موسوي يطعن رسميا في نتائج الانتخابات.. ويدعو أنصاره لاحتجاجات سلمية

اعتقال مئات الإصلاحيين * تجدد الاشتباكات في طهران.. وحرق حافلات.. والشرطة تستخدم الرصاص والغازات لتفريق المحتجين

رجال أمن إيرانيون بملابس مدنية يضربون أنصار موسوي المحتجين على نتائج الانتخابات في طهران أمس (أ.ب)
TT

قدم مير حسين موسوي، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، طعنا رسميا، أمس، في نتائج الانتخابات التي اعتبرها «مزورة»، فيما تواصلت الصدامات العنيفة في شوارع طهران، أمس، لليوم الثاني على التوالي، إثر إعلان فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، التي جرت يوم الجمعة الماضي، وألقت ظلالا من الشكوك، حول نزاهتها. ودعا موسوي أنصاره إلى مواصلة الاحتجاجات، ولكن دون عنف، مؤكدا عدم اعترافه بنتائج الانتخابات. وشنت الشرطة الإيرانية حملة ملاحقات واعتقالات بحق قيادات إصلاحية أمس، طالت أكثر من مائة. ومن بين المعتقلين، أحد أشقاء الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وزوجته، حفيدة الخميني. كما أعلنت الشرطة اعتقال مئات آخرين، من منظمي المظاهرات، و«مثيري الشغب».. وأطلقت ما لا يقل عن أربعة أو خمسة عيارات نارية في الجو لإرغام المتظاهرين على التراجع في إحدى جادات طهران.

وأعلن موسوي في بيان «قدمت طلبا إلى مجلس صيانة الدستور من أجل إلغاء نتائج الانتخابات» بسبب ما اعتراها من «مخالفات». ومجلس صيانة الدستور هو الهيئة العليا المكلفة المصادقة على صحة أي عملية انتخابية، وهو لم يصادق حتى الآن على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت الجمعة. ويتولى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، تعيين جميع أعضاء المجلس سواء مباشرة أو غير مباشرة.

وجرت صدامات جديدة بين العشرات من أنصار موسوي والشرطة استخدمت فيها قنابل مسيلة للدموع، وردد المتظاهرون، الذين تجمعوا في ساحة «ولي العصر» احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس نجاد، «الموت للدكتاتور» ورشقوا الشرطة بالحجارة. وردت قوات الأمن مطلقة قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، وقال صحافي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الشرطة اقتحمت محلات تجارية لجأ إليها بعض المحتجين واقتادت عددا منهم. وأضاف «أطلق شرطيون إيرانيون ما لا يقل عن أربعة أو خمسة عيارات نارية في الجو لإرغام المتظاهرين على التراجع في إحدى جادات طهران».

وقال الصحافي إن الشرطة أطلقت النار في شارع مطهري، ولم يفد عن أي إصابات في الوقت الحاضر. وقال مساعد قائد الشرطة، أحمد رضا رضان، في تصريح للتلفزيون الرسمي، إن الشرطة «استخدمت الغازات المسيلة للدموع في بعض القطاعات لوضع حد للصدامات وأصبح الوضع تحت السيطرة». غير أن المواجهات تواصلت بين الشرطة ومجموعات صغيرة متنقلة.

وتدعم شرطة مكافحة الشغب مجموعات من العناصر باللباس المدني يتنقلون على دراجات نارية ويحملون عصيا طويلة ويعتقد أنهم عناصر من قوات الباسيج الإسلامية. ويحصل تراشق بالحجارة بين المحتجين والشرطة. وقال مصدر صحافي إن شرطة مكافحة الشغب تلاحق أحيانا السيارات التي تطلق أبواقها تأييدا للمتظاهرين، كما تحطم زجاج سيارات متوقفة في الجزء من الجادة الذي تجرى فيه المواجهات.

وطلبت الشرطة من أصحاب المتاجر إغلاقها، وذلك على ما يبدو لمنع المتظاهرين من الاحتماء فيها أثناء ملاحقتهم. غير أن سكان الحي يتركون أبوابهم مفتوحة حتى يتمكن المتظاهرون من الاختباء فيها.

ويقف العديد من المارة يراقبون المشهد من بعيد، فيشجعون المتظاهرين، فيما يصفرون ويهتفون منددين بالشرطيين حين يقتربون. وانتشرت الشرطة بكثافة أمس في شوارع طهران، وتحديدا في محيط وزارة الداخلية.

من جهته أعلن نائب قائد الشرطة الإيرانية، أحمد رضا رضان، أمس، أن قواته اعتقلت 170 شخصا على الأقل على خلفية أعمال الشغب. وقال رضان، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية، «تم اعتقال عشرة أشخاص يعتبرون العقول المدبرة لأعمال الشغب الأخيرة.. وهناك آخرون سيعتقلون قريبا». وأضاف «من بين مثيري الشغب أكثر من 50 منظما ومنسقا تم اعتقالهم أيضا». كما اعتقلت الشرطة 110 أشخاص كانوا «على هامش» التظاهرات، من دون أن يوضح ما إذا كان هؤلاء ناشطين فعليين في الحركة الاحتجاجية أم لا. وأراد رضان بعبارة «العقول المدبرة» العشرة الإشارة إلى القادة الإصلاحيين المعتقلين.

وكان قريب من الرئيس السابق محمد خاتمي أعلن صباح الأحد اعتقال تسعة من هؤلاء القادة الإصلاحيين على الأقل، قبل أن يعلن لاحقا إفراج السلطات عن ثلاثة منهم. من جهة أخرى أوقفت الشرطة ثلاثة مسؤولين آخرين وصحافيين إصلاحيين اثنين، كما أكدت زوجة أحد هؤلاء الموقوفين.

إلى ذلك قال الإصلاحي البارز محمد علي أبطحي، إن أكثر من 100 إصلاحي إيراني ألقي القبض عليهم على خلفية هذه الأحداث. والإصلاحيون الذين ألقي القبض عليهم أعضاء بجبهة المشاركة الإصلاحية البارزة في إيران، ومن بينهم محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، وزوجته، حفيدة الخميني. وأضاف أبطحي، الذي كان يشغل سابقا منصب نائب الرئيس «ألقي القبض عليهم من منازلهم الليلة الماضية (السبت)». وتابع أنه من المتوقع أن يجرى القبض على المزيد. ونفت زوجة موسوي، زهرة رانافارد، تقارير ترددت بأن زوجها اعتقل أو وضع تحت الإقامة الجبرية. وقالت رانافارد، التي قامت بدور بارز في الحملة الانتخابية لزوجها، والتي جذبت عشرات الآلاف من المؤيدين إلى شوارع طهران «صوّت الشعب الإيراني من أجل تغيير أحمدي نجاد، لكن هذه الانتخابات تحولت إلى تعزيز لأحمدي نجاد. لقد تعب الشعب من الدكتاتورية».

وقالت لـ«رويترز» «الناس تعبوا من انعدام حرية التعبير ومن التضخم المرتفع ومن المغامرة في السياسة الخارجية. هذا هو السبب في رغبتهم في تغيير أحمدي نجاد». وقال أحد مساعدي رانافارد إنها حاولت أن تلقي كلمة في جامعة طهران أمس لكنها منعت. ورفض مسؤولو وزارة الداخلية اتهامات الاحتيال، ودعا الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي (أعلى سلطة في إيران) الإيرانيين إلى تقديم الدعم إلى رئيسهم.