الصحافة العالمية: فوز الرئيس الإيراني كارثة لبلاده وللعالم

إيران تنفجر بعد الانتخابات * «سي إن إن»: نجاد لا يضمن أمن معارضيه

TT

احتلت صور الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة الإيرانية أول من أمس بعد إعلان فوز محمود أحمدي نجاد في سباق الرئاسة الإيرانية صدر الصفحات الأولى في غالبية الصحف البريطانية والأميركية.

فقد أعطت جريدة «صنداي تايمز» مثلا صدر صفحتها الأولى لتقرير حول تداعيات إعلان فوز نجاد بما فيها الاشتباكات التي وقعت بين محتجين على هذه النتائج ورجال مكافحة الشغب.

وعلى ستة أعمدة في صدر الصفحة الأولى إلى جانب صورة لشاب إيراني يمشي ملثما في أحد شوارع العاصمة الإيرانية طهران وهو يلوح بعصا طويلة، فيما تظهر في خلفية الصورة نيران مشتعلة، وظهر إلى جانبها عنوان يقول: «إيران تنفجر بعد الانتخابات». وأشارت الجريدة إلى أن الاضطرابات التي شهدتها طهران تعد الأوسع على مدى عقد من الزمان حيث توجه آلاف الشباب إلى الشوارع ليدخلوا في صدام مع رجال الشرطة.

وفي مقالها الافتتاحي ذكرت جريدة «صنداي تايمز» أن الكثيرين على مستوى العالم أملوا بأن تسفر الانتخابات الإيرانية عن خروج نجاد من منصب الرئاسة».

وتشير الجريدة إلى أن مشاعر عدم الرضا تجاه مواقف نجاد الخاصة بإنكار الهولوكوست أو الإصرار على المضي في برنامج إيران النووي المثير للجدل في الغرب، لا يقابلها شعور مشابه على الصعيد المحلي الإيراني، حيث أعطى ثلثا الناخبين أصواتهم له للفوز بدوره رئاسية جديدة. ورفض الرئيس الإيراني المُعاد انتخابه محمود أحمدي نجاد، تقديم ضمانات شخصية لأمن معارضيه، فيما تجددت المواجهات بين قوات الأمن ومناهضين للرئيس المنتخب، في أنحاء مختلفة من العاصمة طهران الأحد، دفعت الأجهزة الأمنية إلى شن حملة اعتقالات واسعة، شملت قياديين إصلاحيين.

وردا على سؤال لكريستيان أمانبور مراسلة شبكة «سي إن إن» بشأن سلامة المعارضين المعتقلين، قال الرئيس الإيراني إن «هناك قانونا في هذا البلد، وجميع الناس سواسية أمام القانون»، رافضا الحديث عن منح ضمانات شخصية لأبرز منافسيه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مير حسين موسوي، الذي طالب من جانبه بإلغاء نتائج الانتخابات. وتابع نجاد قائلا: «في مباراة كرة القدم، الجماهير قد تتعرض لبعض الإثارة، وهذا قد يؤدي إلى حدوث مواجهات بين الناس وقوات الأمن، والناس الذين ينتهكون قواعد المرور سيتعرضون بطبيعة الحال للغرامة بواسطة الشرطة، أيا كانت طبيعتهم، فهذا لا يمثل أي مشكلة».

وعندما كررت أمانبور السؤال مرة أخرى على الرئيس الإيراني، إذا ما كان يضمن سلامة موسوي شخصيا، أجاب نجاد، في أول مؤتمر صحافي بعد إعلان فوزه برئاسة الجمهورية الإيرانية لفترة جديدة، بقوله: «لقد أجبت بالفعل على هذا السؤال». في الغضون، تجددت المواجهات بين قوات الأمن وأنصار مرشح التيار الإصلاحي مير حسين موسوي، الذي أعلن في وقت سابق رفضه لنتائج الانتخابات التي جرت الجمعة الماضي، قائلا إنها شهدت «انتهاكات فاضحة».

