاما، وهو يهزأ ممن أيقظوا آمالهم: «إن الأمر أشبه بفيلم كان جميعهم ممثلين فيه». على الصعيد العالمي واجه الرئيس أوباما وعدد من القادة الغربيين، الذين توقعوا قيام علاقات جيدة مع إيران تساعد في حل مشكلات أفغانستان والعراق والانتشار النووي، توقعات بالتعامل مع رجل، إلى جانب كونه منكرا للهولوكوست، يقف مشتبها به في انتخابات غير نزيهة.

قد تكون هناك بعض الدوائر الانتخابية التي أبدت رضاها بنتائج الانتخابات. فعلى الصعيد الداخلي خاطب نجاد مخاوف المتدينين والفقراء الذين وجدوا التغيير باعثا على القلق، وكذلك الذين أبدوا انزعاجهم من أيام احتفال الشارع السياسي قبل الانتخابات وأولئك الذين رفضوا توجهات موسوي بشأن دور النساء في هذا المجتمع الذكوري شبه الكهنوتي.

كما انضم إليهم الموظفون ورجال الشرطة وأصحاب المعاشات الذين يتمتع جميعهم بكرم سخي يموله النفط وأولئك الذين أحبوا هجومه على الفساد وكذلك الذين أبدوا فخرهم بتحديه للغرب. وعلى عكس حالة السخط الذي يشهده الشارع الإيراني بدت نتائج الانتخابات مطمئنة لصقور السياسة الإسرائيلية وبعض العواصم الغربية الذين خشوا من أن يتسبب انتخاب رئيس معتدل في تخلي العالم عن مراقبته لدولة تطمح في امتلاك قدرات نووية (على الرغم من وعود موسوي بانتهاج سياسة خارجية تصالحية فإنه رفض التخلي عن البرنامج النووي الإيراني الذي تصر إيران على أنه مخصص للأغراض السلمية).

وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين المتشكيين في نوايا موسوي عشية الانتخابات: «حقيقة الأمر أن موسوي سيكون أكثر صعوبة في التعامل معه لأنه سيكون أكثر لطفا من نجاد». وقد تركزت نقاشات الصحافيين الإيرانيين والأكاديميين على السر وراء قرار القيادة الدينية وضباط الجيش والسياسيين دعم نجاد، متسائلين هل أصابهم الفزع من العاطفة غير المتوقعة للتغيير التي طغت في الأسابيع الأخيرة من حملة موسوي؟ أم هل تمادى موسوي كثيرا في وعوده بشأن حقوق المرأة والحرية المدنية والطريقة الأكثر تصالحا مع الغرب؟ أم أن ذلك الصخب كان مجرد وهم وأن النتائج لم تتعدَّ سوى كونها أمنيات؟

وقد سأل المتفائلون في إيران وخارجها أنفسهم عما إذا كانت تلك الاضطرابات التي ملأت الشوارع في إيران مبشرات بقوة شعبية جديدة أم أنها مجرد محاولة لتنفيث الغضب، فعلى الرغم من كون إيران مجتمعا منفتحا على عكس ما يعتقده الكثيرون (هي دولة متقدمة في مجال استخدام الإنترنت من المسنجر و«فيس بوك» ويتابعون إذاعة «بي بي سي» الناطقة باللغة الفارسية والإذاعات الأخرى المستقلة) فإنها لا تزال مجتمعا يخضع للسيطرة.

وقد تركزت التكهنات في الشارع على الصورة التي تم التلاعب بها في الانتخابات، حيث أصر العديد من الناخبين على أن أحمدي نجاد ما كان ليسجل ذلك الفارق في عدد الأصوات.

تقول إحدى الروايات (من شخص يُفترض أن أخاه يعرف شخصا من الدوائر المقربة من صنع القرار) إن محصي الأصوات طُلب منهم التلاعب في الأرقام حيث قيل لهم: «اجعل هذه الـ1.000 لأحمدي نجاد 3.000». فيما أشار آخرون إلى أن أوراق الاقتراع كانت مصممة لتضليل الناخبين، فقد كان الناخبون مجبرين على اختيار مرشح وتسجيل كود. على الرغم من أن موسوي كان المرشح رقم أربعة فإن الكود الخاص بأحمدي نجاد كان رقم 44.

وأشار أحد موظفي وزارة الداخلية التي نفذت عملية فرز الأصوات إلى أن الحكومة كانت تعد لعملة التزوير منذ أسابيع، حيث عمدت إلى فصل أي شخص يشك في ولائه وجلبت أفراد لعملية الفرز من أنحاء مختلفة من البلاد. وزعم الرجل الذي أظهر لنا بطاقة وزارة الداخلية لكنه طلب عدم الكشف عن اسمه: «إنهم لم يتلاعبوا بالتصويت، إنهم لم ينظروا إليه على الإطلاق، فقد قاموا بكتابة الاسم وكتابة الرقم إلى جواره».

وأصرت الحكومة يوم السبت على أن الانتخابات كانت فوق الشبهات وأوضحت أن ستُبدَى سعة صدر لكل من شكك في نزاهة الديمقراطية الإيرانية. ولم تتبدَّ بعد المسارات التي يمكن أن تتخذها المعارضة، فقد أرسل موسوي الذي اختفي وسط شائعات تقول إنه رهن الإقامة الجبرية في منزله، يقول: «لن نتراجع»، لكنه لم يوضح الطريقة التي سيقوم بها هو أو أتباعه بتحدي نتائج الانتخابات.

وقد توقفت خدمات نظام الرسائل النصية التي تعد الشبكة التي تربط المعارضة، كما أُغلقت الجامعات ومواقع الإنترنت والصحف التي اعتبرتها الحكومة عدوانية. ولم يُسمح لموسوي بإلقاء كلمته يوم السبت، ولم يتمكن إلا من نقل رسالة وصف فيها الانتخابات بـ«عرض سحري».

على الرغم من اندلاع أعمال شغب تم التصدي لها بقوة فإنه سادت كذلك يوم السبت حالة من الخوف، على عكس يوم الجمعة، حيث لم يُبدِ الناخبون المعارضون الرغبة في الإعلان عن أسمائهم. وتوقعت إحدى الشابات نتيجة الانتخابات قائلة: «سيتقاطر الناس إلى الشوارع بحلول المساء، لكن أحمدي نجاد سيكون رئيسا بالقوة».

* خدمة «نيويورك تايمز»