فيما أفردت صحيفة «ديلي تلغراف» صفحتين كاملتين بالألوان لتغطية نتائج الانتخابات الإيرانية، وقالت في افتتاحيتها الرئيسية: «فوز أحمدي نجاد كارثة لإيران وللعالم»، وأضافت أن الاتهامات الصادرة في إيران بحصول «تزوير» في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أُعلن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد فيها وما تلاه من اضطرابات واعتقالات في صفوف الإصلاحيين، تحمل خطورة بالنسبة إلى مستقبل البلاد. وأفردت الصحيفة صورا للمعارضين الملثمين في الشوارع وهم يحملون العصي وحرائق في المشهد الخلفي للصورة، وصورة أخرى لرجال الأمن وهم يضربون المعارضين لنتائج الانتخابات، وصورة أخرى لأحمدي نجاد مرفوعا على الأكتاف بين أنصاره. وتجددت المواجهات بين قوات الأمن وأنصار مرشح التيار الإصلاحي مير حسين موسوي، الذي أعلن في وقت سابق رفضه لنتائج الانتخابات التي جرت الجمعة الماضي، قائلا إنها شهدت «انتهاكات فاضحة».

وركزت الصحيفة في تغطيتها من مراسليها على الساعات التي أعقبت إعلان فوز نجاد، حيث اشتبك الآلاف من أنصار موسوي بقوات الأمن، ورددوا شعارات «الموت للطاغية» و«نريد الحرية»، كما قاموا بإحراق دراجات قوات الأمن، وهشموا الواجهات الزجاجية للمحلات. وقالت الصحيفة: «انتشرت وحدات من قوات مكافحة الشغب في عدد من مناطق العاصمة طهران لمنع حصول تجاوزات تهدف إلى إثارة القلاقل في المدينة، كما أن هناك مخاوف من احتمالات تفجر الوضع مع خروج أنصار الرئيس الإيراني للاحتفال بالنصر».

ولخّص شهود عيان تلك المخاوف بقولهم: «جميعنا قلقون أن ينقلب الشعب ضد الشعب. هذا أسوأ أنواع العنف في إيران». يُذكر أن طهران والمدن الأخرى تشهد احتفالات عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث خرج العديد من الإيرانيين في العديد من المدن احتفالا بالفوز.

وأولت صحيفة «نيويورك تايمز» اهتماما كبيرا بالانتخابات في إيران، وقال الصحافي مارك لاندلر في تقرير أمس إن الولايات المتحدة تتابع الوضع عن كثب بعد الإعلان عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الإيرانية الذي أثار ردود فعل متفاوتة في العالم بدءا بإسرائيل التي دعت إلى وضع حد «للإرهاب الإيراني». وكتب بيل كيلر من «نيويورك تايمز» أن «فوز نجاد يعني أن الباب أغلق في وجه الإصلاح والتغيير». أما صحيفة «واشنطن بوست» فقد ركزت هي الأخرى على «العنف المتفجر في شوارع طهران بعد فوز الرئيس الإيراني». أما روبيرت فيسك كبير مراسلي جريدة «إندبندنت» البريطانية في الشرق الأوسط فقد كتب مقالا مطولا بعنوان «إيران تنفجر بعد دعم الناخبين للديمقراتور» في تلاعب لغوي يمزج عند وصفه للرئيس نجاد بين الديمقراطي والدكتاتور. من جانبها أشارت «صنداي تايمز» في افتتاحيتها إلى أن التفسيرين المحتملين لإخفاق المراقبين في توقع فوز نجاد هو المبالغة في تصوير شعبية مير حسين موسوي، أو وقوع تجاوزات نظامية في إجراءات الاقتراع. إلا أن المقال أشار إلى أن فوز نجاد هو إثبات جديد لمدى التعقيد الذي تتسم به منطقة الشرق الأوسط وكونها منطقة غير قابلة للتنبؤ بتطور الأحداث فيها، وأنها مقبرة لطموحات الرؤساء الأميركيين الراغبين في التوصل إلى حلول لمشكلاتها.